رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 يوليو 2006
العدد 1738

صواريخ "حزب الله" و"حماس" أنهت هيمنة إسرائيل على الجو
الحرب الدائرة في لبنان وفلسطين تصوغ شكل الصراع الإقليمي لسنوات

                                                    

 

·       خبراء إسرائيليون يحذرون: الانتفاضة الثالثة "صاروخية"

·        حرب الصواريخ أسقطت  مفهوم العمق الاستراتيجي

·         الجدار الفاصل في الضفة الغربية يمنع دخول الناس ولا يمنع الصواريخ

·         الصواريخ قصيرة المدى تصل أهدافها خلال ثوان ويصعب اعتراضها

 

بقلم: سكوت ويلسون

تخوض إسرائيل وحركة حماس وحزب الله حربا تتركز للمرة الأولى، في السماء، حيث يتبادلون إطلاق الصواريخ وقذائف المدفعية والغارات الجوية في معارك يقول المسؤولون والمحللون العسكريون إنها ستعيد صوغ الصراع الإقليمي لسنوات مقبلة·

وتعمل حركة حماس، وحزب الله على امتلاك وتطوير ترسانات أسلحة بعيدة المدى لتتمكن من ضرب إسرائيل في العمق· وتجد إسرائيل من الصعب عليها تعقب واكتشاف منصات إطلاق الصواريخ لدى الحركتين، كما أن الصواريخ قصيرة المدى يمكنها الوصول لأهدافها خلال ثوان، مما يجعل من المتعذر اعتراضها، لقد سيطرت إسرائيل على الفضاء طوال السنوات الماضية، لكنها تواجه الآن تحديا جديدا من الصواريخ التي يطلقها حزب الله وحركة حماس في ضرب المدن الإسرائيلية، وقد تقلل "حرب الصواريخ" من شأن العمليات البرية واسعة النطاق التي اعتمد عليها الجيش الإسرائيلي في الماضي·

لقد أدى انسحاب إسرائيل من قطاع غزة العام الماضي ومن جنوب لبنان عام 2000 ، إلى حرمان حركة حماس وحزب الله من الأهداف التي كانا يضربانها بانتظام مثل نقاط الجيش والمستوطنين والجنود·

يقول كبير الباحثين في مركز شاليم في القدس مايكل أورين الذي ألف كتابا مهما حول حرب الأيام الستة عام 1967،  إن "إسرائيل سيطرت على الأجواء لفترة طويلة، أما الآن، ولأن حماس وحزب الله عجزا عن إسقاط الطائرات الإسرائيلية، فقد طورت هاتان المجموعاتان وسيلة لمحاولة السيطرة على السماء من خلال الصواريخ، ومقدرتنا على إسقاط الصواريخ محدودة جدا"·

لقد حذّّر رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه الأخير من أن "إسرائيل لن تقبل بالعيش في ظل الصواريخ التي تسقط على مواطنيها" والآن، يمكن لخطة أولمرت الانسحاب من بعض أجزاء الضفة الغربية التي يعتبرها بعض الإسرائليين عمقا استراتيجيا لإسرائيل في المناطق الوسطى الضيقة، أن تجعل إسرائيل أكثر عرضة للهجمات الصاروخية مما حدث لدى انسحابها من غزة وجنوب لبنان·

 

انتفاضة باليستية

 

فالجدار الفاصل الذي قال أولمرت إنه سيشكل حدود الدولة العبرية الشرقية، يمكنه أن يمنع دخول الفلسطينيين ولكنه لن يحول دون وصول الصواريخ الى العمق الإسرائيلي، لقد حذر المسؤولون العسكريون الإسرائيليون من أن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قد تكون "انتفاضة باليستية" لكن آخرين يقولون أن انسحابا مبنيا على التفاوض من الضفة الغربية، سيؤدي الى تخفيف التوتر مع الفلسطينيين وقد يقود لقيام دولة فلسطنية·

وقد أدت الحملة العسكرية التي يقودها الجنرال دان حالوتس الذي كان قائدا للقوات الجوية قبل أن يتولى رئاسة أركان الجيش، الى تدمير عدد من خطوط النقل التي تربط لبنان بسورية وعدد من الجسور وإغلاق مطار بيروت الدولي، أي قطع لبنان عن العالم الخارجي ومحاولة قطع خطوط الإمدادات العسكرية لحزب الله، ولكن إسرائيل لم تتمكن من وقف حزب الله عن إطلاق أكثر من سبعمئة صاروخ خلال أسبوع واحد على شمال إسرائيل·

يقول البريغارير جنرال إيدو نيهوشتان عضو هيئة أركان الجيش الإسرائىي "إننا حين ننظر الى الصورة الأكبر، فنحن أمام حرب مختلفة تماما عن الحروب السابقة" ويضيف أن نجاح إسرائيل في هذا الصراع بين الجيش الإسرائيلي الذي يعتبر واحدا من أكثر الجيوش تقدما في العام وميليشيات مسلحة تستخدم المناطق السكنية غطاء لها، من شأنه أن يبعث برسالة واضحة الى مجموعات أخرى تخوض حربا ضد الدولة العبرية·

لكن نيهوشتان أقر بأن إسرائيل تواجه الكثير من الصعوبات بما فيها كيفية اعتراض الصواريخ والكلفة العالية للقنابل شديدة الدقة ضد صواريخ حزب الله التي تكلّف أحياننا مئات الدولارات فقط،، ومحاولة الحدّ من الإصابات في صفوف المدنيين في حرب تجري وسط الأحياء السكنية "إنها حرب غير متكافئة في أوضح صورها، ولكن نتيجتها تعني الكثير بالنسبة للنشاط الإرهابي ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالم أجمع"·

 

حل سياسي

 

لقد كان سلاح الجو المزود بأحدث الطائرات الأمريكية وطائرات الهيلوكابتر المقاتلة هو مفتاح الانتصارات التي حققتها إسرائيل على مدى العقود الماضية، فخلال حرب 1982، أسقط سلاح الجو الإسرائيلي مئة طائرة سورية مقاتلة دون سقوط طائرة واحدة لإسرائيل·

ولكن هذه الانتصارات أسهم فيها أيضا سلاح الدروع وقوات المشاة، لقد اتضحت محدودية ما يمكن إنجازه من خلال الطيران في الانتفاضة الفلسطينية الأولى في نهاية الثمانينات التي كات سلمية في معظمها، ولكن هذا الوضع تغيّر في الانتفاضة الثانية، حين استخدمت إسرائيل سلاح الجو في قصف المباني الحكومية في الضفة الغربية وغزة وإطلاق الصواريخ في اغتيال الناشطين الفلسطينيين·

ويحذر غابريل شيفر، -بروفيسور - العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس من أنه "حتى لو نجحت عملية عسكرية في وقف إطلاق الصواريخ مؤقتا من لبنان وغزة، فيجب على إسرائيل أن تدفع ثمنا ما، ولا سيما التفاوض من أجل وقفها الى الأبد، ولن يتوقف إطلاق الصواريخ إلاّ بحل سياسي وثقافي للصراع العربي الإسرائيلي"··

لقد بدأت إسرائيل بتطوير أنظمة مضادة للصواريخ بعد حرب الخليج 1991 حين تعرضت الدولة العبرية للقصف بصواريخ سكود من العراق، بالرغم من نصب نظام باتريوت الأمريكي للدفاع الصاروخي، وبالرغم من آلاف الطلعات الجوية للمقاتلات الأمريكية فوق منطقة الصحراء غرب العراق بحثا عن منصات إطلاق هذه الصواريخ·

ومنذ ذلك الحين، نشرت إسرائيل نظام "آرو - 2" المضاد للصواريخ المصمم لإسقاط الصواريخ الباليستية مثل سكود المعدّل في سورية، ولكنه لا يمكن اعتراض صواريخ كايتوشا أو القسام، قصيرة المدى·

وبدأت إسرائيل بمساعدة من الولاياتالمتحدة، بتطوير نظام مضاد للصواريخ يعمل بالليزر ضد الصواريخ قصيرة المدى مثل الكاتيوشا، وبالرغم من بعض التجارب الناجحة عليه، انسحب الجيش الأمريكي من المشروع·

وفي غزة، تعتمد إسرائيل بدرجة كبيرة على الغارات الجوية والمدفعية لضرب مصادر إطلاق صواريخ "القسام" التي وصل أبعد مدى لها حتى الآن الى تسعة أميال، ومن أجل إيقاف إطلاق صواريخ القسام، أطلقت إسرائيل أكثر من 12  ألف قذيفة مدفعية على غزة ونفذت العشرات من عمليات الاغتيال من الجو، منذ انسحابها من غزة في شهر سبتبمر 2005·

 

تكتيك

 

ويقول الميجور جنرال إسحق بن إسرائيل المسؤول السابق لإدارة التخطيط بوزارة الدفاع الإسرائيلية إنه "كلما كان مدى الصواريخ أقصر كان من الأصعب التعامل معها، فالوقت الفاصل بين إعداد الصاروخ وضرب الهدف هو ثوان معدودات، ولا يمكن أن نفعل بها شيئا"·

وفي لبنان، فإن التهديد الرئيس لإسرائيل هو صاروخ الكاتيوشا الذي يبلغ مداه الى 25 ميلا، وتلك الصواريخ المطوّرة منه من حيث مداه وقوته التفجيرية·

ويوضح بن إسرائيل أن من الأسهل على إسرائيل التعامل مع الصواريخ بعيدة المدى لأنها تحتاج الى منصات إطلاق متقدمة يسهل على سلاح الجو الإسرائيلي كشف أماكنها، ويقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن عدد الصواريخ الذي يطلق على إسرائيل تراجع في الأيام القليلة الماضية، ولكن أحدا لا يجزم إن كان ذلك نجاحا لسلاح الجو الإسرائيلي أم تكتيكا يتبعه حزب الله·

كماأن الصواريخ طويلة المدى باهظة الثمن، الأمر الذي يعني أن لدى حزب الله القليل منها فقط·

وباعتماده على الضربات الجوية والتوغلات المحدودة حتى الآن، فقد تفادى إيهود أولمرت عملية برية أطول وأكثر دموية قد تقود إلى احتلال في الجنوب لا يحظى بدعم شعبي في الداخل·

ويذهب أورين الذي شارك في غزو 1982 الى القول بأن امتلاك حزب الله لترسانة من الصواريخ بعيدة المدى يشير إلى أن "فكرة العمق الإقليمي تفقد معناها، ومن الواضح هنا أن الحل سياسي ودبلوماسي في المقام الأول، وليس هناك حل سياسي للأزمة"·

المحلل العسكري في صحيفة هآرتس الإسرائيلية زئيف شيف يقول إنه "إذا أردنا التخلص من الصواريخ، فعلينا احتلال جنوب لبنان، وإذا سيطرنا على هذه المنطقة فقد نجد حلا لمشكلة الصواريخ قصيرة المدى، ثم يقال لك أن حزب الله سوف يمتلك الصواريخ بعيدة المدى، فهل نحتل شمال لبنان؟ ثم ما بعد شمال لبنان·· وهكذا"·

"عن واشنطن بوست"

طباعة  

أمريكا تمول حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين