رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 اكتوبر 2006
العدد 1746

تربية أم تلوث عقلي؟
كيف يجرؤ الغرب على تسمية نفسه مستنيراً؟
 

 

د. نوريت الهانان:

خلال جولة لها في الولايات المتحدة الأمريكية ألقت د· نوريت بيليد الهانان، أستاذة اللغات في الجامعة العبرية في القدس، والمتخصصة التربوية، هذه المحاضرة في كلية كونيكتكت، نيولندن، في 27/9/2006·

وكانت ابنتها سامردر، قد قتلت في هجوم فدائي في العام 1997، وهو مادفعها الى الانضمام الى حركة العائلات المفجوعة الداعية الى السلام، وانضم ولدان لها الى حركة جديدة من حركات السلام تضم فلسطينيين وإسرائيليين، نالت د· نوريت جائرة حقوق الإنسان وحرية الفكر من البرلمان الأوروبي في العام 2001· على محاضرتها هذه التي تناقلتها عدة مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت، علق أحد الحاخامات اليهود المدعو "موشيه بن هود" عليها، وطالب حكومة إسرائيل أن تعتقل وتشنق كل "الخونة" من أمثال نوريت وأبنائها، وأن توقع بالفلسطينيين عقوبة الإعدام بلا محاكمة، مصرا على أن العرب الذين يعيشون هنا· (أي في أرض فلسطين) ليسوا مواطنين، بل مقيمين، يستحقون القتل أو الطرد، هم وكل من يناصرهم!!·

وجاء هذا التعليق دليلا إضافيا على ما أطلقت عليه د· نوريت في محاضرتها "تلوث وبائي يصيب عقول الإسرائيليين" منذ سن مبكرة، ويعدهم ليكونوا قتلة ومجرمين، مثلما يصيب هذا التلوث عدة حكومات في عالم الغرب، فترسل جنودها الى حروب مجنونة تحت شعارات زائفة·

 

أود أن أهدي هذه الكلمات الى كل الفتيات والفتية الفلسطينيين، وإلى كل الفتيات والفتيان اللبنانيين، والى كل الفتيات والفتية العراقيين الذين ذبحهم الجنود الإسرائيليون والأمريكيون الملوثون عقليا، إليهم، هم الذين انضموا منذ وقت قريب الى طفلتي الصغيرة في مملكة الموتى الصغار تحت الأرض، المملكة التي تنمو تحت أقدامنا وأنا أتحدث، وأود أن أقول لهم ألا يقلقوا: "ستجدون الترحاب هنا أيها الأطفال، ولن يؤذيكم أحد لمجرد أنكم تخرجون في طريقكم الى المدرسة أو لأنكم تضعون منديلا على رؤوسكم أو لأنكم تعيشون في مكان معين، ارقدوا بسلام، الكل يتساوون في قيمتهم، في عالمكم الجديد، فهذا عالم يسكن فيه الأطفال الإسرائيليون جنبا الى جنب مع الأطفال الفلسطينيين، هناك يرقدون، ضحايا وقتلة أولئك الذين شربت دمهم منذ زمن طويل الأرض المقدسة التي كانت دائما لا مبالية تجاه الدم، هنالك سيجدون الراحة، كلهم، ضحايا الخدعة·

كلكم أيها الأطفال خدُعتم، لأن موتكم لم يحقق شيئا على الإطلاق، واصل العالم حياته كما لو أن دمكم لم يسفح أبدا، لأن قادة العالم يواصلون لعب ألعابهم القاتلة، مستخدميكم زهر نرد لهم، ومستخدمين حسرتنا وقودا لآلاتهم القاتلة، لأن الأطفال كينونات مجردة بالنسبة للجنرالات، ولأن الحسرة أداة سياسية· وأنا أعيش في كلا الجانبين، جانب الضحايا وجانب القتلة، أسأل نفسي دائما ما هي الوسائل التي يتحول بها الأطفال الإسرائيليون الى وحوش قاتلة؟ ما الوسائل التي تجعلهم على هذه الدرجة من التلوث العقلي بحيث يقتلون ويعذبون ويذلون الأطفال الآخرين وأهاليهم وجداتهم وأجدادهم ويضحون بحياتهم؟ لا شيء سوى من أجل حماقة وجنون عظمة رؤسائهم·

في ما يدعى العالم الغربي المستنير، يشعر كل شخص بثقة تامة في معلوماته حين يعتبر الإسلام سببا للإرهاب والعمليات الانتحارية، ولكن من سيضع مسؤولية القتل على اليهودية؟ ومن الذي يعرف أن أطفال اليهود المتعصبين الذين لم يغادروا بروكلين أبدا يتعلمون أن قتل العرب هو "ميتزفا" أي "وصية مقدسة"، لأنهم "وحوش برية"، ويرتكب الأطفال الإسرائيليون بالفعل جرائم الذبح والتعذيب، لا الإسلام ولا اليهودية، ولا أي ديانة في ما يتعلق بهذا الأمر هي سبب القتل والإرهاب، التربية العنصرية هي السبب، الإمبريالية الأمريكية هي السبب· ونظام الاحتلال الإسرائيلي القاسي هو السبب· إن النساء والأطفال الذين يعانون العنف الغربي اليوم أكثر من غيرهم، هم النساء المسلمات، ولكن للعنصرية طرقها، وتنسب سبب معاناتهن الى كونهن مسلمات·

 

من يدمر العالم؟

 

العالم الغربي اليوم ملوث بوباء الخوف من الإسلام· والأرحام الإسلامية، وفرنسا العظيمة صاحبة مبادىء الإخاء والمساواة والحرية، مرتعبة من فتيات صغيرات يرتدين الحجاب، وإسرائيل اليهودية تسمي في الخطابات العلنية وكتب المدارس مواطني إسرائيل العرب كابوسا ديموغرافيا والعدو الداخلي، ويتم تعريف اللاجئىن الفلسطينيين العائشين تحت الاحتلال في كتب التاريخ الإسرائيلي المدرسية على أنهم "مشكلة يجب حلّها"، لقد كان اليهود منذ وقت ليس بعيدا مشكلة يجب حلّها·

كل هذا رغم حقيقة أن الذين يقومون بتدمير العالم اليوم ليسوا مسلمين، والناس الذين يستخدمون أعقد الأسلحة الكارثية لقتل آلاف المدنيين الأبرياء ليسوا مسلمين، إنهم مسيحيون ويهود، ومع ذلك، فإن الناس الذين ينتمون الى الثقافتين اليهو - مسيحية، والذين يدعمون الجرائم البريطانية - الأمريكية والإسرائيلية ضد الإنسانية، وضد المسلمين بخاصة، في مختلف أنحاء العالم، الناس الذين يرسلون أطفالهم للقتال في هذه الحروب القاسية والعاتية باسم الديمقراطية والحرية التي هي أسماء للتغطية على الجشع وجنون العظمة، يتجرؤون ويسمون أنفسهم المستنيرين، وينحون باللائمة على نوع متخيل من صدام الحضارات، ماذا يقدم هذا العالم الذي يضربه الخوف كحل للشعب الفلسطيني أو العراقي أو الأفغاني الذين تنهكهم وتضطدهم وتعذبهم وتجوعهم الجرائم الغربية والاستغلال الغربي·

إن العرض العام الذي يقدمه هذا العالم المستنير إليهم، هو: كونوا مثلنا، اصنعوا الديمقراطيات مثل ما لدينا، اعتنقوا قيمنا التي تزدريكم، والتي تعتبركم بدائيين وضيعين، مؤهلين للاستغلال أو الاقتلاع من أراضيكم·

 

أمهات مثلي

 

هذا هو، سيداتي وسادتي، النهج الذي يسمح للجنود الأمريكيين باغتصاب وتعذيب وقتل المسلمين رجالا ونساء وأطفالا بالآلاف، وهو ما يسمح للجنود الإسرائيليين بأن يأمروا النساء الفلسطينييات بالتجرد من ثيابهن أمام أطفالهن لأسباب أمنية، ويسمح للسجانين بوضعهن في ظروف لا إنسانية من دون أية معونات صحية ضرورية من دون ماء نقي أو فراش نظيف، ويفصلهن عن أطفالهن الرضع· وهو ما يسمح للجنود الإسرائيليين بسد الطرق أمام تعليم الفلسطينيين، ومصادرة أراضيهم، وتدمير آبار مياههم، واقتلاع أشجارهم، ومنعهم من العمل في حقولهم· هذا هو ما يسمح للطيارين الإسرائيليين بإلقاء 100 قنبلة كل منها تزن طنا يوميا على أكثر المناطق ازدحاما في العالم، غزة، وهذا ما يسمح لإسرائيل بوضع قوانين عنصرية تفصل الأمهات عن الأباء وعن الأطفال·

إن النساء الفلسطينييات والعراقيات والأفغانيات هن أمهات مثلي، وحين يفقدن طفلا، حتى وإن كان واحدا من 12 طفلا، فإن آلامهن تماثل ألمي، ولكنهن بالإضافة الى فقدانهن لأطفالهن، فإنهن يفقدن أيضا بيوتهن ومقومات عيشهن ومستقبلهن، لأن العالم لا يصغي الى معاناتهن، ولا يعاقب من يقتلهن· إن كرامتهن كنساء وأمهات تُسحق، وتدمر هوياتهن ولا تُسمع صرختهن، إن إيمانهن وأعرافهن، وطرق حياتهن القائمة منذ قرون تتعرض للنبذ والإزدراء·

ليس الجنود الأمريكيون فقط، بل والإسرائيليون أيضا الذين يمارسون عمليا ذبح "العرب" (فلسطينيين أو لبنانيين)، قد لا يكونون شاهدوا أبدا وجه إنسان عربي قبل الالتحاق بالجيش، ولكنهم يتعلمون طيلة 12 عاما أن هؤلاء أناس بدائيون، يحملون بالأطفال من أجل إرسالهم الى الشوارع ورمي الأحجار على جنودنا الذين يحفظون السلام، هم غير متعلمين لأنهم لم يتلقوا تعليمنا، وهم متآمرون وقذرون لأن لديهم أفكارا مختلفة عن التهذيب، وهم يرتدون ملابس تختلف عن ملابسنا، ويضعون على رؤوسهم قطع ثياب مختلفة عما نضع على رؤوسنا· طيب، وفق تجربتي، هناك "كوفيات" في معسكر محبي السلام أكثر بكثير من لباس الرأس اليهودي، إن الأطفال الإسرائيليين محرومين من معرفة جيرانهم القريبين، وتاريخهم وثقافتهم ومميزاتهم· الأطفال الإسرائيليون يربون على رؤية جيرانهم كعنصر غير مرغوب فيه، وهذه ليست تربية، بل هي تلويث للعقل·

 

الأطفال منذ سن مبكرة

 

العالم "ريتشارد داوكنز" كان أول من تحدث عن جراثيم العقل، فالأطفال، لأن عقولهم ساذجة ومفتوحة ضد الملوثات الذهنية لمختلف أنواع الدعاية والأساليب، من السهل إقناعهم أن يغرسوا معدنا في وجوههم، ويضعوا وشما على أجسادهم، ويديروا قبعاتهم، ويعروا بطونهم، وأن يؤمنوا بالملائكة والجنيات، وعلى نحو مساو، من السهل أن يكتسبوا معتقدات سياسية وينتحلوا خرائط ذهنية ستؤثر لاحقاً على قراراتهم حول قضية حدود الدولة المستقبلية وحول ضرورة الحرب، كل أطفالنا تلوث عقولهم منذ سن مبكرة·

وهكذا وبمرور الزمن يكونون قد كبروا بما يكفي ليصبحوا  جنوداً حقيقيين فقد تعلموا سلفا أن يكونوا جنوداً ممتازين وهو ما يعني أن عقولهم تلوثت تماما، وأنهم لا يملكون قدرة على مساءلة "الحقيقة" التي غرست في عقولهم، هذا جزء من التفسير الذي يمكن أن يعطيه المرء للأعمال المرعبة التي يرتكبها اليوم الأولاد الإسرائيليون الطيبون، أولئك الذين يوصفون مرة بعد أخرى بأنهم "حملة القيم" من هنا يجيء الوقت للسؤال أي قيم هي هذه؟ في مايلي سطور هي جزء من تقديم شخصي لأحد طلبتي في الجامعة "تال سيلا" لورقة فصله الدارسي والتي تتضمن تحليلاً لكتاب من كتب التاريخ:

"في الخامس من سبتمبر 1997 وجدت نفسي في لبنان في مهمة إنقاذ· كان كل أصدقائي في المعركة وقتل 12 جنديا وفي الأيام التالية كنت سعيدا وحدثت نفسي "أنا حي وعلى قيد الحياة" ولكن بعد سنة تولتني كآبة عميقة، وقررت وأنا حزين ومكتئب استشارة طبيب نفسي، وبعد بضع جلسات استطعت استجماع قواي مرة أخرى جسديا ومعنويا، وأصبحت قادرا على تبين أفكاري وعندئذ فهمت أن الأزمة الذهنية التي حدثت لي كانت في الحقيقة أزمة معنوية أزمة وعي·

ما شعرت به حقا هو الإحباط والعار والغضب·· كيف أمكنني أن أكون بهذه السذاجة وأترك نفسي عرضة للخداع؟ كيف يمكنني تفسير أن رجل سلام يعرض نفسه الى تجربة مروعة مثل هذه بإرادته الحرة؟ اليوم مثلما هو الأمر كل أسبوعين أخذت الناشطين من أجل السلام الى حواجز الجيش الإسرائيلي العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورأيت ضابطا يقيد يدي سائق سيارة أجرة لأنه أخفق في إطاعة أمر الجنود بالتوقف هنا لا هناك· قال الجنود "قلنا له ألف مرة" كان الرجل ممدداً على الأرض في أسوأ درجات الصيف حرارة يعاني من العطش طيلة ساعات بلا نهاية، وكان صديقه أكثر حظا فقد كان عليه أن يقف على قدميه في زنزانة، من دون قيود، ما الذي يدفع هؤلاء الصبية الإسرائيليون الى لعب دور القضاة في محكمة عليا الى أن يفقدوا كل بصيرة ومقدرة على الحكم؟ في رأيي الذي يدفعهم هو الرواية الصهيونية الكبرى التي تستخدم كضمير جماعي للمجتمع الإسرائيلي كله علناً وضمنا على حد سواء·

هذه الرواية الكبرى هي نظام القيم الذي يجعلنا ننتمي الى هذه الجماعية الخاصة·

هذا هو النظام الذي يملي علينا العلاقات بيننا وبين الفلسطينيين وإلا كيف يمكن للمرء تفسير أن الشباب الذين تربوا على حب جارهم كما يحبون أنفسهم يقتلون جيرانهم ويدمرون مؤسساتهم التعليمية ومكتباتهم ومستشفياتهم لا لسبب كما يبدو سوى كونهم جيراناً؟

التفسير الوحيد هو أن عقولهم لوثتها عائلاتهم وأساتذتهم وقادتهم الذين أقنعوهم أن الآخرين ليسوا بشرا مثلنا، ولهذا فإن قتلهم ليس قتلا في حقيقة الأمر، إن له أسماء أخرى شرعية مثل "تطهير" و"تنقية" و"عقاب" و "عملية" و"مهمة" و"حملة" و"حرب"·

رغم أنني أتحدث عن الصبية الإسرائيليين إلا أن هذه ليست مسألة إسرائيلية لأن الوباء كما يعرفون منتشر على نطاق عالمي· عاد ابن أختي "دورني" البالغ من العمر 7 سنوات والذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية الى البيت في عيد الهولوين، وقال إنه يريد أن يكون جنديا، ثم يذهب الى العراق ويحمي أمريكا·

فكم شابا أمريكيا جاهلا مثل ابن اختي بلا معقولية هذه العبارة، ذهب فعلا الى العراق ومات هناك من دون أن يعرف لماذا، ولكن على شفتيه عبارة "لأحمي أمريكا"·

السؤال هو: "كيف وأين انغرست هذه القيم الزائفة في أدمغتهم؟ وكيف يمكن محوها؟

 

قيم زائفة

 

في النفس الإنسانية كما يقول دواكنز مرضان عظيمان: الإلحاح على الأخذ بالثأر من جيل الى جيل، والميل نحو إلصاق نعوت جماعية بالناس لا النظر إليهم كأفراد، وكلنا نعاني بسبب هذه النعوت، ولكن أولئك الذين ماتوا منا بسبب النعوت هم وحدهم الذين أدركوا أن طريقة محاربة النعوت هو رفضها، طريقة هزيمة نظم القيم الزائفة، هو فضحها·

إن جراثيم العقل لا تضعف إلا جزئيا على يد شبان مثل "تال" وشبان إسرائيليين آخرين مثل "محاربون من أجل السلام"، ولكن معظم أطفالنا الملوثي العقول لن يتخلصوا من قبضة هذه الجراثيم الى أن يجدوا راحتهم النهائية في مملكة الأطفال الموتى تحت الأرض، والمتنامية دوماً·

هناك فقط يدركون أنه ليس مهما ما إذا كانت رؤوسهم مكشوفة أولاً في كنيس أو كنيسة أو مسجد أو ما إذا كانوا نطقوا كلمات محرمة، أو أكلوا لحماً محرماً أو ما إذا شربوا شراباً ساخنا بعد قطعة البيتزا قبل أن يفجرهم شخص لا يعرفونه، الأمهات الإيطاليات والبريطانيات والأمريكيات والإسرائيليات يربين أطفالهن بكل حب ورعاية لكي يضحين بهم على مذبح إله الموت، كما لو أن أرحامهن آلات تفريخ قومية أو محلية بالأحرى، ويحث الآباء أطفالهم على تكريس أنفسهم  لجيوش ليس لمصلحتها شأن  بالدفاع وحين يموت هؤلاء الأطفال من أجل أن يستفيد أحد ما تشعر عائلاتهم بالكرامة والاعتزاز، كما تعلمت، وتضع صور أطفالها الموتى على طرف المدفأة أو طاولة الزينة ثم تتنهد "كم كان وسيما بردائه الرسمي"·

حان وقت القول لهذه العائلات أن لا أحد  وسيماً في رداء الوحشية الرسمي، حان الوقت للقول لهذه العائلات، لقد أصبحت الأردية الرسمية والرتب والنياشين قبيحة· أن نقول لهم إن كرامتهم واعتزازهم هما في المكان الخطأ، أن نقول للشعب اليهودي إن الطريقة الوحيدة لنخذل أعداء السامية هو في إدانة الحكومة الوحيدة التي ترسل متعمدة الفتية والفتيات اليهود الى موت مؤكد، والتي تضطهد حتى الإبادة أمة سامية بأكملها· أن نشرح لهم أن الحكومة اليهودية وأفعال جيشها وليس بعض من الكراهية  للعرق اليهودي، هي السبب وراء اختراع العلامة  الجديدة التي غالبا ما نراها في مظاهرات أنصار الفلسطينيين حيث تساوي نجمة داود بالصليب المعقوف·

إنه من الصعب الى حد بالغ بالنسبة لأناس تربوا وتعلموا في إسرائيل أو في الولايات المتحدة الأمريكية أو أي بلد "غربي" "ديمقراطي" الاعتراف بأننا نشأنا وتربينا على قيم عنصرية زائفة، على رهاب الكراهية، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يدفع نحو تغيير روحي هو الصورة الدائمة لأجساد الصغار المشوهة ضحايا هذه القيم·

غداً هو يوم كيبور، أقدس يوم عند اليهود، وفي هذا اليوم يطلب من الناس أن يطلبوا الغفران، ليس أن يغفروا بل أن يغفر لهم وأود هنا أن أستشهد بمقطع من قصيدة كتبها الراحل "هانوه ليفن" أحد كبار كتاب المسرح الإسرائيلي في السبعينات·

أبي العزيز حين تقف على قبري

عجوزاً ومتعبا ووحيداً

وترى كيف دفنوني في التراب

اطلب مني أن أغفر لك يا أبي

يجب علينا جميعا أن نطلب غفران أطفالنا لأننا لم نكن يقظين أكثر، لأننا لم نحارب بما فيه الكفاية للحفاظ على وعودنا بعالم أفضل لأننا لم نرفض الجراثيم الشريرة من قبل، ولأننا تركناهم ليكونوا ضحايا التلوث العقلي المروع الذي نعاني منه جميعاً، ولننظر الى وجوههم الصغيرة البريئة المندهشة الخالية من الأوهام ونسأل أنفسنا، لماذا يمزق ذلك الخط من الدم بتلات خدودهم؟ 

ترجمة عن موقع

www.qumsiyeh.org/nuritpeledelhanan

طباعة  

استراحة رمضانية
"ماراثون" التواصل الرمضاني!