رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 25 يوليو 2007
العدد 1784

نتائج الانتخابات التركية
حزب التنمية يسحب بساط العلمانيةوالإصلاح من تحت أقدام خصومه!

حمد حسين:

تكتسب النتائج التي حققها حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي في تركيا، وهي نتائج أعطته أغلبية مطلقة في البرلمان التركي، دلالتها من أنها جاءت على أرضية تنازع بين حكومة الحزب برئاسة أردوغان في الشهر الماضي والمؤسسة العسكرية حول منصب رئاسة الجمهورية· فوفق المسار الديمقراطي المفترض أنه معمول به في تركيا، كان من المؤكد أن يصل مرشح هذا الحزب الإسلامي ذي الأغلبية البرلمانية، عبدالله غول، إلى رئاسة الجمهورية، ولكن وفق المسار الآخر الذي يراقب المسار الديمقراطي بالمنطار العسكري، لم يكن مسموحا وصول رئيس للجمهورية "غير علماني" كما هي الصيغة الشهيرة·

فتركيا حسب التوصيف القانوني دولة "علمانية"، إلا أن هذه العلمانية كما يبدو ذات خصوصية غير مسبوقة، إذ يقوم الجيش على حراستها منع حتى تسلل امرأة ترتدي الحجاب المسمى إسلاميا إلى القصر الجمهوري، أو البرلمان كما حدث قبل سنوات·

هي إذاً ليست مجرد "علمانية" بل علمانية معسكرة منذ أو وضع مصطفى كمال قواعدها في العام 1923، بوصفه جامعا لمنصب المارشال العسكري بطل حرب الاستقلال، وبوصفه رئيسا للجمهورية التركية، ثم إعلان "أتوتوركا" أي أبا لجميع الأتراك·

ولعبت هذه الأبوة دورا مؤثرا في الحياة السياسية التركية على يد ورثة هذه الأبوة، ومثلها تدخل الجيش التركي في أكثر من مناسبة، تارة بالإطاحة بحكومات، وتارة بحل برلمان يتحدى سلطته، أو حل أحزاب تخرج جنرالاته عن طورهم بشعاراتها الإسلامية·

وكان اللجوء إلى الانتخابات الأخيرة، وسيلة لحل الإشكالية بين الجيش وحكومة أردوغان اللذين قدما مرشحا لرئاسة الجمهورية سقط بتدخل القضاء، ولكن النظام الديمقراطي عجز من جانب آخر عن توفير بديل غير إسلامي· أمام هذه المشكلة جاءت الدعوة إلى جعل انتخاب رئيس الجمهورية يجري بالاقتراع الشعبي العام، وليس عن طريق ممثليه في البرلمان، وهي دعوة تم تعليقها إلى حين إجراء الانتخابات·

المعلقون أمام نتيجة الانتخابات، التي لم تحفظ لحزب العدالة والتنمية عدد مقاعده فقط بل أضافت إليها، وأدخلت كتلة جديدة قد تكون حليفة هي الكتلة الكردية (التجمع الديمقراطي الكردي) انتهبوا فورا إلى أن تصويت أغلبية ما يقارب 40 مليون تركي هم مجموع الناخبين، جاء تصويتا ضد العسكر، وربما الأب ذاته الذي لاحظ أحد المعلقين أنه لابد تقلب في قبره مع انتشار نبأ اعتلاء حزب إسلامي لسدة الحكم بعد 73 سنة من محوه للطابع الإسلامي لتركيا، وتغيير حتى أبجدية لغتها إلى الأبجدية اللاتينية وفرض ارتداء القبعة الأوروبية على الأتراك المعممين· فما الذي سيفعله العسكر أمام ديمقراطية اتخذت مسارا غير مرغوب فيه؟! من المحتمل أن العسكر لن يهضموا هذه النتيجة، وكذلك بقية الأحزاب التي جعلت حجة احتكارها للسلطة طيلة مايقارب نصف القرن الماضي، علمانيتها ودفاعها عن تركيا حديثة متقدمة، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري الذي أفقده الشعب ذاته عددا كبيرا من مقاعده، فهبط به من 180 نائبا إلى ما يقارب 110 نواب بضربة مفاجئة، رغم كل استطلاعات الرأي التي صممت بمهارة لتضلل من يمكن تضليله·

ولكن ها هو أردوغان يسحب سلاح العلمانية والجمهورية من خصومه، فيعلن فور فوز حزبه الساحق، أنه متمسك بعلمانية الدولة وبالجمهورية ونظامها، أي أنه لايفكر بإعادة إلباسها العمامة العثمانية كما يقول خصومه· وحزبه، كما برهن في السنوات القليلة الماضية أنه قدم تجربة في الإصلاح الاقتصادي والاستقرار متميزة·

ولكن·· يبقى هناك التحدي الأبرز أمام حزب أردوغان، أي المشكلة الكردية، وهو التحدي المتطاول منذ أن وضع أساسه كمال أتاتورك حين ضغط بشدة، بل ألقى بكل ثقله وراء عدم الاعتراف بالأكراد كأمة، فخلق بذلك مشكلة لاتزال مستعصية حتى اليوم أمام كل الأحزاب التركية· هذا التحدي سيكون الأكثر تعقيدا بكل ما ورثه حزب العدالة والتنمية من مخلفات جمهورية أعلنت علمانية خاصة لا تعترف بخصوصية، أو حتى هوية ثقافية لمواطنيها الأكراد· تحت أنظار العسكر إذاً، وعلى إيقاع الصراع مع حزب العمال الكردي الذي يرفع السلام، سيواجه حزب العدالة والتنمية تحديا في إيجاد حل خلاق لمشكلة رئاسة الجمهورية والمشكلة الكردية معا·

طباعة  

lfdkjhf
 
"الأوقاف" تصحو بعد أسبوعين من نشر الطليعه المخالفات المالية في الوسطية وترد عليها
 
تحليل سياســي
فلسطين: فوضى دستورية وقانونية··وضغوط عربية مشلولة!

 
شغل الوظائف الشاغرة في أضيق الحدود
"الخدمة المدنية" لوقف تضخم باب الرواتب في الميزانية

 
بعد القضية التي أثيرت أخيرا حول حجب بعض المواقع السياسية
وليد القلاف: أهدافنا لاتخضع للأجواء السياسية