· سمو رئيس الوزراء يحظى بمساندة غير مسبوقة، وعليه استثمارها لصالح البلاد
كتب محرر الشؤون السياسية:
مع دخول مشاورات رئيس الوزراء المكلف أسبوعها الثاني تتجه الأنظار والآذان لالتقاط ما يؤشر على توجهات سمو الشيخ ناصر المحمد في اختيار فريقه الوزاري، وحتى الآن لا أحد يستطيع تحديد ملامح التشكيل الوزاري من سيخرج ومن سيبقى ومن الجديد الذي سيضاف، حتى الآن أمر مستعص على التكهنات·
تكليف الشيخ ناصر حظي بمباركة جميع الأطياف التي نثرت الثناء وعبرت عن تفاؤلها باستمرار البوادر الإصلاحية التي حاولت الحكومة السابقة انتهاجها·
وإذا راجعنا تاريخ تشكيل الوزارات سنجد أن هذه المساندة التي حظي بها الشيخ ناصر أمر غير مسبوق، ولذا فهي رصيد سياسي ثمين جدير بأن يحافظ عليه ويبني عليه، والظروف التي رافقت استقالة الوزارة على إثر الاستجواب المقدم لوزير الصحة وطلب طرح الثقة ثم تكليف الشيخ ناصر بتشكيل الوزارة الجديدة، ظروف بالغة الدقة، حيث جرى الحديث خلالها عن تعديل الدستور لإنشاء مجلس شيوخ وتبني صيغة النموذج المطبق في البحرين، أي مجلس منتخب محدود الصلاحيات ومجلس معين بصلاحيات تقيد المجلس المنتخب·
تعديل الدستور أمر غير مقبول شعبيا وهو يحمل مخاطر زج البلد في أتون عدم الاستقرار والدخول في نفق المواجهات بين قوى الشعب وأدوات النظام القمعية، وتبرز خطورة هكذا توجه إذا أخذنا بعين الاعتبار الظروف غير المستقرة في المنطقة من حوالينا·
لذلك فإن التشكيل الوزاري القادم سيكون المؤشر الأول على ما إذا كان التوجه نحو تعديل الدستور أم التوجه الجاد نحو الإصلاح والاستمرار في الخطوات الإصلاحية وتكريسها كمنهج ومسار لدفع عجلة التنمية·
فإذا كان التشكيل ضعيفا أو غير مرضي للرأي العام والقوى السياسية ويعطي المبرر للتصادم مع مجلس الأمة فذلك يعني أننا مقبلون على مرحلة قلقة، أما إذا وفق سمو رئيس الوزراء المكلف باختيار فريق وزاري قادر على تبني برنامج إصلاحي كما عبرت عنه تمنيات معظم الأطياف الشعبية والقوى السياسية، فعندئذ سنكون على أبواب العبور إلى مرحلة بناء جاد وهو ما ننتظره ويتطلع إليه الكويتيون·
وعلى وجه التحديد فإن الإصلاح المنشود يبدأ في حدوده الدنيا بإعادة هيبة القانون واحترام سيادته وحسن تطبيقه بحزم على الجميع بما يحفظ حقوق الناس من عاملين أو رجال أعمال بما يغنيهم عن تلمس الأساليب الاستثنائية وأحيانا غير الشرعية لتحقيق مصالحهم وتيسير أعمالهم·
وسمو رئيس مجلس الوزراء يواجه مهمة سهلة وصعبة في الوقت نفسه، هي سهلة لأن اختيار عناصر فريق وزاري قادر على التصدي لإنجاز برنامج إصلاحي أمر ممكن وليس فيه استحالة· وهي صعبة إذا كان الاختيار سيخضع لعملية الإرضاء للفرق والتكتلات، ولأن إرضاء كل الأطراف أمر مستحيل فربما أدى ذلك إلى إيجاد الغاضبين أكثر من الراضين·
هنالك أطراف في الأسرة مازالت متحفزة وطامعة في استعادة مواقع خسرتها وهنالك قوى وعناصر سياسية ترى في الإصلاح خطرا يهدد مصالحها ولا يمكن أن تتعايش معه·
قوة رئيس الوزراء المكلف في مواجهة قوى الفساد تكمن في رصيد حسن النوايا والثقة التي حظى بها من جميع الأطراف، والتحدي الذي يواجهه يكمن في كيفية توظيفه واستخدامه لهذا الرصيد، ونجاحه في ذلك سيعينه على مواجهة أجواء مجلس الأمة وما قد ينشأ من مناكفات ومشاكسات·
والقراءة الأولىة لوضع المجلس تظهر أن بعض التكتلات تطمع في استثمار وضعها للحصول على مناصب وزارية، فما توافر من معلومات يشير إلى أن الحركة الدستورية رشحت ثلاثة من غير البرلمانيين لتولي مناصب وزارية، فيما رشح تكتل الإسلاميين المستقلين اثنين من أعضائه لدخول الوزارة، وربما التطلعات نفسها موجودة لدى تكتل المستقلين المحسوبين على السلطة·
بينما لا يشترط التكتل الشعبي وكذلك تكتل العمل الوطني المشاركة في الحكومة وشرطهم لمساندة الوزارة فقط أن تكون وزارة ببرنامج إصلاحي ووزراء يتميزون بالكفاءة والنزاهة قادرين على تنفيذه·
إذن لا أحد يقول بأن الطريق أمام رئيس الوزراء المكلف مفروشة بالورود لكنها بالقطع ليست طريقا مسدودة، فهناك قوى يستطيع استقطابها والاستقواء بها في مواجهة أي اعتراضات أو عقبات أو عراقيل تنشأ·
المجتمع الكويتي متعطش لتجاوز حالة الركود واستئناف مسيرة التنمية واستعادة مكانته الرائدة ومواكبة عملية النهضة والتطور التي أخذت بها دول في المنطقة، وما يحتاجه هو قيادة مستنيرة تقدم له مشروعا تنمويا وفريقا مقتدرا على تنفيذه بحزم وجرأة·
