رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 29 ذو الحجة 1421هـ - الموافق 24 مارس 2001
العدد 1469

شارون في واشنطن.. العلاقات العامة وما بعدها

في اليوم الثاني لزيارته واشنطن كان الابتهاج واضحاً على إرييل شارون، ذلك أن التاريخ يفرض نفسه على زعيم اليمين الإسرائيلي· والتاريخ لا بد من "تنظيفه" لمصلحة المستقبل·

حسب تقارير الصحافة الإسرائيلية والأمريكية، لم يذهب شارون بمطالب كبيرة، فقد أجل المطالبة بشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة، بل لم يشدد على التسليح، إنما اكتفى بمناقشة الشراكة في الدفاع الصاروخي الميداني·

رحلة واشنطن هي للعلاقات العامة حتى الآن: الولايات المتحدة أعطت شارون ما يريد: لا إصرار أمريكياً على إبرام اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين، إنما مجرد مساعدة في "تسهيل" الأمور· هذا لا يعني أن ليس هناك تباين: فاللياقات الدبلوماسية غلبت، والحرارة كانت مفقودة نوعاً ما في اللقاءات·

فقبل عشر سنين، كان وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر في عهد جورج بوش الأب يعتبر شارون عقبة في طريق السلام·

والزيارة تفيد في إعادة تأهيل شارون أمريكيا: نزع صورة الدموي المسؤول (وإن بصورة غير مباشرة حسب لجنة كاهان) عن مجازر صبرا وشاتيلا، لمصلحة صورة رجل الدولة الذي يحمل أفكاراً بشأن عملية السلام·

كانت واشنطن، وعينها على العرب، حريصة على إبراز التباين مع شارون: مطلب تخفيف الحصار عن الأراضي الفلسطينية كان حاضراً منذ وصوله إلى واشنطن وانتهائه بلقائه الرئيس جورج بوش في البيت الأبيض· والمصادر الصحافية الإسرائيلية تقول إن شارون استمع "باهتمام" إلى هذا المطلب، ولم لا؟ ذلك أنه ورث الحصار من باراك فيكون تخفيفه وكأنه هدية يقدمها شارون للفلسطينيين في حين انهم ينتظرون تطبيق اتفاقات موقعة واستئنافاً للمفاوضات من نقطة توقفها في طابا·

حصل شارون أيضاً على أشياء أخرى مهمة: موافقة أمريكية على الامتناع عن التفاوض "تحت النار" الفلسطينية، والتزام مطلق كالعادة بأمن إسرائيل· لكن بالمقابل، هناك  مطلب أمريكي: لا تصعيد إسرائيلياً للإجراءات القمعية بحق الفلسطينيين قبيل القمة العربية المقررة أواخر مارس في عمان·

شارون لا يجد بأساً في ذلك: فحسب كل التقارير، لم تطالبه واشنطن، كما كانت تفعل أيام كلينتون وباراك، بتسهيل المفاوضات: هي ألغت خطة كلينتون المعروفة، وألغت أيضاً منصب المنسق الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ولم تعين فريقها المكلف متابعة عملية السلام· لكن واشنطن تبقى حريصة على عدم استفزاز الفلسطينيين والعرب بمزيد من الاستيطان الذي يبقى شارون منذ أعوام طويلة المسؤول الأول عنه·

في خطبته أمام اللجنة العامة للشؤون الأمريكية الإسرائيلية (آيباك) كرر شارون عزمه على إبقاء القدس عاصمة أبدية موحدة للدولة العبرية· ولم يصدر عن إدارة بوش، التي أبلغت العرب التزامها القرارين 242 و338، أي رد فعل· لكن إعلان شارون يبقى خاضعاً للمراجعة: فقد سبقه إلى ذلك اسحق رابين وشيمون بيريس وبنيامين نتانياهو وايهود باراك، وما يعلن في العلن غير ما يناقش سراً·

المهمة الملحة لشارون الآن هي كسب معركة العلاقات العامة وكسب الوقت· فمجرد انتخابه في السادس من فبراير أعاد للأذهان مغامرات فاشلة له قد تتكرر، وجرائم قد تحدث ثانية آخرها غزو لبنان عام 1982 والمجازر بحق الفلسطينيين· وعقب الفوز برضا الولايات المتحدة، ينبغي على شارون أن يفوز، على الأقل، برضا الأوروبيين، وأن يهدئ العرب·

بل ينبغي على شارون أن يحافظ على رضا الأمريكيين الذين لا يستطيعون التسامح مع أي مغامرة تفضي إلى زعزعة دبلوماسيتهم المتصلة بملف العراق· وذلك يعني أن الولايات المتحدة لن تعطيه ضوءاً أخضر لارتكاب مغامرات في الأراضي المحتلة أو سورية ولبنان·

وفي معركة العلاقات العامة، يحاول شارون أن يستعدي الولايات المتحدة على السلطة الفلسطينية بتصويرها مسؤولة عن جميع العمليات ضد المستوطنين وضد إسرائيل نفسها· وفي هذا الجانب، قد لا ينجح كثيراً إذا أحسنت السلطة الفلسطينية إدارة المعركة·

فقد يعمد شارون إلى تخفيف القيود أمام الصادرات والواردات الفلسطينية، وأمام جزء من قدوم العمالة الفلسطينية إلى إسرائيل، فيكون قد نفَّس الغضبة العربية نسبياً وحقق كل ما يريد من دون مغامرات: كسب التأييد الدولي، والرضا الأمريكي- الأوروبي بانتظار غايات أخرى لا فائدة من أن يكشفها الآن·

طباعة  

تناقش موضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية
القمة تبحث وضع استراتيجية عربية موحدة

 
في تقرير للجنة الكونغرس عن ترسانة الولايات المتحدة النووية
المنشآت النووية الأمريكية لا تقوى على إنتاج السلاح النووي

 
عبر مبيعات الأسلحة واعتراض الولايات المتحدة
كيف استفادت إيران من روسيا مرتين؟