أكدت آخر البيانات النقدية التي نشرها بنك الكويت المركزي عن شهر يناير 2001  التراكم المستمر في السيولة الفائضة لدى البنوك المحلية بفضل تحويل التعويضات عن خسائر الغزو العراقي لحساب الكثير من الأفراد والشركات·

وبينما ارتفع عرض النقد (M2) وودائع القطاع الخاص بشكل معتدل - 0,5% و%0,8 على التوالي - لم يؤد هذا الارتفاع في مصادر السيولة لدى البنوك الى ارتفاع في الإقراض، بل تابع رصيد التسهيلات الائتمانية المحلية انخفاضه للشهر الرابع على التوالي ولو بنسبة ضئيلة لم تتعد 0,1%، ولجأت البنوك المحلية الى إيداع هذه السيولة الفائضة لدى بنك الكويت المركزي في ودائع لأجل لعدم توفر فرص مجدية لاستثمارها أو حتى زيادة في عرض أدوات الدين العام· ولم يشهد رصيد أدوات الدين العام أي تغيير خلال الخمس أشهر الماضية، بينما استمرت النسبة التي تقتنيها البنوك المحلية من هذا الرصيد في الانخفاض·

وارتفعت الودائع لأجل للبنوك المحلية لدى بنك الكويت المركزي بقيمة 178 مليون دينار كويتي لتصل الى 786 مليون دينار مقابل 94 مليون دينار في يناير 2000· وساهمت بذلك في رفع نسبة الموجودات السائلة والشبه سائلة (النقد وأدوات الدين العام وودائع لأجل لدى البنك المركزي) الى إجمالي موجودات البنوك الى %21,5 في آخر شهر يناير من 20,7% في شهر ديسمبر و%19,7 في يناير 2000·

وكانت أهم العوامل المؤثرة في ارتفاع عرض النقد هي الزيادة في صافي الموجودات الأجنبية لدى البنك المركزي بقيمة 387 مليون دينار، معظمها نتيجة لاستلام الهيئة العامة للتعويضات لآخر دفعة خلال يناير بلغت قيمتها 318 مليون دينار، والتي قامت بإيداعها كالعادة لدى البنك المركزي· وهذا ما يظهره الارتفاع في حسابات الحكومة لدى البنك المركزي بالقيمة نفسها·

استمرار النمو القوي لعرض النقد···

ومن المرتقب أن تظهر بيانات شهر فبراير حينما تنشر انخفاضا في حجم حسابات الحكومة وارتفاعا في ودائع البنوك المحلية لدى البنك المركزي بسبب تحويل معظم هذه التعويضات للمطالبين· وسيؤدي هذا بدوره الى زيادة في ودائع القطاع الخاص لدى البنوك المحلية مساهما بذلك في استمرار النمو القوي لعرض النقد الذي وصل الى %5,7 للإثنى عشر شهراً المنتهية في يناير بعد أن تعدى %6,3 خلال عام 2000، وهو من أعلى معدلات النمو التي شهدها على مدار خمس سنوات·

وبالرغم من التغيير الضئيل في عرض النقد الإجمالي (M2) خلال يناير إلا أنه قد ظهر بعض التغيير في مكوناته متأثرا بعوامل موسمية، وبالتحديد انخفضت قيمة النقد المتداول والودائع تحت الطلب بعد أن سجلت نموا كبيرا خلال شهر ديسمبر بسبب تحويل التعويضات للمطالبين في ذلك الشهر بالإضافة الى الطلب المؤقت للسيولة من قبل الأفراد في أواخر العام وبمناسبة عيد الفطر، وفي المقابل ارتفع رصيد الودائع لأجل - التي تمثل 60% من إجمالي ودائع القطاع الخاص - بنسبة 2,2%·

انخفاض أسعار الفائدة···

وبالفعل تابعت أسعار الفائدة اتجاهها النزولي خلال شهر يناير بدفع من السيولة الفائضة لدى البنوك وكذلك خفض سعر الخصم من قبل بنك الكويت المركزي في أوائل الشهر بنسبة نصف بالمئة· وقامت معظم البنوك بخفض الفائدة على ودائع العملاء حيث تراوح متوسط أسعار الودائع بالدينار الكويتي لأجل التي تم تجديدها خلال الشهر ما بين الـ %4 و%5·

ومع خفض سعر الخصم للمرة الثانية خلال شهر فبراير بنسبة نصف بالمئة أخرى، شهدت أسعار الفائدة موجة خفض جديدة· وعلى الأرجح أن تستمر في هذا الاتجاه في الأشهر القادمة علما بأن أسعار الفائدة العالمية على العملات الرئيسية أخذت بالانخفاض بسبب ضعف الاقتصاد العالمي، بالإضافة الى عدم وجود فرص إقراض محلية جديدة لأغراض منتجة·

نمو القروض مرهون بزيادة الإنفاق الحكومي···

وربما يكون للزيادة المرتقبة في الموازنة العامة للدولة بشكل عام، والمصروفات على المشاريع التنموية بشكل خاص، الأثر الإيجابي على نمو القروض· وهنالك مؤشرات إيجابية أخرى قد تساهم في امتصاص جزء من السيولة الفائضة لدى البنوك المحلية منها النمو شبه المؤكد في المشاريع التنموية في القطاع النفطي، وكذلك النمو في النشاط الاستثماري الخاص بفضل التعويضات التي تسلمها وسوف يتسلمها الأفراد والمؤسسات خلال هذا العام والتي قد تفوق عن 4 مليارات دولار أمريكي، أي ضعف ما صرف خلال العام الماضي·