· الحزب ينجح في نقل القيادة من دون صراعات تؤثر على استمراريته
· خلاف بين جبهتي رئيس الحزب والأمين العام حول الموقف من تأسيس أحزاب دينية
أنهى حزب التجمع الوطني في مصر "يسار" أعمال مؤتمره الخامس يومي (17، 18 ديسمبر 2003) ببروز قيادة جديدة على رأس حزب التجمع في مصر من خلال عملية تجديد شملت كل القيادات، وذلك عبر انتخابات داخلية ساخنة على مقعد الأمين العام، ومقاعد المكتب السياسي والأمانة المركزية، فيما تم انتخاب رئيس جديد للحزب بالتزكية لعدم وجود منافسين·
فمنصب رئيس الحزب الذي ظل خالد محيي الدين يشغله منذ تأسيس "التجمع" في 1976 حتى تنحيه في المؤتمر العام الخامس، لم يشهد أي منافسات وبإجماع تم انتخاب د· رفعت السعيد لكي يشغل هذا الموقع·
ورغم تنحي خالد محيي الدين عن رئاسة حزب التجمع إلا أنه لن يترك العمل السياسي في "التجمع"، فكما قال "إن السياسي لا يعتزل ولا يتوقف عن النضال"، وسوف يترأس لجنة استشارية جديدة تم تشكيلها تحت اسم "لجنة المستشارين" تضم عددا من كبار الكوادر والقيادات التاريخية والتي تركت مواقعها إعمالا للمادة 8 التي تحظر تولي أي عضو قيادي أكثر من دورتين متتاليتين في أي موقع·
وبهذه الخطوة أثبت خالد محيي الدين، عمليا أن الديمقراطية ليست مجرد شعارات، ورفض النداءات الملحة، وتمسك كوادر وأعضاء وقيادات الحزب بأن يظل على رأس قيادة الحزب، وهو ما دفع الباقين الى أن يحذوا حذوه، وانفتح الطريق أمام أجيال أخرى لكي تتقدم الى مواقع رئيسية متقدمة·
واعتبر المراقبون أن من أبرز الجوانب الإيجابية في المؤتمر الخامس لحزب التجمع هو النجاح الهائل في نقل القيادة بسلاسة ودون أي صراعات أو خلافات من شأنها التأثير سلبا على استمرارية التجمع كحزب متحد له كيان متجانس· فلم تحدث أي من الانقسامات الهائلة والتي شهدتها الأحزاب المختلفة الأخرى والتي لم ينج منها حتى حزب الوفد الذي تقلص كيانه الداخلي الى حد كبير، وأصبحت قيادته مركزية، فيما انقسمت أحزاب أخرى وتهمشت وأصبحت أحوالها معروضة على القضاء في ظل تلك المنازعات·
وقد شهد موقع الأمين العام للحزب معركة انتخابية ساخنة بين سيد عبدالعال وهو أحد الكوادر الشابة في الحزب وينتمي الى جيل السبعينات، وحسين عبدالرازق الصحافي والسياسي المخضرم ورئيس تحرير جريدة الأهالي "سابقا" وأحد مؤسسي التجمع، والذي فاز بهذا المنصب بفارق 6 أصوات فقط·
واعتبر المراقبون أن فوز حسين عبدالرازق بموقع الأمين العام سوف يضع الحزب على حدود مواجهات عنيفة بين الأمين العام والرئيس الجديد د· رفعت السعيد، في ظل تعارض السياسات واختلاف وجهات النظر خاصة في قضيتي الموقف من الحكومة وتأسيس أحزاب إسلامية·
وقد شهد اليوم الثاني والأخير للمؤتمر أحداثا ساخنة حول مناقشة التقرير السياسي والذي نشب خلاله خلافا حادا بين جبهتي رفعت السعيد، وحسين عبدالرازق حول البند الخاص بتأسيس أحزاب إسلامية، حيث طالبت جبهة عبدالرازق بالموافقة على إنشاء أحزاب إسلامية طالما توافق على الدولة المدنية وتداول السلطة، فيما رفضت جبهة السعيد هذه الفقرة وطالبت بتعميمها بالتأكيد على حق كل القوى السياسية في إقامة أحزاب، وقد أكدت بعض المصادر على أن الجبهتين لم يتوصلا الى حلا لهذا الخلاف وأحالا مشروع البيان الى الأمانة العامة لإدخال الملاحظات التي أبديت·
وعلى صعيد آخر شهد موقع نائب الحزب جدلا قبل الاقتراع عليه إذ تقدم للمنافسة عليه أربعة من قياديي الحزب للفوز بمقعدين ثم تقلص العدد بعد ذلك إلى ثلاثة منافسين بعد استبعاد د·حمدي عبدالحافظ لعدم عضويته بالأمانة العامة، وخوفا من حدوث أزمة اقترح خالد محيي الدين، زيادة عدد نواب الرئيس الى ثلاثة ليفوز كل من نائبي البرلمان أبو العز الحريري، ورأفت سيف إضافة الى د· سمير فياض بهذه المناصب·
ويؤكد المراقبون على أن نجاح الحزب في العبور من معركة التغييرات الكبيرة والتي تمت في قياداته ورائه في الواقع قيادة خالد محيي الدين الذي ضرب المثل بالاستقالة من مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 تمسكا بالديمقراطية، وترك قيادة التجمع تطبيقا للديمقراطية أيضا·
رفعت السعيد القائد الجديد للتجمع
ظل د· رفعت السعيد يشغل أهم المواقع وأكثرها حساسية طوال السنوات السابقة منذ تأسيس الحزب أي جوار خالد محيي الدين واستطاع تسيير جميع الأمور الحزبية الداخلية وأقام صلات وعلاقات مع جميع القوى السياسية والأحزاب والنقابات سواء الرسمية أو المعارضة·
وطوال السنوات الماضية ومنذ تأسيس التجمع في عام 1976، نجح السعيد في التنسيق بمهارة فائقة مع خالد محيي الدين في إدارة أوضاع وشؤون الحزب الداخلية والتوفيق بين تيارات الحزب المختلفة والحيلولة دون انفجار صراعات كبيرة أو حدوث انقسامات مؤثرة·
ويعد رفعت السعيد من أبرز القيادات الشيوعية في مصر منذ أن كان عضوا في تنظيم الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني "حدتو" ثم الحزب الشيوعي المصري وله مؤلفات عدة عن تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر، ويعتبر من أبرز القيادات التي تقوم بدور مهم في التصدي لجماعات التأسلم السياسي باعتبارها الخطر الرئيسي الذي تواجهه التجربة الديمقراطية في مصر وله الكثير من المؤلفات في هذا المجال ومدى ارتباط جماعات التأسلم السياسي بالإرهاب·