· السعدون: أبعدَ كل هذا ...يأتينا راشد الحمود ليعطينا درساً في كيفية وضع الدستور؟!
· المدعج: بدؤوا كأفراد ثم أصبحوا مؤسسات بأموال غير نظيفة
· الخالد: قوى الفساد في السلطة غبية ولاتستوعب دروس الماضي
· الصرعاوي: وصلنا إلى الخط الأحمر بعد أن استغل الخصم حلفاءنا
كتب فراس حسين وجاسم القامس:
أكد عدد من الناشطين السياسيين الإصلاحيين أن الهدف من وراء حملتهم الأخيرة والجاري نشاطها تحت عنوان "إلا الدستور"، لم تأت من فراغ بل بعد لمسهم مؤشرات خطيرة للعبث بالدستور والمراد منها خلق أزمات دائمة تعبث باستقرار البلد·
وضمن حملة "إلا الدستور" أقام التحالف الوطني الديمقراطي ندوته تحت العنوان نفسه، تحدث فيها أعضاء مجلس الأمة أحمد السعدون، وعادل الصرعاوي، وعضو المجلس البلدي خالد عبدالرزاق الخالد، والنائب السابق د·عبدالمحسن المدعج حيث أكدوا جميعاً أن المساس بالدستور يعني المساس بالدولة بشكل صريح، ودعوا الفئة التي تسعى لذلك، الالتفات للتاريخ ورصد بصمات الدستور في المحافظة على استقرار الدولة وإنقاذها من الأزمات·
وفي البداية تحدث عضو مجلس الأمة السابق د·عبدالمحسن المدعج مؤكدا أن عنوان الندوة - إلا الدستور - عبارة عن صرخة من قلب كل مخلص وحريص على هذا الوطن، والهجوم على الدستور يعني نهاية الدولة، ويعني كذلك أن يتم فك العقد الذي بنى منذ ثلاثمئة سنة·
وبين المدعج أن هناك أشخاصا بدؤوا منذ وفاة الراحل عبدالله السالم بمهاجمة الدستور، حيث كانوا أفرادا وبعد أربعين سنة تحولوا إلى مؤسسات تملك كل مقومات التخريب في البلد، لديها مال غير نظيف ووسائل إعلام اشترتها بهذه الأموال غير النظيفة، ولديها كذلك نفوذ سياسي وإداري ساهم مساهمه مباشرة في تخريب الدولة، وأصبح هذا الأمر مكشوفا للناس وأصبحت العملية ليست بمجامله بل بشكل صريح·
واستغرب المدعج من عدم خوف هذه الفئة على البلد ومستقبل الناس، متسائلا لماذا يريد البعض إلغاء أهم ركن من أركان الدولة وهو الدستور؟! وللإجابة عن هذا السؤال يجب العودة لتاريخ الصراع والذي وصل لقمته الآن، فبعد وفاة المغفور له عبد الله السالم حاربوا الدستور، وفي سنة 67 زوروا الانتخابات، وفي 76 حلوا المجلس وحاولوا تنقيح الدستور في عام 78· ثم أجروا انتخابات مشوهة باغتصاب الحق الشعبي عام 1981 وتمزيق الدوائر، ومزقوا الناس منذ ذلك الوقت وحلو مجلس 85، ثم ساروا في طريق يسمى بـ"المجلس الوطني" وهو انقلاب على الدستور·
وتابع المدعج استنكاره قائلا ألم يتعلموا الدرس؟ فمن حماهم إبان فترة الغزو؟! ألم تفكر تلك المجموعة التي تحاول إشعال الفتنه وتمزيق البلد كيف عادت الكويت؟! لم تكن قوى التحالف الوحيدة من أعادت الكويت، بل الأمر يعود لله ولتضافر الشعب الكويتي تحت راية الدستور· وكان للدستور أبرز بصمة في حل الأزمة الأخيرة بعد وفاة الأمير الراحل، ولو لم يكن هناك دستور، فماذا سيكون حالنا؟!
تراجع الجرذان لجحورها
وأكد المدعج أن الشعب الكويتي شعب وفي بطبعة، التزم في العقد الذي أبرم منذ ثلاثمئة سنة والمتعلق في المادة 4 ولن يخون هذه المادة على الإطلاق، فماذا يريد المفسدون؟ هل يستكثرون علينا على أن تكون الأمة هي مصدر السلطات، وهل يريدون تفرقته؟ ألا يراعون الوضع الإقليمي الذي نمر به! ألا يعرفون أن هذه الدولة قامت في أساسها على الوحدة الوطنية! يقومون بخرق الدولة والناس والإدارات والآن تفريغ الدستور من مضمونه·
وبين المدعج أنه لمن الخطير أن يأتي من يطرح قضية تنقيح الدستور بطريقة غير مشروعة، فالمادة 174 واضحة، ومن خلال الشعب الكويتي الذي يمثله نوابه يتم طرح القضية، والحقيقة تخفي عن الكثير من الناس، أنهم حين فشلوا في تخريب الديمقراطية من خارج قبة البرلمان، أتوا بعد الغزو وحاولوا تخريبها من داخل قبة البرلمان، كل ذلك ليصلوا بالناس إلى حالة من الزهد في الديمقراطية، والتمسنا ذلك من الناس مؤخرا، لكننا نقول لهم لا، فالديمقراطية ليست بطفرة، ولا هي مجرد خمسين نائبا في المجلس، فالديمقراطية هي الناس ووعيهم والممارسة الراقية، والحرص على هذا البلد·
وأكد المدعج أن القضية أصبحت قضية واضحة، دون تأويل أو وجود رأي مخالف، على مرأى ومسمع من الحكومات المتعاقبة، وعلى كل مراقب وشخص معني في هذا البلد أن يقف موقفا حازما ضد مس الدستور، إلا عن طريق قنواته الشرعية، ونحن كسياسيين نراهن على الشعب الكويتي ووعيه، وعلى الجرذان أن ترجع لجحورها·
زهد في الديمقراطية
من جانبه قال النائب عادل الصرعاوي إنه بمتابعة الأحداث وربطها سنجد أننا أمام خصم جديد يعتقد بأنه ذكي في التعاطي مع الدستور، إلا أننا وصلنا اليوم للخط الأحمر بعد ما قام الخصم باستغلال حلفائنا في الأمس، حيث من دافع عن الدستور في الأمس، اليوم هو خصمنا، لذلك يجب أن ننظر للعملية نظرة فاحصة، فمن يطرح علينا اليوم بأن يعطل المجلس وينقح الدستور ثم يعرض استفتاء ويتم دعم مجلس الأمة، نقول له قف، فذلك أمر جديد، وكل ذلك بحجة أن المجلس أوقف عملية التنمية·
وبين الصرعاوي أننا أمام قضية تختلف تماما عما طرح في الفترة الماضية، وبناء على الأحداث التي مرت بها البلاد وصلوا إلى تصور ينم على أنهم لا يستطيعون إيقاف الدستور، والاستعانة بأداوات التفريغ من المحتوى، لكن ومن خلال قناعتنا نحن في الفترة الماضية وكيف قام الدستور بحمايتنا- وعلى سبيل المثال قانون توارث الإمارة - كان يجب أن يعكس إيمان أقوى من ما كان عليه، حتى نحصن الدستور من عبث العابثين·
وأوضح الصرعاوي أننا في بداية الدخول بقضية أخرى، حيث خرج إلينا مؤخرا من يعيد لنا التاريخ برسم آخر، خصوصا أن الكثير من أبناء الجيل الجديد في المدارس والجامعات لم يحصلوا على الفرصة لدراسة هذا التاريخ، ويروي ذلك الشخص قصته ويربط قضية التجار بالدستور، وأعني هنا بشكل واضح مقابله الشيخ راشد الحمود، وأعتقد أن ذلك الأمر عبارة عن حلقه من حلقات تفريغ وتهميش الدستور، وليست تلك بطريقه يتم بها طرح الدستور وسرد التاريخ، كذلك ليست بطريقة نكرم بها هؤلاء الرجال الذي أعطونا هذا الموروث الذي نحمله على ظهورنا لنصل به للجيل القادم·
وأكد الصرعاوي أن مسؤولية المحافظة على الدستور هي أكبر من المحافظة على ثروات الكويت وتنميتها للجيل القادم، وللأسف أصبح للأعداء مخالب كبيرة، لكننا بإرادة الشعوب سنقلم أظافر هذا الخصم، ومن يستعرض هذه التجربة وهذا التاريخ ومن يطلع على الوثائق الخاصة وبالذات سنة 38 عندما رفعت المذكرة إلى الحاكم وقتها، - والصيغة تحضرنا دائما: ها نحن أتيناك مجمعين·· إلى نهايتها - فإما الموافقة وإما الضد، ويتوجب الوقوف هنا عند كلمة "الضد"·
وتحليل معانيها، فهل تفسر على أن العقد الذي بيننا وبينك قد يخل؟ أم قد يكون لنا رأي آخر في التعامل معكم، لكن هل يجوز أن تخرج هؤلاء الرجال الذين ضحوا بمصالحهم وتجارتهم بهذه الصورة وبتلك الصيغة؟! تقول إن ما حصل لهم تضارب في المصالح بين المجموعات، وبالتالي واحدة وقفت مع أخرى، ضد أخرى بطرق "شغل عوايل"·
وشدّد الصرعاوي على أن الدستور وتجربته أكبر مما قد يتخيل البعض، وتلك المقابلة التي تمت ليست ببعيدة عن الحديث الذي قاله في السابق محمد عبد الله المبارك، بأن عبدالله السالم اشترى ولاءات الناس بالتثمين وببراميل، ثم يأتي ويقول لي - وأنا واقف أمازح الصحافيين - انظر، هذا هو موضوع حل مجلس الأمة·
وبيّن الصرعاوي أن النقاط السابقة يجب إيضاحها والتشديد عليها لجيل الشباب حتى يوثق التاريخ، مثلما كان من قبلنا يذكرنا بالأحداث التي جرت في 38 و21، ويجب علينا أن لا نستبعد إسقاطاتهم أمام تصور أصبح مكشوفا، كذلك أساليبهم في جس النبض بتصريح، حتى يعرفوا ردود الفعل· ويجمع الجميع على قضية المحافظة على الدستور والوصول به إلى بر الأمان·
وأوضح الصرعاوي أنه يجب جمع مجموعه النقاط تلك واخضعها بشكل مترابط بقضية عدم إيمان القيادة بالديمقراطية، فعند حصول أي مشكله في المجلس، يقولون هناك احتمال حل المجلس، أيضا في حالات الاستجواب أو لجان التحقيق، نسمع أن هناك احتمال حل في المجلس، وبذلك يحاولون ترويض المجلس لأنه يذكرهم بالدستور، فعندما يتحدثون عن المجلس يأتي أمامهم الدستور·
وأضاف الصرعاوي أن الذي يعود لقانون توارث الإمارة سيجده وضع منذ 62 ولم يستخدم ولم يلتفت إليه إلا في 2006، أي أربعين سنة تقريبا، وبالتالي هؤلاء الرجال الذين لديهم بعد نظر، وضعوا قانونا وتشريعا يحاكي الحال الذي نحن بها، ويأتي اليوم من يفسرها على أنها فتره كان بها تضارب بين مصالح التجار· وأعتقد أننا في حاجه لوقفه مع التاريخ وتوثيق القضية، وأناشد من عاصر هذه الحقبة أن يقوم بالرد علي بشكل موثق على تلك الأقاويل·
التنمية ليست بحجة
وتحدث عضو المجلس البلدي خالد عبدالرزاق الخالد عن ما يروجه البعض من أن المجلس أصبح عائقا للتنمية في البلاد وأنه أحد أسباب تدهور الوضع وإعاقة تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري في المنطقة، وقال الخالد بهذا الشأن إن وجود مركز مالي وتجاري يتطلب وجود تشريعات تحمي هذه الفكرة، خاصة وأن الهدف الرئيسي من إنشاء هذا المركز هو استقطاب الاستثمار الأجنبي الذي بدوره لن يبادر للاستثمار في بلد ينتهك فيها الدستور بجرة قلم لأن ذلك يعني انتهاك القوانين بجرة قلم ولا يوجد مستثمر يضع أمواله في دولة بها صراع سياسي ودستور ينتهك· وقال إن التعرض للدستور هو أول عائق للتنمية مبينا أن الرد على حجة الانفتاح هي احترام القانون وأولها الدستور وتطبيق الشفافية بالتعاون مع مجلس الأمة·
وأضاف الخالد أن المشكلة تكمن في عدم دعم الحكومة لقوانينها وهو ما ذكره النائب مشاري العنجري في أكثر من مرة· وقد رأينا كيف تدافع الحكومة عن بعض القوانين لكن مشكلتهم ليس التنمية بل الدستور· مضيفا بأن بعض أعضاء مجلس الأمة الذين يشكلون عائقا في نظر الحكومة أتوا للمجلس إما من خلال شراء الأصوات أو الخدمات أو الفرعيات، وهي جميعها قضايا نجد للسلطة دورا رئيسيا فيها· وقال الخالد إن أحد أفراد السلطة ممن يطلق على نفسه لقب "المجاهد" في إحدى اللقاءات التلفزيونية هو العنصر الرئيسي لوجود بعض الأعضاء بالمجلس يهدفون إلى قتل الديمقراطية واصفا إياه بالمجاهد "الهاليبرتوني" نظرا لتورطه في قضية هاليبرتون· وقال الخالد إنهم يكرسون فكرة فساد الديمقراطية وهذا أخطر أنواع الفساد· مستغربا كيف نصل لمرحلة نجد بها نائبا حاز على عضويته من خلال شراء الذمم رئيسا للجنة حماية المال العام·
وأشار إلى أن قوى الفساد في السلطة أغبياء ولا يستوعبون دروس الماضي والتاريخ، فإن حل مجلس الأمة وتعليق الدستور دائما يأتي بكارثة مدللا على ذلك بأن حل مجلس 76 أتي بأزمة المناخ بينما حل مجلس 85 أتي بكارثة الغزو· وقال إن مشكلتهم أنهم لا يريدون قراءة التاريخ لأن مشكلتهم الرئيسية هي كيفية تعليق الدستور وقتله بهدف السرقة، وهذا ما أراه بشكل يومي بحكم عضويتي بالمجلس البلدي حيث نرى التجاوزات من حلاق في جمعية حتى أرض لأملاك الدولة بالملايين·
وطرح الخالد بعض الأمثلة للتدليل بأن حل المجلس وتعليق الدستور يجري بدافع السرقة حيث قال إنه مع وجود الدستور ومجلس الأمة فإننا نرى التجاوزات على المال العام ضاربا المثل بأحد المباني على شارع البلاجات التي بنيت على أملاك الدولة دون ترخيص واصفا إياه بأنها أعلى عمارة على البلاجات· وأضاف أن هناك مبنى يضم مواقف للسيارات في شارع فهد السالم يجب أن يوقع عقد مع أملاك الدولة منذ عام 81 حتى الآن لم يوقع عقد ولم يدفع دينار واحد للدولة· ومن المضحك أنه عندما يتخذ المجلس البلدي قرارا بحصر المبالغ وتحويل المرفق لشركة المرافق العمومية نرى الوزير "الإصلاحي" يرفض قرار المجلس البلدي ويرده·
وقال إن كل هذا وأكثر يجري في ظل وجود قانون ومجلس أمة يراقب، فعلى ماذا ستكون الحال إن تم تعليق الدستور والحياة الديمقراطية؟
ورأى الخالد أن بعض المتنفذين ربما يرون ابن عمهم الذي سرق من الدولة وفتح له جريدة ولم يتصد له أحد والآن يريدون أن يصبحوا مثل ولد عمهم·
واختتم الخالد بقوله إن أهم نقطة يجب أن يعرفها كل مواطن وأوجهها لمدعي المعرفة بالتاريخ وهي أن الدستور ليس هبة ولا منة من أحد بل هو خلاصة علاقة عمرها 300 سنة من خلالها أناس اجتهدوا للحفاظ على هذا البلد· وهي علاقة شراكة منذ مجلس 1921 ومرورا بمجلس 1938 حيث تعرض البعض للنفي والضرب وبعضهم قتلوا للحفاظ على استمرارية هذا البلد وهذه الشراكة· ونحن ككويتيين ولدنا أحرارا وسنبقى أحرارا وسنموت أحرارا، غصب على اللي ما يرضى ولا نقبل أن نكون ملك لأحد·
هراء!
من جانبه أعرب النائب أحمد السعدون عن حزنه من أنه بعد 45 سنة من إقرار الدستور نتحدث ونقول "إلا الدستور"، مشيراً أن هذا لا يأتي من قناعاتنا فقد بينا كشعب قناعاتنا منذ زمن عن عدم إيمان السلطة بالدستور لكن للأسف فإن هذه القناعات بدأت الآن تقترن بأفعال وسأتحدث مباشرة عن مقابلة الشيخ راشد الحمود ولن أتحدث عن كل ما قاله في المقابلة فيكفي أن أشكك في نقطة واحدة لكي نهدم كل ما قاله، لكني سأتحدث عن نقطة قالها الحمود عن مجموعة دواوين الإثنين وهي تكتل نواب 85، حيث قال إنهم عندما دعوا قالوا إنهم مستعدون لترشيح 8 أعضاء منهم و8 أعضاء في الحكومة مقابل 8 أعضاء محايدين لتشكيل لجنة لتقييم الدستور، وقال السعدون إن هذا الكلام هراء لم يحصل ولم يطرح ولم يناقش فما حصل هو أن ولي العهد آنذاك، سمو الأمير الوالد حالياً، دعانا كنواب لمقابلته، حيث سألنا بأي صفة تأتوني فقلنا له إننا نواب، ودار الحديث وكانت مطالبتنا واحدة بوضوح وهي المطالبة التي رفعت لسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد والتي طالبت بعودة العمل بالدستور·
وقال السعدون إن الشيخ راشد الحمود لم يذكر ما قاله الرئيس ميتران في الأمم المتحدة، والذي لأجله عقد مؤتمر جدة الشعبي، كما لم يذكر ما دار في مؤتمر جدة ولا المحاورات التي حدثت في المؤتمر· وأضاف أن بعض هذه الحقائق لم يمض عليها الكثير ونحن لم نكن مشاهدين أو متابعين لهذا التاريخ لكننا كنا فاعلين فيه·
وأوضح السعدون أنه عندما تمت الدعوة للمؤتمر كانت الفكرة أن تكون مبايعة للسلطة فأعربنا أننا ليست لدينا مشكلة في ذلك، لكننا أيضاً ملتزمون بميثاق وعقد ويجب أن يعود العمل به بعد تحرير الكويت وهو إعادة العمل بالدستور وعودة مجلس الأمة· ولم يذكر هذا راشد الحمود كما أنه لم يذكر ما حصل ليلة المؤتمر 13 أكتوبر 1990 حيث كان هناك توجه لمجموعة من الإخوان الموجودين من أعضاء المجلس الوطني يحاولون تشكيل وفود فذكرت أنه بعد الاحتلال سقطت الدولة لكن الشعب الكويتي ظل ملتزماً بشرعيته الدستورية ونحن هنا في المؤتمر نريد أن نوصل للعالم أن الكويتيين متلاحمون، وقد بينت يومها أن الشرعية تتجسد في شخصيتين هما الأمير وولي العهد فقط وما عدا ذلك من حكومة والمجلس الوطني وغير ذلك فلا أحد· وبالتالي فإن أي إجراء غير ذلك سنعترض عليه· وكانوا يعلمون أن من شارك في المؤتمر أتى لايصال رسالة للمجتمع الدولي بأن الشعب يقف مع النظام والشرعية الدستورية وعودة العمل بالدستور· وقد عقد اجتماع في تلك الليلة استمر أربع ساعات ونصف وكاد أن يلغى المؤتمر نظراً لعدم رغبة البعض بالالتزام بالدستور·
وقال السعدون إن الدستور أتانا في مرحلة مواتية مع وجود الشيخ عبدالله السالم وإيمانه بالديموقراطية، حيث فرض ذلك على البقية وقد كان ذلك واضحاً في الجلسة الأولى للمجلس التأسيسي عندما تلى الوزراء الشيوخ بياناً قالوا فيه إنهم لن يشاركوا بالتصويت على مواد الدستور وسيتركوا ذلك للأعضاء المنتخبين· وأعرب السعدون عن ثقته من أن لو لم يحدث ذلك لخرج علينا دستور مختلف عن دستورنا الآن· وقال السعدون إن الدستور في ذلك الوقت لم يكن يشكل سقف الطموح، لكنه كان مرحلة فارقة في تلك الظروف· وقال إنه كان هنالك توجه لتنقيحه للمزيد من الحريات وتعديل بعض النصوص التي لم يكن موافقاً عليها من بعض أعضاء المجلس التأسيسي· فالمادة 56 مثلاً لم يكن موافقاً عليها وقد كان المرحوم حمود الزيد الخالد يصر مع يعقوب الحميضي على تعديل المادة، حيث كان حمود الزيد يصر على أن تكون الحكومة بأكملها برلمانية· ورأى أن الانتخابات تمثل رأي الشعب الكويتي، فبالتالي يجب أن تكون الحكومة ممثلة لتوجهات الشعب· وقال المرحوم "لا يمكن أن تزرع حنطة وتحصد شعير"·
وأضاف السعدون أنه في ذلك الوقت رأى البعض أن يستفز الخالد برأيه، حيث قال له الشيخ سعد "لماذا تلفون وتدورون، قولوها صراحة إنكم لا تريدون أفراد الأسرة يشاركون"· فرد عليه الخالد: وهذا كله مدون في محاضر لجنة الدستور، وقد كان وزيراً في ذلك الوقت قائلاً "ليس من الضروري أن يكون في الحكومة أشخاص من الأسرة الحاكمة"· وأشار السعدون لحادثة أخرى جرى فيها احتدام وسجال، حيث تم مناقشة المحكمة الإدارية، حيث كان مندوب الحكومة يرى بأنه لا داعي لها الآن خاصة وأنها توجه جديد في فرنسا ومصر· فرد عليه المرحوم حمود الزيد الخالد "من دون وجود هذا النص الذي يكفل للمواطن التظلم من السلطة·· فما فائدة الدستور"·
وتساءل السعدون: أبعد كل هذا يأتينا راشد الحمود ليعطينا درسا في كيفية وضع الدستور؟ الدستور ليس منحة فقد تم بالتوافق·
ودعا السعدون لكي نرى كيف كان يتعامل الرجال في ذلك الوقت فقد كان حمود الزيد وسعد العبدالله أعضاء في الحكومة لكننا كنا نرى كيف كانت آراء حمود الزيد وقد كانت أكثر الخلافات بينهم· بينما اليوم هل نرى وزيرا يستطيع أن يقول لرئيس الوزراء أو وزيرا آخر من الشيوخ "لا"، ونلاحظ كيف أن الحديث والاختلاف بين حمود الخالد وسعد العبدالله لم يؤثر في العلاقة فيما بينهم ويتضح ذلك عند الرجوع لمحاضر الاجتماعات·
ورأى السعدون أنه لا يجدر بنا أن نقف عند حدود رد الفعل على تصريحات البعض، فالنوايا لديهم لم تتغير· فيذهب البعض ويأتي غيرهم ولكن يبقى هنالك بعض الساكتين ممن هم ضد الدستور· وهؤلاء أسميهم بالخلايا النائمة فعندما تسنح لهم الفرصة يتحدث أحدهم·
ووجه السعدون رسالة واضحة حول الدعوة لتعديل الدستور سواء بالشكل الدستوري أو غيره فسنتصدى له· وقال: إننا سنتصدى حتى للتعديلات التي تأتي بشكل دستوري لأنه من المستحيل أن تأتي التعديلات نحو المزيد من الحريات فهم لن يقبلوا بذلك·
وقال السعدون إن أي كلام عن تعطيل الدستور يعني انقلاب على نظام الحكم في الكويت ومثل هذا الانقلاب سنواجهه من أول لحظة وبغض النظر عن النتائج· هم يقصدون تخريب البلد لكن الجميع يعلم أنه على مدى التاريخ يبقى الشعب وتذهب الأنظمة فصراع من هذا النوع معروفة نتائجه· ونحن نقول إن بعض الاستحواذيين والمفسدين وسراق المال العام يحاولون دفع السلطة للهاوية، فالاستقرار هو بالاستماع الى ما يريده الشعب الكويتي، فهذا الشعب هو الباقي وليس جماعة الاستحواذ· هذا الشعب الذي أرسل رسالة للمجتمع الدولي بتماسكه، وهو يعرف أن في رقبته بيعة فهو ملتزم بعهد وميثاق· وخرج بيان مؤتمر جدة متعهداً عودة الشرعية الدستورية بعد التحرير إلا أن ما حصل هو أنه تمت دعوة المجلس الوطني للانعقاد مجدداً لإيصال رسالة للناس بأننا نحن من نقرر ولستم أنتم، ولم يستمر المجلس طويلاً حتى عادت الحياة الدستورية·
وقال السعدون إن مهمتنا في المرحلة القادمة في ظل وجود أطراف تحاول أن تقوم بالمستحيل لتعديل الدستور لكن يجب أن نكون موضوعيين لنقول إن هنالك بعض العقلاء الذين يقولون بإدخال تعديلات على الدستور كزيادة عدد الأعضاء أو ما إلى ذلك· لكن هذا قد يكون عبثا بالنار لأنهم سيتخذون منه ذريعة لإدخال تعديلات غير مرغوبة لذلك يجب أن نرسل رسالة واضحة وهي أننا نختلف ونتفق على بعض الأمور لكن أي محاولة لتعديل الدستور والحل غير الدستوري وتعطيل الدستور وإنشاء مجلسين، كما يقولون فإن هذا الأمر لن يمر مرور الكرام وسيواجه إلا الدستور لا للعبث فيه لا للمحاولات الجارية حالياً للقيام بما يؤدي لحل غير دستوري وعرض أي أمر عبر استفتاء فهو أمر كذلك غير دستوري· ونقول لا لكل إجراءاتكم وبإذن الله سيبقى الدستور·