أعضاء لجنة التحكيم... والتأصيل في الفساد
د· نادر القنة
شيءٌ مؤسف حقا أن نرى بعض الأكاديميين المسرحيين، من سلالة الفاشلين والعاجزين وطلاب الشهرة المجانية، يعمدون من أجل الوصول لعضوية لجان التحكيم بالمهرجانات المسرحية، إلى اتباع حيل خاصة، وطرق ملتوية، فيها الكثير من الشبهة وعلامات الاستفهام··· ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد· بل يعمد البعض منهم إلى تحقيق غايته بعقد صفقات مكشوفة ومشبوهة ، تفوح منها رائحة الفساد الثقافي وغير الثقافي·
هذه الأساليب الملتوية، المخادعة لاتكشف إلا عن زيف هذه السلالة من الأكاديميين السرخسيين المتسلقين، كما تكشف عن أكذوبتهم، وعن عجزهم، وعن فوضويتهم، وعن خوائهم العلمي، وعن ضحالة تجربتهم· لذلك تراهم في كل مائدة من موائد المهرجانات والملتقيات، وفي كل مولد من موالد المسرح يستذبحون، ويستقتلون من أجل أن يكون لهم موقع قدم في عضوية لجان التحكيم في هذا المهرجان أو ذاك· فلا يتركون وسيلة إلا ويتبنونها ويتبعونها، علها تكون بالنسبة إليهم جواز السفر الذي ينقلهم إلى غاية ما يريدون· فهم ميكافيليون حتى النخاع، وصاروا معروفين للقاصي والداني بأنهم علامة مسجلة للتحكيم (غير النزيه) و(غير النظيف)· لأن آخر ما يعنيهم في ذلك الحيادية، والموضوعية، والعلمية· وأول ما يعنيهم تشويه الحقائق، وقلب المعايير·
إن أول من يعمل على إفساد المهرجانات المسرحية، وغير المسرحية، هم أولئك النفر الانتهازيون من أعضاء لجنة التحكيم، الذين يغتصبون مواقعهم، تارة بالرجاء والحيلة والاستجداء وتبادل المنافع، وتارة بالهيمنة والفرض القسري بفعل قوة النفوذ، وسلطة الآخرين· لأنهم - في الأصل - أبعد ما يكونون عن مقاييس الإبداع الحقيقي· ومقاييس الموضوعية والشروط العلمية، بل ومقاييس العدالة ذاتها· ولأنهم في عداء دائم مع النزاهة، ووفاق دائم مع كل مشاريع تصفية الحسابات·
جميع المهرجانات المسرحية التي شهدت حالات من التسلل إلى عضوية لجانها التحكيمية، من قبل هذه النماذج الفاسدة انتهت نهاية غير سعيدة· وكانت نتائجها محل شك ورفض، وإثارة للخلافات والانشقاقات· وكثر حولها القيل والقال· والسبب ببساطة ما أحدثه فيها المتسللون من خراب وتدمير وتشويه·
وحرصا منا على ثقافتنا المسرحية العربية، وعلى ألا تصاب مهرجاناتنا بالتصدع والانفلات··· فقد طالبنا في أكثر من مناسبة ضرورة التقيد بالمعايير العلمية والمضوعية في اختيار أعضاء لجنة التحكيم، الذين سيقولون الكلمة الفصل في الجهود الإبداعية· وطالبنا أن يتم الاختيار بعيدا عن الحسابات الشخصانية، وسياسة المجاملات، ودوافع المحسوبية··· غير أن الأمر يبدو مستحيلا، وأن هذه المطالبات من الصعوبة بمكان أن تتحقق· أو كما قال لي صديقي الكاتب والمخرج المسرحي الإماراتي فيصل الدرمكي: لا جدوى· أي الحال ستبقي على ما هي عليه، ومن العبث أن نطالب بالتغيير، فالفساد في الثقافة المسرحية صار مؤصلا، وبامتياز، كون الفساد ذاته صار جزءا رئيسا من ثقافتنا المعاصرة·
Drnader@maktoob.com