رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 مارس 2007
العدد 1766

إصدارات

المجتمع المنقسم على نفسه وخصائص السوق

 

                                                               

 

ضمن سلسلة عالم المعرفة، الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كتاب بعنوان: "اقتصاد يغدق فقرا" لمؤلفه هورست إفهيلد، ترجمة د·عدنان عباس علي وقد احتوى الكتاب على بابين وستة فصول، جاء الفصل الأول بعنوان الوهم الكبير: نمو اقتصادي جديد يخلق فرص عمل جديدة، والفصل الثاني بعنوان: من يتحمل الأعباء رأس المال أم العمل، والفصل الثالث يتطرق لمسألة الحلول المقترحة، والفصل الرابع عن انعكاسات السوق العالمية الحرة على الاقتصاد الألماني الفصل الخامس خصائص النظام الاقتصادي الكفيل وأما الفصل السادس والأخير فقد جاء تحت عنوان: "إلى أين يفضي الدرب؟

ومن مقدمة المترجم نختار:

"تمر دور أوروبا الغربية منذ عدة سنوات بتحولات اجتماعية جذرية· فقد أمسى هم السياسات الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول يتركز في المقام الأول على تقليص دور الدولة وتخليها عن توجيه الاقتصاد الوطني وعلى خصخصة مشاريع القطاع العام· من ناحية أخرى أمسى التنظيم النقابي في مهب الرياح، فكل البوادر تشير إلى أن الحكومات مصرة على سحب البساط من تحت أقدام النقابات العمالية وعلى الحد من حق العمال بالإضراب عن العمل· على صعيد آخر، تفاقمت البطالة الهيكلية، أي طويلة المدى، وازدادت اللامساواة في توزيع الدخل القومي والثروة الوطنية وتدهورت الأوضاع المالية الحكومية بنحو لافت للنظر·

فالسياسات المنتهجة في الحقبة الحالية، حقبة الليبرالية المحدثة، تسحق الدولة حتى العظم· فالدولة وقعت في فخ لم تعد قادرة على التخلص منه: فمن ناحية صار لزاما عليها أن تراعي متطلبات جذب الاستثمار الأجنبي وذلك من خلال تقديم الهياكل التحتية المغرية وتقديم تنازلات وإعفاءات ضريبية متزايدة ومنح المساعدات المالية لأصحاب الثروة على أمل إغرائهم بالاستثمار في اقتصاد الدولة المعنية وما سوى ذلك من مغريات مالية أمست تقدمها الدولة وإن كانت، هي نفسها، على علم أكيد بأن هذه الاستثمارات المحتملة لن تحقق لها مردودا ماليا يذكر· من ناحية أخرى، صارت الدولة تئن من ثقل الأعباء المالية الملقاة على عاتقها بفعل التحولات الاجتماعية المختلفة: البطالة المتفاقمة، ارتفاع مستمر بالمدفوعات الاجتماعية وما سوى ذلك من نفقات حكومية كثيرة يتعين على الحكومة النهوض بها وإن كان عائدها الضريبي في تراجع مستمر بفعل تفاقم البطالة وتراجع دخول العاملين بأجر·

وإذا كانت غالبية هذه الدول قد ضحت بالكثير مما حققت من مكاسب اجتماعية، أملا في أن يساعد هذا على تحقيق الخفض المنشود لمعدلات البطالة، إلا أن واقع الحال يشهد على أن هذه الدول كان تركض وراء سراب لا نفع منه ووهم لا خير فيه· ففي المنظور العام تتفاقم البطالة بنحو متواصل في الدول الرأسمالية·

بهذا المعنى، لم يساعد المنهج الليبرالي المحدث هذه البلدان على التخفيف من وطأة البطالة· إن العكس هو الصحيح· فالسياسات الليبرالية المحدثة زادت من وخامة المشكلة·

والمقصود بالليبرالية المحدثة تلك المجموعة من النظريات الاقتصادية التي ترى أن اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادي خير السبل لتحقيق المجتمع الحر وزيادة رفاهية شعوب العالم المنفتحة اقتصادياتها على السوق العالمية"·

وفي الأصل، أي في نهاية أربعينيات القرن العشرين، كان الدافع لصياغة الآراء الليبرالية المحدثة يكمن في تفنيد الاشتراكية عامة والماركسية على وجه الخصوص وإدانتهما باعتبار أنهما "الطريق إلى العبودية"· وفي ندوة اقتصادية عقدوها في باريس عام 1938 استخدم الاقتصاديون الناطقون بالألمانية فريدرش فون هايك وفلهلم روبكه وفالتر أويكن مصطلح الليبرالية المحدثة لأول مرة في التاريخ· ولأن المؤتمرين لم يتفقوا على اسم لحركتهم الفكرية الجديدة، لذا أطلقوا في الاجتماع الذي عقدوه عام 1947 في مدينة مون بيليران "جمعية مون بيليران" على حركتهم الجديدة· وكان فون هايك، آذاك، على اعتقاد تام أن المنهج الليبرالي المحدث سيحتاج إلى جيلين أو ثلاثة حتى يهيمن على الساحة الفكرية ويغدو سياسة تنتهجها الحكومات، وبالتالي فقد واصل فون هايك، بين الحربين العالميتين، جهوده لتطوير الليبرالية المحدثة أملا في أن تغدو نظرية متكاملة تهتدي بها السياسة الاقتصادية في المجتمعات الرأسمالية، فحصل بفضل ذلك على جائزة نوبل للاقتصاد في عام 1947·

وإذا كانت الليبرالية قد ركزت جهودها في بادىء الأمر على تفنيد الاشتراكية المطبقة في أوروبا الشرقية ونظريتها الماركسية، إلا أن اهتمامها تحول في سبعينيات القرن العشرين صوب النظرية الكينزية التي هيمنت على الساحة الأكاديمية وكانت بمنزلة المنار الذي تهتدي به السياسة الاقتصادية المطبقة في البلدان الرأسمالية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية· وكان هجوم الليبرالية المحدثة على النظرية الكينزية يتمحور حول ادعاء مفاده أن هذه النظرية لم تعد تلبي متطلبات الوضع السائد وذلك لأنها ليست ذات بال في شرح أسباب الركود الذي عصف بالاقتصاديات الغربية في سبعينيات القرن العشرين· فقام ملتون فريدمان، القطب الآخر في الحركة الفكرية المناوئة للفكر الكينزي، بشن هجوم على النظرية الكينزية بدعوى أن هذه النظرية تنطبق على واقع اقتصاد مغلق، أي اقتصاد ليست له علاقات اقتصادية مع العالم الخارجي، وراح يصوغ نظريته النقودية (Monetarism) كبديل عن النموذج الكينزي· كما تكفل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وكذلك منظمة التجارة العالمية بالهجوم على النظرية الكينزية والدعوة إلى المبادىء الليبرالية المحدثة· فهؤلاء جميعا أكدوا ضرورة التراجع عن السياسات الاقتصادية المسترشدة بالنظرية الكينزية، وعلى أهمية الانفتاح الاقتصادي وتحرير أسواق المال والسلع من القيود والتوجيه الحكوميين، تطبيقا لمبادىء الليبرالية المحدثة، أو بالأحرى رداءها الاقتصادي الموسوم "النظرية الكلاسيكية المحدثة"، المهيمنة على أروقة كليات الاقتصاد في أغلب بلدان العالم في اليوم الراهن· فهذه النظرية توظف جل مقولاتها لخدمة أهداف أيديولوجية الطابع، أهداف تخدم مصالح رأس المال في المقام الأول·

طباعة  

مجموعته القصصية تثير السخرية وتدفع الى الضحك
يوسف المحيميد شاعر وقاص عصي على الكتابة

 
جملة مفيدة
 
إشراقة
 
شعر
 
وجهة نظر