· أمريكا تتراجع عن تصريحاتها الأولى وتؤكد على ارتياحها للخطاب
أشارت بعض المصادر الإسرائيلية الى أن حكومة أرييل شارون بعثت الى الإدارة الأمريكية لائحة تضم المستوطنات اليهودية التي يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي إخلاءها أو "نسخها" على حد تعبيره في إطار "خطة فك الارتباط" التي هدد بها السلطة الفلسطينية في حال امتناعها عن محاربة فصائل المقاومة الفلسطينية، وأكدت هذه المصادر على أنه تم الاتفاق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والإدارة الأمريكية على فحوى الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر هرتسيليا الأسبوع الماضي·
وتضمنت خطة شارون ما أسماه "فك الارتباط" و"الانفصال" على إعادة نشر الجيش الإسرائيلي على طول الخطوط الأمنية الجديدة وإعادة رسم خريطة المستوطنات، وبقدر الإمكان تخفيض عدد الإسرائيليين الذين يعيشون بين الفلسطينيين، وقد أكد شارون في خطابه على أن خطة "الفصل" هي تدبير أمني وليست تدبيرا سياسيا، فالتدابير التي ستتخذ لن تغير الواقع السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين ولن تحول دون العودة الى تطبيق خريطة الطريق والوصول الى حل·
وقد نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر كبير في الإدارة الأمريكية قوله إن خطاب شارون تطور إيجابي للغاية يمكن أن يؤدي الى الخروج من الطريق المسدود واستئناف عملية السلام نحو تطبيق خطة خريطة الطريق·
هذا وقد تراجع الناطق باسم البيت الأبيض عن مضمون تصريحاته السابقة عقب إلقاء الخطاب حيث كان قد صرح بأن الولايات المتحدة تعتبر أن الحل يجب أن يتم عبر التفاوض وأنها ستعارض أي سعي إسرائيلي لفرض تسوية وأن الإدارة الأمريكية تعارض أي مبادرة أحادية الجانب تقطع الطريق أمام إجراء مفاوضات في إطار خريطة الطريق التي تقود الى دولتين، وقد أعلن الناطق باسم البيت الأبيض في تصريحاته الجديدة أن الرئاسة الأمريكية مرتاحة جدا للخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأن شارون جدد تأكيد دعمه القوي لخريطة الطريق·
ومن الجانب الفلسطيني فقد رفضت السلطة الفلسطينية ما اعتبرته تهديدا من شارون، معتبرة خطته للانفصال بأنها وصفة لمزيد من العنف والحصار والعزل، وقد أشارت مصادر فلسطينية الى أن البديل الذي يطرحه شارون غير قابل للتنفيذ وأن "فك الارتباط" يجب أن يكون على حدود 1967 بما فيها القدس وأن يكون على أسس سياسية وليست أمنية·
فيما اعتبرته حركة حماس بأنه لا يساوي شيئا ولا يحمل أي مضمون وأكدت الحركة على أن شارون يحاول خداع العالم فمن يرد السلام يجب أن يزيل الاحتلال ويعطي الشعب الفلسطيني حريته ويوقف العدوان المستمر على المجاهدين وعلى الشعب الفلسطيني وأكدت على التزامها بالمقاومة والانتفاضة وسيلة لطرد الاحتلال·
وقد تفاوتت ردود الفعل الإسرائيلية على الخطاب فبين انتقادات من اليمين المتطرف وخيبة أمل اليسار الصهيوني برز خلاف في الرأي في أوساط المعلقين في وسائل الإعلام الإسرائيلية فقد أصر بعضهم على اعتبار الخطاب دراماتيكيا وتاريخيا، اعتبره آخرون أنه مجرد كلام حرص فيه شارون على إرضاء الأطراف كافة·
وقد لاحظ المراقبون الإسرائيليون أن إعلان شارون تمسكه بخريطة الطريق كان موجها لحليفته الكبرى واشنطن، مضيفا إليه تعهده الشخصي بإزالة البؤر الاستيطانية "غير المجازة" ووقف النشاط الاستيطاني وهي المسألة التي ترى تل أبيب أنها أكثر ما يزعج الإدارة الأمريكية·
وقوبل تهديد شارون بضم الكتل الاستيطانية الكبرى الى تخوم إسرائيل بارتياح في أوساط قادة المستوطنين، وإن تظاهروا بالغضب على إعلانه أنه سيتم إخلاء أو نقل عدد من المستوطنات القائمة في قلب المناطق الفلسطينية المحتلة·
أما محاولته إرضاء اليسار المعارض من خلال إعلان إخلاء بعض المستوطنات فلم تنجح لتشكيك اليسار الإسرائيلي في نياته الحقيقية مستذكرين أنه سبق لرئيس الحكومة أن أعلن مرارا تقديم تنازلات مؤلمة ولم يفعل·