رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 أبريل 2007
العدد 1769

لبنانيا ودوليا ...لابد من الرياض وإن طال السفر:
الطرقات اللبنانية تتشعب في السياق العربي و الدولي ...ولا تلتقي!

                                       

 

كتب محرر الشؤون العربية:

أضفت الرسالة التي وجهها السبعون نائبا لبنانيا يمثلون الأكثرية النيابية إلى مجلس الأمن الدولي طالبين فيها إقرارقانون المحكمة الدولية المزيد من التعقيد على مسار الأزمة اللبنانية، وانتقل السجال القائم بين رافضين لإقرارها من دون مناقشة في إطار حكومة وحدة وطنية (قوى المعارضة) وبين مطالبين بإقرارها بأسرع ما يمكن كما هي (الحكومة) إلى المجتمع الدولي· وستزيد الرسالة التي تنوي الحكومة اللبنانية إرسالها إلى مجلس الأمن لتعزيز رسالة نوابها الأمر تشعبا في أروقة الأمم المتحدة· الوصف الذي أطلقه أمين عام الجامعة العربية على ما آلت إليه الأمور في تصريح لصحيفة "السفير" وجاء فيه "أن عدم انعقاد مجلس النواب من جهة والرسالة التي وجهها فريق الأكثرية إلى الأمم المتحدة من جهة ثانية يعقدان الأمور ويؤديان إلى عدم تسهيل المساعي العربية والدولية للدفع باتجاه تسوية لبنانية - لبنانية" إشارة دقيقة إلى هذا المسار المشعب الذي لا يقود إلى مكان· وبدأ هذا الأمر يتأكد مع تصريحات أمين عام الأمم المتحدة " بان كي مون" الذي طالب بالمزيد من الوقت من أجل أن يتوصل اللبنانيون إلى اتفاق قبل أن يبحث مجلس الأمن أمر المحكمة الدولية، إضافة إلى تشديده على ضرورة اتخاذ الخطوات الضرورية قبل إنشاء المحكمة وفق الدستور اللبناني، ومع التحذير الروسي الذي صدر عن نائب وزير الخارجية "الكسندر سلطانوف" من التسرع في تأسيس محكمة دولية من دون مشاركة القوى السياسية اللبنانية، فقد أظهرت التجربة كما قال "أن التسرع في البداية عندما تمت صياغة وثائق قانون المحكمة أسفر عن نتائج سلبية"، مضيفا "أن أي خطوات متسرعة قد تؤدي إلى تدهور الوضع وحدوث انقسام حاد وربما خطير في لبنان"· بينما ظهر ترحيب متردد من المندوب الفرنسي في مجلس الأمن، حين علق اتخاذ قرار من مجلس الأمن بانشاء المحكمة بطلب رسمي من السلطات اللبنانية، وقال السفير الأميريكي هناك أنه ينتظر المزيد من الإيضاحات حول طبيعة رسالة نواب الأكثرية وموقف حكومة السنيورة منها· وواضح من هذا أن ثمة اشتباكا دوليا إضافيا في طريقه إلى أروقة الأمم المتحدة بين الدول الدائمة العضوية الخمس في مجلس الأمن·

وبالفعل فقد بدأت بوادر إزدياد حدة الإنقسام بالظهور مع التصريحات التي صدرت عن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد "ميشال عون" الذي رأى عبر لقاء تلفازي في الرسالة النيابية إلى مجلس الأمن "تنازلا من الغالبية النيابية عن السيادة اللبنانية وخيانة عظمى"، ولوح عضو كتلة الوفاء للمقاومة "محمد حيدر" بامكانية استقالة أكثر من خمسين نائبا ً معارضا، وهي حق دستوري ديموقراطي، وقال أنها خطوة قيد الدرس قد يقدمون عليها في مرحلة من المراحل لدفع الأمور ياتجاه حل تكون خطوته الأولى إجراء انتخابات نيابية· ولم يتأخر رد فعل "حزب الله" الذي يتعرض مع بقية قوى المعارضة لسلسلة متصاعدة من الهجمات، وبخاصة  بلسان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي "وليد جنبلاط"، فأعلن أمينه العام السيد "حسن نصر الله" في خطاب مساء الأحد الماضي "انغلاق الوضع" ومسار الحوار اللبناني، واقترح حلا يقوم على خيار من اثنين، إما استفتاء شعبي أو انتخابات نيابية مبكرة· ورفض اقتراحا تم تداوله في الأيام الأخيرة يطالب قوى المعارضة بأن ترد على اتجاه الأكثرية نحو مجلس الأمن بأن تقوم من جانبها بمخاطبة مجلس الأمن وترسل اليه ملاحظاتها، لأن " مجلس الأمن" حسب تعبيره "ليس الجهة الصالحة لإقرار قانون المحكمة الدولية" ولأن خطوة من هذا النوع "تكريس لمجلس الأمن كمرجعية في شأن دستوري لبناني"· وأوضح أن الحزب  لن يعلن ملاحظاته على نظام المحكمة إلا أمام" حكومة شرعية تجتمع برئاسة الرئيس "إميل لحود" تقر القانون ثم ترسله إلى المجلس النيابي"·

 

الطريق إلى الرياض!

 

في وسط كل هذا، تتضح خطوط التشعب الداخلي الذي تحدثه خطوات قوى الأكثرية وحكومة السنيورة في الداخل اللبناني، فهي تصر على التمسك بالصيغة الحكومية القائمة، وضرورة اجتماع مجلس النواب لإقرار المحكمة الدولية، ووضع مسألة رئاسة الجمهورية على سلم الأولويات، ثم تقفز إلى مجلس الأمن بعد أن ظل رئيس مجلس النواب "نبيه بري" يرفض عقد جلساته قبل الوصول إلى اتفاق لبناني حول حكومة الوحدة الوطنية التي تناقش قانون المحكمة وتقره وترسله من ثم إلى المجلس النيابي · ويتضح أيضا أن هناك صعوبات قانونية تقف أمام أخذ مجلس الأمن زمام المبادرة وتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي، وبخاصة أن مطلب الإقرار وفق البند السابع كما تطالب قوى الأكثرية لاينسجم مع هذا البند الذي يؤخذ به عادة في حالات يقدر مجلس الأمن أنها "تمس السلام الدولي" وليس في حالة بحث في جريمة اغتيال شخصية سياسية كما هو الأمر مع قضية المحكمة التي طرحت لمحاكمة قتلة الرئيس اللبناني " رفيق الحريري"·

ومع اتضاح هذه الخطوط التي لايبدو في نظر أكثر المراقبين حيادية أنها تقود إلى توافق داخلي أو دولي حتى، جاء الحديث عن استضافة "الرياض" للفرقاء اللبنانيين، على أمل أن يتوصلوا إلى اتفاق برعاية سعودية على غرار الإتفاق الذي توصلت إليه الأطراف الفلسطينية في مكة، وتشكلت على إثره الحكومة الفلسطينية · وطرح رئيس مجلس النواب اللبناني مبادرته بطلب نقل الحوار اللبناني إلى "الرياض" · ومع أن السفير السعودي في لبنان أظهر ترحيبه بهذه المبادرة وعلق تنفيذها على شرط  "أن يتوصل اللبنانيون إلى اتفاق" وأن يأتوا إلى "الرياض" لتتويجه، إلا أن المؤشرات تشير إلى أن السير في اتجاه نقل الحوار إلى السعودية بات موضع نظر، وبخاصة مع إعلان الأمين العام للأمم المتحدة الموافقة على هذه النقلة، واستعداده لإيفاد مستشاره للشؤون القانونية للمشاركة في هذا المؤتمر، وترحيب زعيم الكتلة النيابية "سعد الحريري" بهذا الإقتراح· الموقف السلبي الوحيد الذي صدر من طرف الحكومة اللبنانية جاء على لسان رئيس الوزراء "فؤاد السنيورة" الذي رأى في مبادرة "نبيه بري" "مغالطات لم تعد تنطلي على أحد" على حد تعبيره، في وقت تشير عدة مصادر إلى أنه في طريقه إلى إرسال رسالته الرسمية إلى مجلس الأمن دعما لرسالة السبعين نائبا ً، رغم الإعلان في الأمم المتحدة عن أن مجلس الأمن اطلع على رسالة النواب إلا أنه لم يناقشها، واطلع، وهذا هو الأهم، على مبادرة "بري" ودعوته للرياض لاستضافة اجتماعات الفرقاء اللبناتيين، وأظهر استعدادا لأيفاد المشتشار القانوني، مع التمني الذي عبر عنه "بان كي مون" أن يتمكن الشعب والحكومة اللبنانيان من اعتماد الإجراءات الدستورية اللازمة لإقرار المحكمة·

هناك تشابك واستعصاء على صعيد الداخل، وعلى صعيد الأمم المتحدة كما تبين من التحذير الروسي ومعارضة الصين واندونيسيا وقطر وجنوب أفريقيا الإستعجال في إقرار المحكمة، وقد أضيف إلى الإستعصاء على الصعيد الدولي قول السفير الفرنسي مطمئنا كما يبدو النواب السبعين، بأن مسألة الإستجابة إلى طلبهم مسألة أيام، بينما قال السفير الروسي أن المحكمة " ليست أهم من لبنان، ولا داعي للإستعجال في تأليفها بما يثير مزيدا من الخلافات بين اللبنانيين مادام التحقيق لم يكتمل بعد "· فهل تفتح " الرياض " الطريق لحل هذا التشابك؟ ربما كان هذا الإحتمال هو الأقرب في مسار الأحداث·

طباعة  

تحول استراتيجي أمريكي يعيد توجيه السياسة الأمريكية(5)
أموال سوداء... وعمليات سرية!

 
ما بعد قمة الرياض.. الشكل أم الجوهر؟
ضعف اليد الأمريكية الآن فرصة للسلام