رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 يوليو 2006
العدد 1738

زينب تروي تفاصيل لحظات مجزرة مروحين
ناديت أبي فلم يُجب ...وكان أهلي جميعاً أشلاء

                                                    

 

غداً أو بعد غد ستتوقف هذه الحرب التي يشنّها العدو الإسرائيلي على الجنوب وعلى لبنان· سيروي من يبقى على قيد الحياة من أبناء القرى التي ابتليت بالمجازر حكايات الرعب المخيف والمآسي الإنسانية الفظيعة·

مروحين الجنوبية قتلت إسرائيل من أبنائها بدم بارد وعن سابق إصرار وترصّد 23  شخصاً دفعة واحدة··· مع العلم أن إسرائيل هي التي أنذرتهم وطلبت منهم الرحيل والمغادرة وما إن تركوا بيوتهم حتى تعرّضوا للقصف من البحر ومن الجو··· الباقون منهم نزحوا إلى ثانوية البنات الرسمية في صيدا وتشرف على إغاثتهم مؤسسة الحريري··· ابراهيم العبدالله يروي كيف تلقى أهالي مروحين الإنذار بإخلاء البلدة وكيف ذهبوا الى مقر الامم المتحدة الذي "رفض عسكريوه اسقبالنا"، كان وضعنا صعباً للغاية، وكنا في قافلة أطفال وشيوخ ونساء والقصف ينهمر حولنا، وعدنا الى الضيعة وذهبنا الى أم التوت لا ندري الى أين نتوجّه وصراخ الأطفال يدفعنا لتدبّر مخرج من هذه المشكلة، فذهبنا باتجاه البياضة شمع··· زينب ابنة الـ18 ربيعاً التي فقدت كل عائلتها أمها وأبيها وأخوتها وأشقائها وغيرهم في تلك المجزرة، نجت من الموت وهي مصابة في بطنها وقدمها ويدها· تروي زينب حكايتها مع الموت وكيف أنقذت نحو 115 فرداً من بلدتها، تقول وهي تبكي عند وصولنا إلى منطقة بين شمع والبياضة تعطّل "البيك آب" الذي كان يقوده والدي، توقفنا، نزل لإصلاحه وكانت القذائف تنهمر علينا، حاولت الهرب، لكن البارجة كانت تقصفنا وشاهدتها بعيني وسقطت قذيفة علينا، وعدت لأقول لوالدي إنهم يقصفوننا فوجدته غارقاً في دمه ولم يُجبني··· لقد مات· وجدت أبناء أخي حسين وحسن ومحمد وعلي ومحمود وأختي وزوجة أخي ثناء وزوجة خالي زهراء وابنيها··· وجدتهم كلهم إما أشلاء ممزقة وإما يحترقون· سمعت صراخ بعضهم وأنين البعض الآخر، ماذا أفعل لقد ماتوا جميعهم؟! كنا 28  فرداً مات منّا في هذه المجزرة 23  شخصاً من عائلتين، ومعظمهم من عائلتي، رحت أستغيث ولا مَن يجيب أو يسمعني·

تضيف زينب: "وحتى من لم يمت بقصف البارجة جاءت الطائرات الإسرائيلية وأغارت على القافلة من جديد، ألقت الطائرات قنابل فيها مسامير وشظايا فأُصبت في بطني ويدي وساقي· سالت الدماء مني، لكني حاولت الهرب رغم إصابتي، وجدت ابنة أخي كامل وتُدعى لارا، وعمرها لا يتعدى السنوات الأربع، وجدتها أمام أمها التي تحوّلت الى جثة محترقة، وكانت الطفلة تبكي لا بل تصرخ، كما وجدت ابنة خالي وعمرها ثماني سنوات على قيد الحياة فأمسكت بهما وسحبتهما معي لأكثر من 150 متراً· وظننت أن كل شيء سوف ينتهي ونموت أيضاً، لأن أصوات القذائف كانت تلاحقني، تمكّنا من السير الى أن شاهدت قافلة من السيارات قادمة باتجاهنا وتودّ إكمال طريقها باتجاه المجزرة، وقفت وسط الطريق وأوقفتهم ورحت أتوسّل إليهم أن يرجعوا، لأن إسرائيل قتلت كل عائلتي وأشقائي وأبناء أشقائي"· وراحت تبكي بصمت·

تتدخل هند الأحمد قائلة: إن زينب رغم إصابتها أنقذت 115 شخصاً من أهالي مروحين كانوا معنا على متن قافلة واحدة، وتمنّت علينا العودة وعدم إكمال الطريق· أما لارا فتسأل دائماً عن أمها وعن أشقائها وتبكي· أديبة مصلح التي يزيد عمرها عن السبعين عاماً تندب وتبكي وتصرخ وتسأل عن زوجها الذي فقدته في مروحين، ولا تعرف عنه شيئاً، هامت على وجهها خلال القصف ووجدت نفسها في صيدا من دون أن تدري أين هي ··· تتمنّى لو أنها تعرف أي شيء عنه، وأديبة فقدت أيضاً تسعة أشخاص من عائلتها في مجزرة مروحين·

طباعة  

ماما ··· حبيبتي··· ديري بالك
 
زوجة أحد الجنديين الأسيرين:
أعيدوا إيهود إلى منزله وكلبه

 
لقطات مصورة من لبنـان