كتبت فوزية أبل:
عدد لا يحصى من المواضيع الاجتماعية والانمائية والتربوية والثقافية والسياسية والأمنية والنفسية، عالجها المشاركون في "المؤتمر الدولي للعلوم الاجتماعية وتنمية المجتمع" الذي استضافته جامعة الكويت تحت رعاية مديرة الجامعة الدكتورة فايزة الخرافي·
وعلى الرغم من تشعب الأبحاث والمناقشات التي جرت بدعوة من كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت، إلا أن المحاور الأساسية ارتسمت، بشكل أو بآخر، في أذهان المشاركين والحاضرين، وحاول الباحثون والمختصون الكويتيون والعرب والأجانب الاستفاضة قدر الإمكان، في جوانب معينة، علها تحمل الفائدة "الميدانية" للأسرة، والجامعة، والمدينة، والفئات ذات الاحتياجات الخاصة·
كما حاول المحاضرون والمناقشون الاجابة على سيل جارف من التساؤلات المتعلقة "بالعلوم الاجتماعية وتنمية المجتمع" بدءاً بالتحديد الأسلم لمصطلح "علم الاجتماع"، والصلة بين الاعتبارات الأكاديمية وبين الواقع المستجد على الأرض في ظل التطورات العاصفة في مستهل القرن الحادي والعشرين·
ومن الأسئلة التي طرحت عبر تشعبات المؤتمر: هل نحن من الضحايا المحتملين للعولمة، أم نحن قادرون على الإفادة من الإنجازات العصرية للقرية العالمية الواحدة؟
وهناك، بالطبع، الهواجس التي حاول الباحثون التغلغل عبرها والتي تطال علم النفس (الفردي والاجتماعي) والذي تطور أيضاً، كعلم وكتطبيق ملموس، بفعل التعقيدات الهائلة التي تتلبد في نفس الإنسان المعاصر منذ نعومة أظفاره·
وكذلك كانت هناك إسهامات عربية ذات طابع عملي، مرتبط بتجارب هذه الدولة أو تلك في مجالات إنمائية أو في مجال تنمية المرأة وغيرها··· كما أن ورش العمل التي قامت خلال فترة المؤتمر توزعت على ميادين معينة في مجال العلوم الاجتماعية التطبيقية تم من خلالها إغناء وإثراء مدارك الحاضرين في أمور محددة وذلك في أوقات متوازية مع جلساته·
وكان لأسرى الكويت وآثار الغزو العراقي مكانة خاصة في الأبحاث التي قدمت، وكذلك هموم ذوي الاحتياجات الخاصة، والقضايا المتعلقة بالثقافة الاستهلاكية، والعمل التطوعي، والمدن الجديدة وآفاق تطورها في بعض الدول التي شهدت نمواً متسارعاً في عدد السكان وفي حركة العمران، والأدوار المهنية للمؤسسات الاجتماعية، والمرأة والتنمية·· إلخ·
وتجدر الاشارة أنه شارك في المؤتمر نخبة من الأساتذة المرموقين والمتخصصين في مجالات العلوم الاجتماعية كافة، فهناك باحثون مشاركون من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا والنمسا وماليزيا ومن دول عربية وإسلامية إلى جانب بعض أعضاء هيئة التدريس من جامعة الكويت والمختصين من بعض مؤسسات الدولة· وبحيث تعم الفائدة من هذا الجهد المكثف والمضني الذي قام به عشرات من أبرز مثقفينا وباحثينا في الكويت على مدى أسابيع كاملة، تحضيراً للمؤتمر·· فضلاً عن المراكز والمؤسسات والكليات والمعاهد ذات الصلة بمواضيع البحث، سواء في الكويت أم في خارجها·
وفي كلمة له في افتتاح "المؤتمر الدولي للعلوم الاجتماعية وتنمية المجتمع" أشار الدكتور علي الطراح عميد كلية العلوم الاجتماعية، رئيس المؤتمر، "إلى أهمية انعقاد هذا المؤتمر ونحن ندخل القرن الواحد والعشرين بما يحمله من تحديات كبيرة، وبما ينطوي عليه من امكانات كبرى نأمل أن تسهم بتسريع وتيرة التطورات الاجتماعية والسياسية والثقافية في أنحاء العالم كافة"·
وشدد في هذا السياق على "عمليات العولمة وما تعنيه من تسارع التدفقات الاقتصادية والثقافية عبر الحدود، وعلى ثورة المعلومات التي تفتح آفاق جديدة لنشر المعارف الإنسانية وتسهل عمليات التفاعل والتواصل الحضاري بين أقاليم العالم المختلفة"·
وأضاف الطراح "ان التحدي الكبير الذي نواجهه هو الحفاظ على التنوع الثقافي مثلما نفعل وندافع عن التنوع البيولوجي للحفاظ على تنوع الكائنات الحية"· وقال "إننا كباحثين في مجال العلوم الاجتماعية مطالبين بدراسة هذه الظواهر الجديدة والعمل على تقديم تصورات مستقبلية توفر الرفاهية لحياة شعوبنا··· ولعل أول ما يجب التنبيه إليه هو الحاجة للتفكير بمستقبل خال من التوترات السياسية ونبذ أي منهج يقوم على السيطرة والدكتاتورية بأشكالها المختلفة، فالحوار المفتوح القائم على قبول الاجتهادات والآراء المختلفة هو الطريق الوحيد والصحيح الذي نستطيع من خلاله تحقيق أمن واستقرار مجتمعاتنا وضمان عيشها بسلام مع بعضها البعض"·
