رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 يوليو 2006
العدد 1735

مقتل الزرقاوي قد يؤدي الى انشقاق التمرد أو تركيز الهجمات ضد أهداف عسكرية
لماذا يؤكد تنظيم القاعدة أن قائده الجديد في العراق عراقي وتصرّ الولايات المتحدة على أنه مصري؟!

بقلم: إيلين نيكمايرز:

يعتقد المحللون السياسيون والمسؤولون العسكريون الأمريكيون أن مقتل أبي مصعب الزرقاوي، لن يطفىء نار الصراع الطائفي الذي ساعد زعيم تنظيم القاعدة في العراق، في إشعاله والذي يحصد من أرواح العراقيين اليوم، عددا يفوق حملة التفجيرات  وتقطيع الرؤوس التي نفذها الزرقاوي في حياته·

إن مقتل الزرقاوي يعني تغييبا لأكبر الداعين لاستخدام أقصى درجات العنف ضد المدنيين، وهو الأمر الذي جعل الحرب في العراق أمرا رهيبا، لقد نفذ الزرقاوي ومجموعته سلسلة من العمليات الانتحارية، فضلا عن عمليات خطف وقتل الرهائن الأجانب·

ولكن المحللين يعتقدون أن هناك أسئلة حاسمة يطرحها غياب الزرقاوي مثل ما إذا كان مقاتلون أجانب آخرون سيُظهرون نفس شغف الزرقاوي بقتل الأبرياء أم لا؟! وما إذا كان التمرد السني سينقسم على نفسه أم أنه سيوسع قاعدته؟! والأهم من كل ذلك، هل يمكن كبح جماع التصفيات الطائفية بين السنة والشيعة التي ساعدت هجمات الزرقاوي في إذكاء نارها أم لا؟!

يقول ما يكل كلارك، الخبير في شؤون الإرهاب في معهد السياسات الدولية في كنغركوليدج لندن إن "النتيجة الفورية لمقتل الزرقاوي ربما تكون تناميا في العمليات الإرهابية، لأن المتمردين سيحاولون إظهار أن مقتله لم يقصم ظهر المقاومة، أما في المدى المتوسط، أي بعد شهر أو شهرين، فإن مقتله ربما يساعد في تخفيف حدة الصراع الطائفي، ولكن ربما تكون ديناميكية العنف الطائفي قد تجاوزت نقطة اللاعودة"·

لقد كان تنظيم القاعدة في العراق هو الذي يقف وراء معظم الهجمات ضد المدنيين الشيعة وعلى قوات الأمن المؤلفة - في معظمها - من عناصر شيعية، الأمر الذي غذّى العنف بين الطرفين السني والشيعي على مدى السنوات الثلاث الماضية، وعلى الرغم من عدم إعلان أية جهة مسؤوليتها عن هذه الهجمات ذات الدوافع الطائفية، إلاّ أن تفجير المراقد الشيعية في سامراء، أدى الى مقتل الآلاف من المدنيين في بغداد وحدها·

 

قائد ومموّل

 

يقول كلارك إن "مقتل الزرقاوي كان سيساعد في تحقيق الاستقرار في العراق لو أنه حدث قبل عام واحد، حيث إن ذلك كان سيترك آثارا إيجابية أكثر بكثير مما هو عليه الوضع اليوم"··

وقد ركز  القادة العسكريون الأمريكيون على التأثير المحتمل لغياب الزرقاوي، ويقولون إن التمرد سوف يفتقر الى قائد ومموّل، فقد كان الرجل يتمتع بقدرة عالية على القيادة وتجنيد الأتباع وجلب المقاتلين الأجانب الى العراق، وهذا سيؤدي الى إعاقة نشاط التمرد دون شك·

ويقول مسؤول عسكري أمريكي إن "لا أحد في التمرد الآن يمتلك ما كان يتمتع به الزرقاوي من كاريزما وذكاء عملياتي، ونأمل عدم تمكن أي شخص من ملء الفراغ الذي تركه الزرقاوي، وبالتالي تحدث شرذمة وانشقاقات في أوساط التمرد"·

واتهم منتقدو الحملة العسكرية الأمريكية في العراق، الضباط الأمريكيين باستغلال اسم الزرقاوي وتضخيم دور المقاتلين الأجانب للإيحاء بأن التمرد فُرض على سنة العراق فرضا، وليسوا هم الذين يقودونه، وامتداداً لهذا الاستغلال، سارع الأمريكيون للإعلان أن أجنبيا سيخلف الزرقاوي، وعلى الأرجح أن يكون "أبو مصري"·

وكان أبو مصري قد جاء الى العراق عام 2002 وشكل أول خلية لتنظيم القاعدة في بغداد وشارك في إعداد القنابل والمتفجرات·

ويقول الناطق باسم القوات الأمريكية في العراق الميجور جنرال وليام كالدويل إن "الشيء الأساسي الذي نعرفه عن هذا الرجل أنه ليس عراقيا وأنه شارك في مقتل المدنيين،  وهو ليس بالشخص الذي ترغب الحكومة أو الشعب أو قوات التحالف في العراق، بوجوده في هذه البلاد"·

ولا يُعرف الشيء الكثير عن المصري، لدى المواطنين العراقيين أو الخبراء الدوليين، وفي الوقت الذي تؤكد فيه القوات الأمريكية أن خليفة الزرقاوي هو من الأجانب، يصرّ زعماء تنظيم القاعدة في العراق أنه عراقي·

فقد أعلن في عدد من مواقع الإنترنت وفي بيانات وزعت في مساجد الرمادي أن عبدالله بن راشد البغدادي، المولود في بغداد هو الذي تولى قيادة تنظيم القاعدة في العراق·

وقد صدر البيان باسم أبو عبدالرحمن العراقي الذي تم التعريف به بأنه جنرال سابق في الجيش العراقي الذي يقال أنه كان وراء بعض عمليات "القاعدة" ذات الطابع العسكري مثل عملية الهجوم على سجن أبو غريب من عدة محاور·

وجاء في البيان "نحن جهاديون نقاتل باسم الله وليس باسم الزرقاوي أو غيره، ونحن نتعهد للشيخ أسامة بن لادن، أميرنا، بأنه سوف يرى من تنظيم القاعدة في العراق نفسا أطول للقتال ومزيدا من القوة ومزيدا من الضربات ضد الأمريكيين، فبيننا وبينهم حرب طويلة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والنصر من عند الله"·

 

التحدي الأكبر

 

وكانت قد صدرت إشارات من تنظيم القاعدة خلال العام الماضي بأن عبدالرحمن هو نائب الزرقاوي وخليفته المحتمل، ويقال أن الزرقاوي، أصبح في الآونة الأخيرة يشكل عبئا على تنظيم القاعدة بسبب عملياته ضد المدنيين وعمليات تقطيع رؤوس الرهائن، وهي العمليات التي أدت الى تنفير الأنصار بدلا من تجنيد العناصر·

فمثلا يقول عبدالباري عطوان رئيس تحرير صحيفة "القدس العربي" التي تصدر في لندن، والمراقب عن قرب للأصولية الدولية "إنني أعتقدد أن الرئيس بوش قدم مكافأة غير مقصودة لأسامة بن لادن بالتخلص من الزرقاوي الذي أصبح من الصعب السيطرة عليه وفرض نفسه زعيما لتنظيم القاعدة في العراق"·

ووفقا لأحد الضباط الأمريكيين المشاركين لفترة طويلة في الحملة لاصطياد الزرقاوي، فإن ابن لادن وأيمن الظواهري، سيحاولان تعيين قائدا "تكون لديهما سلطة عملياتية عليه" وشخصا يُقدم على قدر أقل من المجازفات الفردية·

ويضيف هذا الضابط أن "مقتل الزرقاوي يحقق لهما هدفين، الأول أنهما يحتسبانه شهيدا، والثاني، استبداله بقائد مطيع وملتزم بخط التنظيم ولا ينفذ العمليات على عاتقه، وهنا مصدر الخطر الأكبر"·

ويرى مراقبون أن هناك احتمالا بأن يؤدي موت الزرقاوي الذي كان يركز على استهداف المدنيين الشيعة أكثر من الأهداف العسكرية وهو ما سبب شرخا بين زعماء تنظيم القاعدة، أن يؤدي الى تركيز التمرد بصورة أكبر على مهاجمة القوات الأمريكية والعراقية·

وعلى العكس مما حدث عند إلقاء القبض على صدام حسين، حين بشّر الأمريكيون والمسؤولون العراقيونن - آنذاك - بانتهاء التمرد، فإن أحدا لم يجرؤ علانية، على التصريح بأن موت الزرقاوي سيضع حدا للتمرد·

ويقول الكولونيل المتقاعد في قوات المارينز ديل ديفيس إننا تعلمنا من دروس الماضي، فقد حدث أن "انتعشت الآمال وارتفع سقف التوقعات من أحداث كثيرة مثل مقتل عدي وقصي، واعتقال صدام، والانتخابات ونقل السيادة وتشكيل الحكومة الجديدة، ولكن في كل مرة كانت دورة العنف تستمر"·

ويقول المحللون إن التحدي الأكبر الذي يواجه حكومة نوري المالكي اليوم هو نزع فتيل التوترات الطائفية، من خلال ما يأمل المسؤولون الأمريكيون أن يكون مصالحة وطنية، وبناء المزيد على هذا النصر الذي تحقق على المتمردين·

الخبير في الشؤون الاستراتيجية والدفاعية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أنطوني كوردسمان أنه "إذا كان الأمر يتعلق بالزرقاوي فحسب، فإنه نصر سياسي ودعائي بدرجة كبيرة ويمكن أن يتلاشى بسرعة مثلما حدث عند إلقاء القبض على صدام أو عند قتل ولديه· فالتركيز المفرط علىه سيحوله شهيدا في نظر أولئك الذين يؤيدون قضيته، فإذا كان مقتل الزرقاوي سيجلب المزيد من العراقيين الى التمرد ويرفع من وتيرة العنف، فهذا يعني أنه ليس بالضرورة أن يكون التمرد أسوأ حالا في غياب الزرقاوي"·

"واشنطن بوست "

طباعة  

غياب الزرقاوي وآفاق الاستقرار في العراق
لماذا أجهض البيت الأبيض ثلاث خطط سابقة لتصفية الزرقاوي؟

 
القوات الأمريكية استغلت الزرقاوي غطاء لجرائمها في العراق