رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 اكتوبر 2006
العدد 1746

استراحة رمضانية
"ماراثون" التواصل الرمضاني!

·         التواصل الرمضاني في سبيله الى أن يكون "ماراثون" يتسابق، ويتبارى فيه القوم، لتحقيق سبق الفوز بزيارة أكبر عدد ممكن من الدواوين

·         عطلة العشر الأواخر بدعة ما أنزل الله بها من سلطان! فالمسلمون كافة: يقيمون الليل، والبعض منهم يعتكفون في المساجد، دون أن يطالب أحدهم بعطلة

·         إن فقه الاعتكاف المعروف، متاح لمن يريد معرفته· لكن "بوفيه" الخمس نجوم·· ليس من الاعتكاف في شيء

·    هناك تخمة  وعظ تسكن الصحف والمجلات والإذاعات والفضائيات والموبايلات في شهر رمضان

·         الاستجواب·· قد يكون "مألوفا" وسط إسهال الاستجوابات التي تخر بحق ومن دون حق

 

بقلم: سليمان الفهد

لا أعرف كيف يتمكن المرء من القيام بحق وواجب التواصل الرمضاني المحمود، في ظل الزحمة المرورية شديدة الوطأة؟! حسبنا القول بأن التواصل الرمضاني في سبيله الى أن يكون "ماراثون" يتسابق، ويتبارى فيه القوم، لتحقيق سبق الفوز بزيارة أكبر عدد ممكن من الدواوين أو ربما يكون "الماراثون" حاضرا بحق وبشدة، ولا ينقصه سوى الإعلان والإشهار! وقد يحتاج الأمر الى ابتداع جوائز يحظى بها أبطال الماراثون الذين تمكنوا من زيارة أكبر عدد ممكن من الدواوين والمجالس! والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: هل الزيارات الديوانية المتبادلة دلالة تواصل أم اتصال؟! أقول ذلك لأن الزيارات المتبادلة برقية تتم على عجالة، وكأن الزائر يجلس على بساط الفقير الهندي المدجج بالمسامير! وأخشى ما أخشاه - في قادم السنوات - أن تضطر زحمة المرور المتفاقمة، أهل الكويت الى ممارسة زيارة دواوين بعضهم البعض عبر شبكة "الإنترنت" وبواسطة الرسائل المتلفزة، والحوارات المصورة عبر التلفزيون النقال أو بواسطة الدوائر التلفزية القابعة في كل ديوانية مستقبلا!·

وفي ظني أن أحد الحلول العملية للتخفيف من وطأة زحمة المرور: تكمن في اللجوء الى استخدام المواصلات العامة، مثل بقية خلق الله في كل بلاد العالم! أعرف - سلفا - أن الكويتي ينظر نظرة متعالية دونية الى حافلات شركة المواصلات، بدعوى أنها مركوب الكادحين والشغيلة الذين يخدمون في البيوت وغيرها! زبدة هذه الهذرة هي: أن قيمة التواصل الوطنية، البهية الموروثة، عن الأجداد والآباء، يبدو أنها في خطر يكاد يفرغها من محتواها الاجتماعي الزين! فقد بات، هذه الأيام، ديوانية لكل مواطن! وصرت تجد الأسرة الكبيرة الواحدة لها أكثر من ديوانية! زد على ذلك - إن شئت - أن كل أصحاب حرفة ومهنة يطالبون الحكومة الرشيدة بتشييد ديوانية خاصة بهم! ولعل من المناسب هنا أن تقترح على "الماراثونيين" الاكتفاء بالتوقيع في دفتر "التشريفات" الذي اقترح وجوده في كل ديوانية ليثبت الزائر "الماراثوني" حضوره البرقي السريع "كجلمود صخر حطه السيل من عل"، فيخيل إليك من شدة عجالته أنه ما إن ينطق بتحية السلام عليكم، حتى يفز مودعا بقوله في أمان الله!·· من دون انتظار أن يتطيب بالعود، الذي تعارف القوم أن ما بعده قعود! حسب الزائر العجول إثبات حضوره الشكلي! كان المثل الشعبي يقول في هذا السياق "ليس بعد العود قعود" فصار في أيامنا هذه "ليس قبل العود قعود!" ربما لأن البخور العود يعبق في الديوانية دوما، وربما أيضا لأن المبخرين يجهلون العادات· وبمناسبة البخور الكثير الذي يحرق كل ليلة، أزعم أنه لو أحرق في ميدان جامع الفناء بمدينة مراكش: لحدثت حفلة زار دولية لها العجب! إن ظاهرة الديوانية هي حضن التواصل الوطني والإنساني الرؤوم، تتسم بكونها ديمقراطية شعبية عريقة جرى بنا أن نحافظ على جوهرها الروحي التواصلي البهي·

 

اعكتاف 5 نجوم!

 

طالب بعض أعضاء مجلس الأمة الحكومة الرشيدة بعطلة مدفوعة الأجر للعشر الأواخر من رمضان! وعطلة العشر الأواخر بدعة ما أنزل الله بها من سلطان! فالمسلمون كافة: يقيمون الليل، والبعض منهم يعتكفون في المساجد، دون أن يطالب أحدهم بعطلة العشر الأواخر من رمضان، وكأن المطالبين بالعطلة يرومون الأجر والثواب، من الله سبحانه وتعالى، على حساب وكيس الحكومة الرشيدة! والسؤال الذي يحذف نفسه في هذا المجال هو "لمَ لا يتقدم المواطن الموظف الراغب في الاعتكاف مدة العشر الأواخر، بطلب إجازة عرضية، تقتطع من رصيده السنوي؟! وبمناسبة الاعتكاف أذكر أني قد اعتكفت بمسجد "العفيف" بحي المهاجرين بدمشق آواخر الخمسينيات، أثناء دراستي بدار المعلمين· كانت الثلة المعتكفة مؤلفة من بعض طلبة جامعة دمشق، ودار المعلمين، والثانوية، فكان قائدها الشيخ الأستاذ سعيد الطنطاوي (أستاذ العلوم بدار المعلمين) وشقيق الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله·

الشاهد: أن الاعتكاف الدمشقي يحتفل بالذكر وتلاوة القرآن الكريم، والمعرفة، والحوار وإثارة علامات الاستفهام والتعجب، و··إلخ· حسبنا القول بأن الزاد الروحي والمعنوي كان غنيا، ثراً، متنوعاً ما برح يسكن وجداني حتى الحين! أما الزاد المعوي - وهو بيت القصيد - فقوامه الخبز والفول و"التسقية" والزيتون والجبنة والمشمش الجاف والحلاوة الطحينية بس! أعترف بأني جفلت - لأول وهلة - من "المائدة" المتقشفة! لكنني ألفتها بمرور الأيام· وأذكر، بالمناسبة، بأن زملاء الدراسة الأصدقاء الأحبة: (الدكتور حسن علي الإبراهيم، وعيسى راشد العيسى، والدكتور سيف عباس عبدالله؟!) رحمه الله· أحضروا لي بمسجد الاعتكاف مائدة كاملة الدسم: تحوي اللذائذ الرمضانية الكويتية والشامية كافة! قلت للربع: أشك بأن الإخوة المعتكفين سيطعمون الأكلات المطبوخة، ولو أكلوها، لأصيبوا بتلبك معوي سيضطرهم الى غسيل المعدة!

في رمضان 1981 اعتكفت بمسجد ما· راعني أن أسرة كل معتكف ترسل له "بوفيه" خمس نجوم عشية كل يوم! ولأن العبدلله كان رئيس السن في هذا الاعتكاف، فقد كان الشباب يخصونه بأطايب "البوفيه" ولذائذه، ولعله كان في سبيله الى أن يصاب بالتخمة والبشمة لو أنه انصاع الى النفس الأمارة بـ "الطفاسة" والبلع والافتراس المفضي الى السكري وارتفاع ضغط، وزيادة الكولستيرول، والأملاح·· وما خفي أنكى وألعن!

إن فقه الاعتكاف المعروف، متاح لمن يريد معرفته· لكن "بوفيه" الخمس نجوم·· ليس من الاعتكاف في شيء، على بلع لذائذ رمضان العديدة، إثر كل ركعتي قيام؟!

 

ما قل ودل وتدلدل!

شياطين الإنس لا يصفدون!

 

كلنا يعرف أن شياطين الجن يصفدون في شهر رمضان المبارك، لكن حين يقرأ الواحد، في الصحف اليومية، الأخبار المتواترة عن نهب المال·· لا بل الخاص (كمال التبرعات) يتساءل - ببراءة الأطفال التي لم تعد موجودة - هل يصفد شياطين الإنس بدورهم في رمضان؟! الجواب يمكن أن تقرأه في طيات وقائع السلب والنهب والحرمنة السارية كالحمى·· من دون علاج ناجع يقطع دابرها، أو يخفف من وطأتها على أقل تقدير·· وتمنٍ··

 

سبيل للوعظ!

 

أزعم أن هناك تخمة وعظ تسكن الصحف والمجلات والإذاعات والفضائيات والموبايلات في شهر رمضان· أشاهد التلفزيون فيطلع لي مولانا الواعظ! أغير المحطة تلو الأخرى: فيحضر مولانا بأزياء مختلفة تدل على موطنه· ألجأ الى الإذاعات فإذا بها، هي الأخرى، تلعلع بالمواعظ الرمضانية المعادة المكررة أما الصحف فإنها "تتوب" في رمضان فتتشح بالحشمة، وتطفح بالدروس والمواعظ والجرعة الدينية المدغدغة لمشاعر المعلنين والمشتركين! ومن شدة حضور الوعظ الرمضاني في وسائل الاتصال المسموعة والمقروءة والمرئىة صار الواحد يخشى أن يفتح البوتاجاز!

 

الحفيتي بين الخيمة والتلفزيون

 

من نافل القول التنويه بظرف وذرابة لسان وخفة دم أخينا "الحفيتي" التي يخبرها الآلاف الذين كانوا يزورونه في خيمته المتواضعة بمنطقة "مشرف" إبان الانتخابات النيابية، ثمة أناس يفطسون من الضحك حين يكونون بمنأى عن المسرح والاستديو، لكن خفة الظل تفارقهم حين يكونون داخل فضاء استديو التصوير وخشبة المسرح! والأسماء التي ينسحب عليها هذا القول كثيرة· لكني لست بمعرض التشهير بها! أبا راشد الحفيتي في الخيمة يتحدث على سجيته: بعفوية وشفافية طافحتين بالظرف، وخفة الدم، وسرعة البيهكة المدججة بالسخرية اللاذعة، لكن صاحبنا "الحفيتي" في التلفزيون بدالي - وربما لغيري - ممثلا متعثر الفرس يعدو في غير ميدانه، ولكل فارس كبوة! أبا راشد: عد الى خيمتك بين مريديك، وقل "للراي أو غيره": هذا هو ميداني وحلبتي·· وخيمتي هي الفضاء الذي أجد فيه ذاتي، وأزأر برأيي دون رقيب عتيد·· والعياذ بالله!

 

استجواب خالد بن الوليد!

 

في المسرح المدرسي: أذكر أننا مثلنا العديد من شخصيات الصحابة والتابعين، دون أن يعترض أحد بذريعة أن الصحابي إنسان "مقدس" لا يجوز مسرحته، وتشخيص سيرته، ومواقفه! وقد كانت ذكرى المولد النبوي الشريف، في مطلع الخمسينات، مناسبة لعرض مسرحية تاريخية يكون أبطالها من الصحابة· أقول ذلك كله بمناسبة موقف بعض النواب من عرض مسلسل خالد بن الوليد في التلفزيون الكويتي، وتلويحهم باستجواب وزير الإعلام إذا تم عرضه! الاستجواب·· قد يكون "مألوفا" وسط إسهال الاستجوابات التي تخر بحق ومن دون حق· الأهم من الاستجواب دلالته على رأي بعض أعضاء مجلس الأمة في الفن والإبداع بشتى مناحيهما·

طباعة  

تربية أم تلوث عقلي؟
كيف يجرؤ الغرب على تسمية نفسه مستنيراً؟