القاهرة - خاص "الطليعة":
لم تنتظر الحكومة المصرية مغيب يوم الإثنين الماضي وإقفال صناديق الاستفتاء على تعديلاتها "الدستورية" لتبدأ تطبيق مبدأ الدولة البوليسية: فقد نشرت آلافا من قواتها الأمنية وأرسلت حافلاتها وشرطتها لجلب الناس إلى الصناديق بعد أن تبين منذ الساعات الأولى أن مقاطعة الاستفتاء على التعديلات تكاد تكون شاملة، وأن أقلية ضئيلة من المشاركين، إما بالتهديد، وإما لأنهم من بطانة حزب موظفي الدولة، شاركت في الاستفتاء·
وكأي دولة بوليسية في العالم، سارعت وزارة الإعلام إلى الإعلان عن أن نسبة الإقبال على الصناديق تراوحت بين 23% و27%، بينما أجمعت الشهادات والتقارير غير الرسمية، ومنها منظمات مستقلة على أن النسبة تقل عن نسبة 5%·
وكذب مراسلو الفضائيات ما أعلنته وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية عن "توجه ملايين الناخبين إلى مراكز الاقتراع" وقالوا إنهم لم يشاهدوا ما يشير إلى أن ملايين تتحرك في هذا اليوم· بينما نقل المركز المصري لحقوق المرأة خبر ممارسة طريفة لا تليق إلا بالدول البوليسية، وهي أن الناخبين في بعض المحافظات منعوا من دخول المراكز الانتخابية إلا بعد التأكد من أنهم سيصوتون بنعم، أما من كان يشك في "نعمه"، فقد كان يمنع من الدخول·
ولاحظ أكثر من مراسل خشية على وجوه عدد من المواطنين المصريين الذين سألوهم عن رأيهم في الاستفتاء، وصرح بعضهم أنه يخشى الاعتقال والسجن·
أحزاب المعارضة بأطيافها المختلفة التي دعت إلى مقاطعة استفتاء مفروض على تعديلات مفروضة، تنتهك الحدود الدنيا التي وضعها الدستور لحماية الحريات العامة والقضاء والانتخابات، وتضيف قانونا مطورا للطوارىء تحت مسمى "قانون الإرهاب" ستكون معرضة للشبهة بأنها "أحزاب إرهابية" بمنطق هذا القانون الجديد، ولن يكون بإمكان أي مصري، وفق هذا القانون، الاعتراض على أي شيء أو الاحتجاج على أي ممارسة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية يمارسها النظام، أو أحد أفراده، أو أحد أفراد بطانة الرئيس ونجله، ضده، فكل شيء وفق "الدستور" البوليسي إن لم يكن انصياعا هو إرهاب صريح·
وبهكذا دستور تفرضه قوى الأمن والشرطة، إذا قيض له البقاء، يكون الرئيس مبارك قد ضمن لحزبه الحاكم البقاء في سدة الحكم إلى الأبد، وضمن توريث ابنه وحفيده الحكم إلى يوم يبعثون·
