رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 سبتمبر 2006
العدد 1742

مصالح واشنطن في حرب إسرائيل على لبنان

 

 

·         تنسيق أمريكي- إسرائيلي سابق لخطة قصف جوي قبل بضعة أشهر من العدوان

·         الحرب على حزب الله نموذج خيب آمال بوش في ضربة مماثلة لإيران

·         خطة أمريكية طويلة الأمد لتأليف "تحالف سني" يخدم مصالحها تسقطها صواريخ المقاومة

·       رامسفيلد كان  أكثر خشية على جنوده في العراق من أي شيء آخر

·         مفاجأة المقاومة قلبت موازين كثيرة

 

سيمور م· هيرش "14/8/2006"

في الأيام التي تلت عبور "حزب الله" من لبنان الى إسرائيل في 12  يونيو لاختطاف جنديين، مما أطلق شرارة هجوم جوي إسرائيلي على لبنان وحرب واسعة النقطاق بدا أن إدارة بوش سلبية غريبة·

ففي قمة الدول الثماني في بطرسبرغ في 16 يوليو قال الرئيس جورج بوش: أصبح واضحا الآن لماذا ليس لدين سلام في الشرق الأوسط·

ووصف العلاقة بين "حزب الله" ومسانديه في إيران وسورية بالقول أنها أحد جذور أسباب عدم الاستقرار·

وأضاف تبعا لذلك إن  إنهاء الأزمة بيد هذين البلدين، بعد يومين ورغم دعوات بضعة حكومات للويات المتحدة الأمريكية أن تتولى قيادة المفاوضات لإنهاء القتال قالت وزيرة الخارجية كونداليسا رايس أنه يجب تأجيل وقف إطلاق النار الى "أن تسمح الأوضاع" ولكن حكومة بوش كانت قد انخرطت انخراطا وثيقا في التخطيط لهجمات إسرائيل الانتقامية·

وكان الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني مقتنعين كما قال لي موظفون في الحكومة وجال مخابرات سابقون وحاليون، بأن حملة قصف ناجحة للقوات الجوية الإسرائيلية ضد مجمعات حزب الله الصاروخية الحصينة تحت الأرض، ومجمعات القيادة والسيطرة في لبنان يمكن ان تخفف هواجس إسرائيل الأمنية  وتفيد أيضا كمقدمة للهجموم الاستباقي الأمريكي المحتمل لتدمير منشآت إيران النووية وبعضها مدفون عميقا تحت الأرض·

وشدد الخبراء العسكريون والأمنيون الإسرائيليون الذين تحدثت معهم على أن قضايا البلد الأمنية المباشرة كانت سبباً كافيا لمواجهة حزب الله بغض النظر عما ارادته إدارة بوش وأخبرني "شبتاي شافت" أحد مستشاري الكنيست للأمن القومي الذين ترأس الموساد "وجهاز مخابرات إسرائيل الخارجية" من 1989 الى 1996 أننا تفعل ما نعتقد أنه الأفضل بالنسبة لنا فإذا حدث وأن استجاب الفعل لمتطلبات أمريكا، فما ذلك الا جزء من علاقة بين صديقين، حزب الله مسلح  حتى الأسنان، ومدرب على أفضل تقنية متقدمة لحرب العصابات وكانت المسألة  مسألة وقت وكان علينا أن نعالجها·

ينظر الإسرائيليون الى حزب الله بوصفه تهديدا عميقا منمظة إرهابية تعمل على حدودهم ذات ترسانة عسكرية تعاظمت قوته بمساعدة من إيران وسورية منذ انتهاء الاحتلال الإسرائيلي لجنوبي لبنان في العام 2000 وقد قال أمين عام حزب الله الشيخ حسن نصر الله أنه لا يؤمن بأن إسرائيل "دولة شرعية"·

وقدرت المخابرات الإسرائيلية مع مستهل الحرب الجوية أن حزب الله يملك حوالي 500 صاروخ ؟؟؟ المدني من نوع فجر 2 و فجر 5 وبضعة عشرات من صواريخ زلزال البعيدة المدى وهذه الصواريخ مداها يبلغ حوالي 200 كم يمكن أن تصل  تل ابيب "ضرب احدها حيفا في اليوم الذي اعقب الاختطاف" ويمتلك الحزب أيضا 12 ألف صاروخ قصير المدى وقد أطلق على إسرائيل مذن بداية الأزمة أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ من هذا النوع·

التفكير بإيران

بناء على اقوال خبير شرق أوسطي على معرفة بالتفكير الراهن للحكومتين الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء فإن إسرائيل اعدت خطة لمهاجمة حزب الله واشركت بها موظفي إدارة بوش قبل حادث الاختطاف في 12 يونيو قال هذا الخبير ليس الأمر إن لدى الإسرائليين شركاً يدخل فيه حزب الله ولكن كان هناك شعور قوي في البيت الأبيض بأن الإسرائيليين عاجلاً ام آجلاً سينفذون الخطة·

وقال الخبير الشرق أوسطي أنه كان لدى الإدارة الأمريكية عدة أسباب لدعم حملة القصف الإسرائيلية وقد تم النظر اليها في داخل وزارة الخارجية على أنه طريقة لتقوية الحكومة اللبنانية بحيث تتمكن من بسط سلطتها على جنوب البلد الذي يسيطر حزب الله على معظمه، وأضاف: لقد كان تركيز البيت الأبيض أكثر على تجريد حزب الله من صواريخه، لأنه إذا كان هناك خيار عسكري ضد منشآت إيران النووية فيجب التخلص من الأسلحة التي يمكن أن يستخدمها حزب الله في رد انتقامي محتمل ضد إسرائيل، وقد أراد بوش كلا الأمرين، لقد كان بوش يستهدف إيران بوصفها جزءاً من "محور الشر" ومواقعها النووية وكان مهتما باستهداف حزب الله كجزء من اهتمامه بالديمقراطية واعتباره لبنان إحدى جواهر تاج الديمقراطية في الشرق الأوسط"·

وأنكر المسؤولون في الحكومة الأمريكية أنهم عرفوا بخطة الحرب الجوية الإسرائيلية  ولم يجب البيت الأبيض عن قائمة  بالأسئلة التفصيلية وفي رد لطلب منفصل قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي إنه "قبل هجوم حزب الله على إسرائيل لم تعط الحكومة الإسرائيلية أي مسؤول في واشنطن أي سبب للاعتقاد بأنها كانت تخطط للهجوم"·

وحتى بعد 12 يونيو فنحن لم نعرف ما كانت عليه الخطط الإسرائيلية وقال ناطق باسم البنتاغون "وزارة الدفاع الأمريكية" تظل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بحل دبلوماسي لمشكلة برنامج إيران السري للأسلحة النووية، وأنكر القصة كما فعل ناطق باسم الخارجية الأمريكية·

بداية التخطيط

الولايات المتحدة وإسرائيل تتعاونان استخباراتيا وبينهما تعاون عسكري وثيق منذ عقود، ولكن في أوائل هذا الربيع وفقا لأقوال مسؤول سابق رفيع المستوى في المخابرات بدأ مخططون من مستويات عليا من القوات الجوية الأمريكية وتحت ضغط البيت الأبيض من أجل وضع خطة حرب تتضمن ضربة حاسمة ضد منشآت إيران النووية بإجراء مشاورات مع نظرائهم في القوات الجوية الإسرائيلية، وقال هذا المسؤول السابق "كان السؤال الكبير بالنسبة لقواتنا الجوية هو كيفية ضرب سلسلة من الأهداف الصعبة في إيران بنجاح فمن هو أقرب حليف للقوات الجوية الأمريكية في تخطيطها؟ ليس الكونغو بالطبع بل إسرائيل· وكل الناس تعرف أن المهندسين الإيرانيين كانوا مستشاري حزب الله بشأن الأنفاق ومواقع الصواريخ تحت الأرض وهكذا ذهبت القوات الجوية الأمريكية الى الإسرائيليين مع بعض التكتيكات الجديدة وقالوا لهم: "دعونا نركز على القصف ونتقاسم ما لدينا تجاه إيران وما لديكم تجاه لبنان، ووصلت النقاشات الى هيئة الأركان ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد"·

أحد مستشاري الحكومة الأمريكية ذو الارتباطات الوثيقة بإسرائيل قال "أخبرنا الإسرائيليون أنها ستكون حرباً زهيدة الثمن مقابل فوائد كثيرة، ولماذا تفترضون هذا؟ لأننا سنكون قادرين على إسقاط الصواريخ في مواقعها والأنفاق والمخابئ من الجو، وسيكون هذا نموذجا لما سيحدث في إيران"·

وقال أحد مستشاري البنتاغون إن بيت بوش الأبيض كان "يتوق في بعض الأوقات الى العثور على سبب لتوجيه ضربة استباقية الى حزب الله"· وأضاف: "لقد كان في نيتنا إنهاء حزب الله، والآن لدينا من يفعل هذا، (في وقت إرسال هذا المقال الى المطبعة أصدر مجلس الأمن قرار وقف إطلاق النار مع أنه لم يتضح ما إذا كان سيغير الوضع على الأرض)·

وفقا لرتشارد أرميتاج الذي عمل كوكيل للخارجية في فترة بوش الأولى والذي قال في العام 2002 إن حزب الله "ربما يكون الفريق الإرهابي الأول" فإن حملة إسرائيل في لبنان، التي واجهت صعوبات غير متوقعة ونقدا واسعاً ربما في النهاية تخدم كتحذير للبيت الأبيض في موضوع إيران "إذا كانت أكثر القوى العسكرية سطوة في المنطقة، الجيش الإسرائيلي، لا تستطيع إخضاع بلد مثل لبنان بسكانه البالغ عددهم أربعة ملايين، فعليك أن تفكر باحتراس حول نقل هذا القالب الى إيران ذات العمق الاستراتيجي وعدد سكان يبلغ 70 مليوناً" وأضاف أرميتاج: "الشيء الوحيد الذي حققه القصف حتى الآن هو توحيد السكان ضد إسرائيل"·

وأخبرني عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين المعنيين بالشرق الأوسط أن إسرائيل رأت في اختطاف الجنود ضربة حظ لتطلق حملتها العسكرية المخططة سابقا ضد حزب الله· وقال أحد مستشاري الحكومة الأمريكية الذي يمتلك روابط مع إسرائيل: "إن حزب الله يشبه آلية ساعة، كان يقوم بعمل صغير كل شهر أو شهرين"·

فقبل أسبوعين من بداية الأحداث في لبنان، في أواخر حزيران، حفر أفراد من حماس، الجماعة الفلسطينية، نفقا تحت الحاجز الذي يفصل جنوبي غزة عن إسرائيل واعتقلوا جنديا إسرائيليا· وحماس أيضا أطلقت سلسلة من الصواريخ على المدن الإسرائيلية بالقرب من الحدود مع غزة وردا على ذلك أطلقت إسرائيل حملة قصف مكثفة وأعادت احتلال أجزاء من غزة، ولاحظ مستشار البنتاغون أنه كانت هناك أيضا حوادث عبور حدود من كلا الطرفين، إسرائيل وحزب الله في كلا الاتجاهين أحيانا "وكانا يتبادلان القنص· ويمكن لأي طرف أن يشير الى بعض الحوادث ويقول علينا أن نقاتل هؤلاء، لأن الطرفين كانا في حالة حرب"·

لا حاجة لمبرر

ديفيد سيجل الناطق باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن قال إن القوات الجوية الإسرائيلية لم تكن تبحث عن سبب لمهاجمة حزب الله "نحن لم نخطط للحملة فهذا قرار فرض علينا، وكانت هناك تحذيرات متواصلة من أن حزب الله كان يضغط للقيام بالهجوم، فهو يهاجم في كل شهرين أو ثلاثة" ولكن اختطاف الجنود أوصل الأمر الى حده الأقصى·

وفي اللقاءات  الصحافية، أجمع عدد من الأكاديميين والصحافيين والعسكريين المتقاعدين وضباط المخابرات الإسرائيليين على قضية واحدة، هي اعتقادهم بأن القيادة الإسرائيلية، وليست واشنطن، هي التي قررت أن عليها الذهاب الى الحرب على حزب الله· وأظهرت استطلاعات الرأى أن طيفا واسعا من الإسرائيليين يدعم هذا الخيار· وقال "يوسي ميلمان" أحد الصحافيين في جريدة "هآرتس" الذي كتب بضعة كتب عن أوساط المخابرات الإسرائيلية: "المحافظون الجدد في واشنطن قد يكونون مسرورين، ولكن إسرائيل لم تكن بحاجة الى من يدفعها، لأنها كانت تريد الخلاص من حزب الله ووفر لها الحزب باستثارتها هذه الفرصة"·

وقال مسؤول إسرائيلي: "كنا نواجه معضلة، وكان على إيهود أولمرت رئيس الوزراء أن يقرر ما إذا كان عليه أن يمضي استجابة للداخل وهو ما نفعله دائما أم أن عليه أن يذهب نحو رد فعل واسع، نحو التغلب على حزب الله مرة واحدة والى الأبد"·

ولم يتخذ أولمرت قراره إلا بعد سلسلة من محاولات الإنقاذ الإسرائيلية الفاشلة للجنديين·

ولكن مستشار الحكومة الأمريكية ذا الروابط  الوثيقة بإسرائيل أخبرني أنه من المنظور الإسرائيلي، فإن قراراً بعمل قوي أصبح لا مناص منه قبل ذلك بأسابيع، بعد أن التقطت وحدة مخابرات الجيش الإسرائيلي المعروفة باسم وحدة "8200" إشارة تنبئ بهجوم في أواخر الربيع وأوائل الصيف تشارك فيه حماس وحزب الله وخالد مشعل زعيم حماس الذي يعيش في دمشق الآن· وكانت إحدى المكالمات التي تم اعتراضها تتحدث عن لقاء في أواخر مايو لقيادة حماس السياسية والعسكرية يشارك فيه مشعل هاتفيا، وفيها أن قادة حماس قالوا بأن انتصار حماس في الانتخابات لم يعد يفيدها بشيء· وأنهم اقترحوا العودة الى العمليات الإرهابية للحصول على تنازلات من الحكومة الإسرائيلية· وأضاف المستشار، بأن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على أنه اذا فعلت قيادة حماس هذا، وإذا دعمها نصر الله، فيجب أن يكون هناك "رد فعل شامل"· وفي الأسابيع التالية حين بدأت حماس بحفر النفق، التقطت الوحدة 8200 إشارات مخابراتية تتضمن أن حماس وسورية وحزب الله يقولون شيئاً جوهرياً، وهو أنهم يريدون من حزب الله "تسخين" الشمال، وفي إحدى المكالمات كما يقول المستشار، أشار نصر الله الى أولمرت وعمير بيرتس بوصفها ضعفاء كما يبدو، ومقارنة بأرييل شارون وإيهود باراك اللذين لديهما تجربة، عسكرية مكثفة يعتقد بأن إسرائيل سترد على نطاق محدود كما فعلت في الماضي·

استثارة حرب أهلية

في أوائل هذا الصيف، وقبل أن يختطف حزب الله الجنديين كما قال مستشار الحكومة الأمريكية، زار بضعة مسؤولين إسرائيليين واشنطن على انفراد للحصول على ضوء أخضر لعملية قصف، ولمعرفة كيف يمكن أن يكون تحمل الولايات المتحدة وأضاف المستشار "بدأت إسرائيل مع "تشيني" وأرادت أن تتأكد من أنها حصلت على مساندته ومساندة مكتبه، وقسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وبعد ذلك، لا يعود إقناع بوش مشكلة، وكانت كوندي رايس على متن المركب نفسه"·

واقتضت الخطة المبدئية كما وضع خطوطها العريضة الإسرائيليون، حملة قصف كبيرة ردا على الاستفزاز التالي لحزب الله، بناء على ما قاله خبير الشرق الأوسط العارف بالولايات لمتحدة الأمريكية والتفكير الإسرائيلي·

واعتقدت إسرائيل أنها باستهدافها للبنية التحتية اللبنانية بما في ذلك الطرق السريعة ومستودعات الوقود، بل حتى طرق عبور المدنيين في مطار بيروت الرئيسي، يمكن أن تقنع كتلا كبيرة من أهالي لبنان المسيحيين والسنة بالوقوف ضد حزب الله، وفق ما ذكره مسؤول المخابرات الرفيع المستوى السابق·

وضرب المطار والطرق السريعة والجسور من بين الأشياء الأخرى التي ضربت في حملة القصف، وقامت القوات الجوية الإسرائيلية ش يقارب 9 آلاف مهمة قصف في الأسبوع الأخير (قال ديفيد سيجل الناطق الإسرائيلي إن إسرائيل استهدفت المواقع ذات الصلة بحزب الله فقط، وكان القصد من قصف الجسور والطرقات منع شحن الأسلحة)·

الخطة الإسرائيلية، حسب مسؤول المخابرات الرفيع المستوى السابق، كانت "تعكس في مرآتها صورة ما تخطط له الولايات المتحدة ضد إيران" (عروض القوة الجوية الأمريكية المبدئىة بهجوم جوي لتدمير قدرة إيران النووية، والتي تتضمن خيار قصف مكثف لأهداف البنى التحتية المدنية في إيران، قاومتها قيادة الجيش العليا والبحرية وقوات المارينز، حسب ما ذكر مسؤولون حاليون وسابقون، وحاججت هذه القيادات بأن خطة القوة الجوية لن تنجح وستقود حتما، كما في الحرب الإسرائيلية على حزب الله، إلى إقحام القوات الأرضية)·

وقال لي "يوزي آراد" الذي عمل طيلة أكثر من عقدين في جهاز الموساد، إن الصلات بين الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية على حد علمه كانت روتينية، وأنه "في كل لقاءاتي ومحادثاتي مع المسؤولين الحكوميين لم أسمع مرة واحدة أبدا أي شخص يشير الى تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة الأمريكية" وكان قلقا من أمر واحد، وهو السرعة التي مضت فيها حكومة أولمرت الى الحرب: "لم أر طيلة حياتي أبدا قرارا بالذهاب الى الحرب يتخذ بهذه السرعة البالغة، فمن المعتاد أن نقوم بتحليلات طويلة"·

المخطط العسكري الرئيسي كان الجنرال "دان حالوتس،" رئيس هيئة، الأركان الإسرائيلية، الذي عمل خلال وجوده في القوات الجوية على إعداد خطة طوارىء لشن حرب جوية على إيران· وليس لدى أولمرت، وهو عمدة سابق للقدس، ولا بيرتس، وهو قائد حزب عمالي سابق، ما يساوق خبرته وتجربته·

وفي مناقشاتهم المبكرة مع المسؤولين الأمريكيين، كما قال لي خبير الشرق الأوسط ومستشار الحكومة، أشار الإسرائيليون مرارا وتكرارا الى الحرب في "كوسوفو" كمثل على ما ستجرب إسرائيل تحقيقه، فقد قامت قوات حلف الناتو بقيادة الجنرال الأمريكي "ويسلي كلارك" بقصف منهجي، وهاجمت بالقنابل ليس الأهداف العسكرية فقط، بل الأنفاق والجسور والطرقات في "كوسوفو" وأماكن أخرى في "صربيا"، طيلة 78 يوما قبل أن تجبر القوات الصربية على الانسحاب من كوسوفو، وقال مستشار الحكومة "إن إسرائيل درست حرب كوسوفو بوصفها نموذجا لها تحتذيه، وقال الإسرائيليون لكوندي رايس، لقد فعلتموها في حوالي سبعين يوما، ولكننا نحتاج نصف هذا، 35 يوما"·

للقتل فقط

هناك بالطبع فروقات شاسعة بين لبنان وكوسوفو، وقد تناول "كلارك" الذي تقاعد من وظيفته العسكرية في العام 2000 ودخل كديمقراطي في سباق الرئاسة في العام 2004 وأخفق، قضية التناظر قائلا، "إذا كان صحيحا أن الحملة الإسرائيلية قامت على أساس المنهج الأمريكي تجاه كوسوفو، فقد طاش سهمها، فحملتنا كانت استخدام القوة لتحقيق هدف سياسي، ولم تكن من أجل قتل الناس"· وكان "كلاك" قد ذكر ملاحظة في كتاب له في العام 2001 عنوانه "شن حرب معاصرة" مفادها أن ما أجبر الصرب على إيقاف الحرب كان التهديد باجتياح بري محتمل بالإضافة الى القصف، وأخبرني "حسب تجربتي، يجب أن تدعم الحملات الجوية في نهاية المطاف الإرادة والقدرة على إنهاء المهمة على الأرض"·

منذ بداية الحرب استشهد مسؤولون إسرائيليون وصحافيون في كوسوفو علنا، وفي 6 أغسطس قال رئيس الوزراء أولمرت ردا على إدانة الأوروبيين لعمليات قتل المدنيين اللبنانيين: "من أين لهم الحق في وعظ إسرائيل؟ لقد هاجمت البلدان الأوروبية كوسوفو وقتلت 10 آلاف مدني، 10 آلاف! وقبل ذلك لم يعان بلد من هذه البلدان من صاروخ واحد، أنا لا أقول إن التدخل في كوسوفو كان خطأ، ولكن لا تعظونا من فضلكم بشأن معاملة المدنيين " قدرت هيومن رايتس ووتش عدد المدنيين الذين قتلوا خلال قصف الناتو بخمسمئة، ووضعت الحكومة اليوغسلافية الرقم بين 12 ألفاً وخمسة آلاف)·

نحن من ورائكم

مكتب "ديك تشيني" ساند الخطة الإسرائيلية، وكذلك فعل "اليوت ابرامز" نائب مستشار مجلس الأمن القومي، وفق ما ذكره عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين (أحد الناطقين باسم مجلس الأمن القومي أنكر أن يكون "ابرامز" قد فعل هذا)، وأعتقد  بأن على إسرائيل أن تبادر بسرعة الى حربها الجوية على حزب الله، وقال ضابط استخبارات سابق: "قلنا للإسرائيليين، اسمعوا، إن كان عليكم أيها الفتية الذهاب الى الحرب، فنحن من ورائكم على طول الخط، ولكننا نعتقد أنه يجب أن تكون الآن وبسرعة وليس فيما بعد·· فكلما انتظرتم أطول، كلما تناقص الوقت الذي لدينا للتقييم والتخطيط من أجل إيران قبل أن يخرج بوش من الرئاسة"·

وكانت النقطة التي أثارها "تشيني" كما قال مسؤول المخابرات السابق الرفيع المستوى، هي: "ماذا لو أن الإسرائيليين نفذوا دورهم في هذا أولا، وكان ناجحاحقا؟ سيكون الأمر عظيما، ونستطيع أن نتعلم ماذا نفعل في إيران بمراقبة ما يفعله الإسرائيليون في لبنان"·

وأخبرني مستشار البنتاغون أن المعلومات الاستخبارية عن حزب الله وإيران قد أساء البيت الأبيض التعامل معها بالطريقة نفسها حين كانت الإدارة في العام 2002 وأوائل العام 2003 نضع قضية أن العراق امتلك أسلحة دمار شامل: "والشكوى الكبرى الآن في أوساط المخابرات من أن كل المعلومات المهمة ترسل مباشرة الى الجهات العليا، بسبب إصرار البيت الأبيض، من دون أن تحلل على الإطلاق أو حتى جزئىا، إنها سياسة مخيفة وانتهاك لكل بنى مجلس الأمن القومي، وإذا تذمرت من هذا يرمى بك خارجا، إن لديك تشيني اليد الطولى في هذا"·

تحالف سني!

كان هدف الإدارة الأمريكية الطويل الأمد المساعدة على إقامة تحالف سني عربي، يضم بلدانا مثل السعودية والأردن ومصر، وينضم هذا الى الولايات المتحدة وأوروبا في الضغط على الملالي الشيعة الحاكمين في إيران: ولكن الفكرة وراء هذه الخطة، كما قال المستشار ذو العلاقة الوثيقة بإسرائيل كانت "أن إسرائيل ستهزم حزب الله لا أن تنهزم أمامه"· وكان بعض المسؤولين في مكتب "تشيني" وفي مجلس الأمن القومي مقتنعا، على أساس محادثات سرية، أن تلك الأمم ستجعل نقدها العلني لإسرائيل معتدلا، وتلوم حزب الله لخلقه الأزمة التي قادت الى الحرب·

وعلى رغم أنهم فعلوا هذا في البداية، فقد غيروا موقفهم إثر الاحتجاجات الجماهيرية في بلدانهم على القصف الإسرائيلي، وقد أصيب البيت الأبيض بالخيبة بوضوح حين جاء الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، في أواخر الشهر الماضي الى واشنطن، وطالب في اجتماع مع بوش بتدخل الرئيس فورا لإنهاء الحرب·

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، أن واشنطن كانت تأمل في تجنيد الدول العربية المعتدلة "في جهد للضغط على سورية وإيران لكبح جماح حزب الله، ولكن الحركة السعودية بدا أنها حجبت هذه المبادرة"·

قوة مقاومة حزب الله المفاجئة، وقدرتها المتواصلة على إطلاق الصواريخ على شمالي إسرائيل في مواجهة القصف الإسرائيلي المتواصل، كما قال لي خبير الشرق الأوسط، "هي انتكاسة هائلة للذين في البيت الأبيض الذين يريدون استخدام القوة في إيران، وقد انتكس أيضا أولئك الذين يدفعون بأن القصف سيخلق انشقاقا وتمردا داخليا في إيران"·

ومع ذلك فإن بعض الضباط العاملين في هيئة الأركان المشتركة ظلوا قلقين قلقا عميقا من أن تأخذ الحكومة الأمريكية بتقييم للحملة الجوية أكثر إيجابية مما يفترض بها أن تفعل، وحول هذا قال مسؤول المخابرات الرفيع المستوى السابق "لا يوجد ما يدعو الى القول بأن رامسفيلد وتشيني سيخرجان بالاستنتاج الصائب من هذا الأمر، فحين ينجلي الدخان سيقولون أنه كان نجاحا، وسيستخلصان ما يعزز خطتهما للهجوم على "إيران" في البيت الأبيض، وبخاصة في مكتب نائب الرئيس، يؤمن معظم المسؤولين أن الحملة العسكرية ضد حزب الله آخذة بالنجاح ويجب أن تستمر، وفي الوقت نفسه، كما قال مستشار الحكومة، توصل بعض صناع السياسة في الإدارة الى أن تكلفة قصف المجتمع اللبناني باهظة جدا، "وهم يقولون لإسرائيل إنه حان وقت وضع حد للهجمات على البنية التحتية"·

إسرائيل تنزعج

وتظهر انقسامات مماثلة في إسرائيل، قال ديفيد سيجل، الناطق الإسرائيلي بأن قيادة بلده تؤمن منذ أوائل أغسطس بأن الحرب الجوية نجحت ودمرت أكثر من %70من قدرات حزب الله على إطلاق الصواريخ طويلة المدى ومتوسطة المدى: "الصواريخ ذات المدى القصير هي المشكلة فهي من دون منصات إطلاق ويمكن أن تطلق من مناطق مدنية وبيوت، والطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة هي العمليات البرية، وهذا هو سيب أن إسرائيل ستجبر على توسيع العمليات البرية إذا لم تنجح جولة الدبلوماسية الأخيرة"·

ولكن في الأسبوع الماضي كانت هناك أدلة على أن الحكومة الإسرائيلية انزعجت من مسار الحرب، ففي خطوة غير معتادة تم تكليف الجنرال "موشيه كابلنسكي" بمسؤولية العملية، وحل محل الجنرال "أودي آدم"· والقلق في إسرائيل هو من أن نصر الله  ربما يصعد الأزمة بإطلاق الصواريخ على تل أبيب· وقال المستشار "هنالك خلاف واسع حول حجم الدمار الذي على إسرائيل أن تحدثه لمنع هذا· فإذا ضرب حزب الله تل أبيب ماذا على إسرائيل أن تفعل؟ هدفها هو إعاقة المزيد من الهجمات بالقول لنصر الله إنها ستدمر بلده إذا لم يتوقف، وتذكير العالم العربي بأن إسرائيل يمكن أن ترجعه عشرين عاما الى الوراء نحن لم نعد نلعب وفق القواعد نفسها"·

قال لي ضابط مخابرات أوروبي: "الإسرائيليون عالقون في مصيدة نفسية· في سنوات أقدم كان لديهم اعتقاد بأن في مقدروهم حل مشاكلهم بفظاظة ولكن الآن، ومع الاستشهاد الإسلامي تغيرت الأشياء وهم بحاجة الى أجوبة مختلفة، كيف تخيف أناسا يحبون الاستشهاد؟ إن المشكلة في محاولة إنهاء حزب الله هي روابط الحزب بالسكان الشيعة، في جنوبي لبنان ووادي البقاع وضاحية بيروت الجنوبية حيث تدير مدارس ومستشفيات ومحطة إذاعة ومختلف المؤسسات الخيرية"·

قلق أمريكي

وقال لي مخطط عسكري أمريكي رفيع المستوى: "لدينا الكثير من نقط الضعف الخطرة في المنطقة، وقد تحدثنا عن بعض نتائج هجوم إيراني أو من حزب الله على النظام السعودي وعلى بنية النفط التحتية"·

وأضاف: "هناك اهتمام داخل البنتاغون بالدول المنتجة للنفط شمالي مضيق هرمز، وعلينا توقع التبعات غير المطلوبة، فهل سنكون قادرين على  هضم برميل نفط بسعر مئة دولار؟ وهنالك هذا التفكير المضحك بأنك تستطيع أن تفعلها من الجو حتى وإن كنت تهاجم عدوا غير نظامي ذا طاقة على الصمود، أنت لن تنجح ما لم يكن لك حضور على الأرض، ولكن القيادة السياسية لا تأخذ في اعتبارها الحالة الأسوأ· هؤلاء لا يريدون سوى السماع عن الحالة الأفضل"·

هناك أدلة على أن الإيرانيين كانوا يتوقعون الحرب على حزب الله قال "فالي ناصر"، وهو خبير بإيران والمسلمين والشيعة، وعضو مجلس العلاقات الخارجية ويعمل أيضا أستاذاً في  الكلية البحرية العليا في مونتيري كاليفورنيا: "كانت كل حركة أمريكية سلبية ضد حزب الله تراها إيران جزءا من حملة أوسع ضدها· وبدأت إيران الاستعداد للحدث بتزويد حزب الله بالمزيد من الأسلحة المتطورة "صواريخ  مضادة للسفن وصواريخ مضادة للدبابات وتدريب مقاتليه، ويجرب حزب الله أسلحة إيران الجديدة· إيران ترى أن حكومة بوش تحاول تهميش دورها الإقليمي ولهذا أثارت المتاعب"·

وقال ناصر أيضاً، وهو إيراني- أمريكي نشر حديثا دراسة عن الانقسام السني- الشيعي عنوانها "نهوض الشيعة" أن القيادة الإيرانية تعتقد بأن هدف واشنطن السياسي النهائي هو المجيء بقوات دولية  تعمل كقوة عازلة، ولتفصل فصلا ماديا سورية عن لبنان في محاولة لعزل حزب الله الذي يمر طريق تجهيزاته الرئيسية عبر سورية،  وتجريده من سلاحه· إن العمل العسكري لا يمكن أن يحقق النتائج السياسية المرغوبة وشعبية الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وهو ناقد قاس لإسرائيل، هي الأعظم في بلده، فإن كان على الولايات المتحدة، أن تهاجم منشآت إيران النووية فربما سينتهي بها الأمر الى تحويل أحمدي نجاد الى نصر الله آخر·

دونالد رامسفيلد، أحد أكثر مسؤولي إدارة بوش صراحة في الكلام وأكثرهم قوة لم يقل علنا الا القليل عن الأزمة في لبنان، وقد أثار هدوءه النسبي، مقارنة بعدوانيته الواضحة في الحماس للحرب في العراق، نقاشا في واشنطن حول موقفه في هذه القضية·

بعض مسؤولي المخابرات السابقين والحاليين الذين تم اللقاء بهم من أجل إعداد هذا المقال يعتقد أن رامسفيلد على غير وفاق مع بوش وتشيني حول الدور الأمريكي في الحرب بين إسرائيل وحزب الله· مستشار الحكومة الأمريكية ذو الروابط الوثيقة مع إسرائيل قال: إن هناك شعوراً بأن رامسفيلد كان حذرا في نهجه تجاه الحرب الإسرائيلية، وأضاف "أن القوة الجوية  واستخدام قوات خاصة قليلة نجحت في أفغانستان وحاول تجربتها مرة أخرى في العراق·

لقد كانت الفكرة نفسها ولكنها لم تنجح، وهو يعتقد أن حزب الله كان صامداً الى حد كبير وأن خطة الهجوم الإسرائيلي لن تنجح، وآخر شيء أراده كان حربا أخرى ستعرض القوى الأمريكية في العراق الى خطر أعظم"·

وقال دبلوماسي غربي أنه فهم بأن رامسفيلد لم يعرف كل تعقيدات خطة الحرب "إنه غاضب وقلق على قواته"، في العراق· لقد عمل رامسفليد في البيت الأبيض خلال آخر سنة من سنوات حرب فيتنام التي انسحبت منها القوات الأمريكية في العام 1975 "وهو لا يريد أن يرى شيئا مثل هذا يحدث تأثيراً في العراق"، وأضاف الدبلوماسي أن قلق رامسفيلد كان من أن توسيعا للحرب الى إيران يمكن أن يعرض القوات الأمريكية في العراق الى خطر أعظم جراء هجمات من قبل الميليشيات الشيعية الموالية لإيران·

وكان رامسفيلد في جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس في 3 أغسطس أقل حماسا حول متضمنات الحرب بالنسبة للقوات الأمريكية في العراق· وبسؤاله عما إذا كانت الإدارة واعية بتأثير الحرب على العراق، شهد بأنه خلال لقاءاته مع بوش وكونداليسا رايس كانت هناك حساسية ورغبة بعدم وضع بلدنا أو مصالحنا أو قواتنا  في وضع خطر أكبر نتيجة لما يحدث بين إسرائيل وحزب الله·· هنالك تنوع من المخاطر التي نواجهه في تلك المنطقة والوضع صعب  ومعقد·

ولكن مستشار البنتاغون رفض الحديث عن انقسام في قمة الإدارة الأمريكية وقال ببساطة "رامسفيلد في الفريق ويجب أن يرى تدهور حزب الله· ولكنه أيضا صوّت من أجل قصف أقل وعمليات إسرائيلية خلاقة أكثر على الأرض"·

وعلى نحو مماثل وصف مسؤول المخابرات الرفيع المستوى السابق رامسفيلد بالقول إنه "مسرور لأن إسرائيل هي دريئتها التي تتخفى خلفها"·

خيبة رايس

هناك أيضا أسئلة حول مكانة كونداليسا رايس فقد قيل إن دعمها الأولي للحرب الإسرائيلية الجوية على حزب الله قد  خف بسبب عدم رضاها عن نتائج الهجمات على لبنان· وقال مستشار البنتاغون إنها بدأت في أوائل أغسطس بعيداً عن الأضواء "تتوق" داخل الإدارة الى الحصول على إذن لتبدأ محادثات دبلوماسية مباشرة مع سورية وما زالت حتى الآن، من دون نجاح يذكر، وفي الأسبوع الماضي ذكرت صحيفة "التايمز" بأن رايس وجهت مسؤول سفارة في دمشق الى لقاء مع وزير الخارجية السوري، رغم أن اللقاء لم يخرج بنتيجة·

وذكرت "التايمز" أيضا بأن رايس تنظر الى نفسها كشخصية، "تحاول أن لا تكون صانعة سلام في الخارج فقط، بل أيضا وسيطا بين أطراف متنافسة" في داخل الإدارة الأمريكية·

وأشار مقال "التايمز" الى انقسام بين الدبلوماسيين المحترفين في وزارة الخارجية وبين "المحافظين الجدد في الحكومة"، بمن فيهم تشيني وإبراز (اللذين يدفعان نحو دعم أمريكي قوي لإسرائيل)·

وأخبرني الدبلوماسي الغربي أن سفارته تعتقد بأن ابرامز برز كصانع سياسة رئيسي في موضوع إيران وفي الأزمة الحالية بين حزب الله وإسرائيل وأن دور رايس قد اضمحل نسبيا· رايس لم ترد القيام برحلتها الدبلوماسية القريبة العهد الى الشرق الأوسط·

كما قال الدبلوماسي الغربي، بل كل ما أرادته هو أن تذهب إذا اعتقدت أن هناك فرصة حقيقية للوصول الى وقف إطلاق نار"·

بطة عرجاء

في بريطانيا ظل أقوى مساندي بوش في أوروبا هو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، ولكن الكثيرين في وزارة خارجيته، كما قال دبلوماسي سابق، يعتقدون بأنه "خرج طلبا لحصة  معينة في هذا الموضوع" وبخاصة بقبوله لرفض بوش السعي الى وقف إطلاق نار فوري وشامل بين إسرائيل وحزب الله· وقال الدبلوماسي السابق، "أن بلير يقف وحيداً في هذا، فهو يعرف أنه بطة عرجاء في طريقه الى الخروج من الحكومة إلا أنه اشترى سياسة بوش· لقد أصبح أمريكيا أكثرمن اي أمريكي في واشنطن، وستبدأ الأزمة الحقيقية مع نهاية أغسطس فيما يضيف الدبلوماسي "حين سيقول الإيرانيون لا··مع الموعد الذي حددته الأمم المتحدة لإيقاف تخصيب اليورانيوم"·

أولئك الذين يواصلون دعم حرب إسرائيل على حزب الله يوافقون على أنها فشلت في تحقيق أحد أهدافها الرئيسة وهو حشد اللبنانيين ضد حزب الله· المحلل العسكري جون اركويلا في الكلية الحربية قال لي "لقد ظلت استراتيجية القصف مفهوما عسكريا فاشلا طيلة 90 عاماً ومع ذلك فات القوى الجوية في مختلف أنحاء العالم، تقوم به"، أركويلا يقود حملة منذ أكثر من عقد من الزمن، مع نجاح متنام، لتغيير الطريقة التي تحارب فيها أمريكا الإرهاب وحول هذا يقول: "الحرب في هذه الأيام ليست كتلة في مواجهة كتلة، فعليك أن تصطاد بالشبكة لهزيمة شبكة· لقد ركزت إسرائيل على القصف ضد حزب الله، وحين لم ينجح هذا أصبحت عدوانية أكثر على الأرض، إن ما يعرف الخبل هو مواصلة القيام بالأمر نفسه وتوقع نتيجة مختلفة"·

عن newyorker 14.8.2006  

طباعة