رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 اكتوبر 2006
العدد 1745

بعد تقرير الاستخبارات عن إعادة بنائه مصانع كيميائية وبيولوجية
بوش يحذر صدام: احترم الاتفاقات وإلاَّ...

مراسل الطليعة في واشنطن:

حذرت الإدارة الأمريكية الجديدة العراق أول من أمس حتى يحترم الاتفاقات التي تقضي بتدميره برامج الأسلحة النووية، الكيميائية والبيولوجية· لكن البيت الأبيض قال إنه مازال من المبكر أن تعلن الإدارة الجديدة نوعية الخطوات الواجب اتخاذها لضمان إذعان بغداد·

ورداً على منشور يفيد أن العراق أعاد بناء سلسلة من المصانع كان يشتبه منذ وقت طويل في أنها تنتج أسلحة كيميائية وبيولوجية، قال الناطق الجديد باسم البيت الأبيض آري فليشر إن "الرئيس (جورج دبليو بوش) ينتظر من صدام حسين أن يلتزم الاتفاقات التي أبرمها مع الأمم المتحدة، لا سيما ما يخص إزالة أسلحة التدمير الشامل"·

لكن عندما سُئل عن كيف يمكن أن تساعد الإدارة الأمريكية على استئناف عمليات التفتيش الدولية لمواقع الأسلحة والمصانع وموعد ذلك، قال فليشر: "لست مستعداً للتطرق إلى ذلك اليوم· لكننا سنفعل"·

يذكر أن إدارة بوش لم تستبعد اللجوء إلى قصف المواقع المشبوهة كإجراء أخير· وكان نائب الرئىس ديك تشيني قد قال في أكتوبر الماضي أثناء نقاش في الحملة الانتخابية إنه "إذا كان صدام حسين يتخذ خطوات فعلية في اتجاه إعادة قدراته النووية أو أسلحة التدمير الشامل، ينبغي أن نفكر عندئذ في العمل العسكري"·

 يذكر أن مسؤولين كباراً في الحكومة الأمريكية أفادوا قبل يومين أن العراق عاود بناء سلسلة من المصانع التي اشتبهت الولايات المتحدة طويلاً في إنتاجها أسلحة كيميائية وبيولوجية· وهذه التقديرات الاستخباراتية الجديدة يمكن أن تضع الرئيس (الأمريكي الجديد) جورج دبليو بوش بصورة مبكرة أمام امتحان تعهده اتخاذ موقف من الرئيس صدام حسين أشد حزماً مما فعلت إدارة كلينتون·

هذه المصانع الواقعة في منطقة صناعية في الفالوجة غرب بغداد تشمل مصنعين قصفتهما الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية وألحقت بهما أضراراً فادحة في ديسمبر من عام 1998 لمعاقبة صدام حسين على رفضه التعاون مع مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، وذلك استناداً إلى هؤلاء المسؤولين الأمريكيين·

هذه التقديرات الاستخباراتية الجديدة وردت، لكن من دون مثل هذا التفصيل في تقرير عن التهديدات بالأسلحة نشره وزير الدفاع الأمريكي المغادر وليام كوهين في العاشر من يناير· وقد حذر التقرير من أن العراق أعاد بناء البنية التحتية لصناعة الأسلحة على الأقل، وربما أخذ ينتج سراً بعض العناصر الكيميائية والبيولوجية·

في الأسبوع الماضي، قدم المسؤولون الأمريكيون تفاصيل عما قالوا إنه إعادة بناء المصنعين المذكورين واستئناف إنتاج الكلورين في مصنع ثالث يقع في المجمع نفسه·

يزعم العراق أن هذه المصانع هي ذات أغراض تجارية، لكنها شاركت جميعاً في إنتاج العناصر الكيميائية أو البيولوجية وكانت ضمن المصانع التي راقبها مفتشو الأسلحة الدوليون عن كثب حسب إفادة المسؤولين الأمريكيين· وأحد المصانع ينتج على سبيل المثال زيت الخروع المستعمل في زيوت (سوائل) المكابح حسب ما يقول العراقيون، لكن نقيع زيوت الخروع يحتوي سماً بيولوجياً قاتلاً يدعى الريسين، استناداً إلى المسؤولين الأمريكيين·

منذ الغارات الجوية عام 1998، رفضت حكومة صدام حسين أن تسمح لفريق جديد من مفتشي الأسلحة الدوليين أن يبدأ العمل في العراق· ويقول المسؤولون الأمريكيون إنه من دون تفتيش ميداني لم تعد الولايات المتحدة تملك دليلاً قاطعاً يؤكد أن المصانع تنتج عناصر كيميائية أو بيولوجية· وقال أحدهم: "ليس هناك دليل حسي"·

لكن مسؤولاً عسكرياً رفيعاً كان يراقب العراق وصدام حسين عن كثب قال "نحن لا نعرف ما يجري بالضبط، لكن نظراً إلى سلوكه المعروف سابقاً، هناك فرصة راجحة لأن يكون ذلك هو ما يحصل"·

خلال الحملة الانتخابية والمرحلة الانتقالية تعهد جورج دبليو بوش ومستشاروه الكبار أن يتصدوا لصدام حسين بأقسى مما فعل بيل كلينتون· فبعض هؤلاء لاسيما الجنرال كولن باول، وزير الخارجية الجديد، ونائب الرئيس ديك تشيني ساعدوا جورج بوش الأب في أن يقود التحالف الدولي الذي أخرج القوات العراقية من الكويت قبل عقد مضى·

لكن صدام حسين مازال يتربع على السلطة ويطرح اليوم مشكلة أكثر تعقيداً بكثير، حسب ما أفاد أحد المسؤولين الأمريكيين الذي سيواصل العمل لدى إدارة بوش وكان مشاركاً في تقديم الإيجازات المعلوماتية عن العراق·

وأضاف: "صارت (المشكلة) أكثر تعقيداً بكثير، وهذا ما بدأ يتكشف لهم"·

في خطاب التنصيب يوم السبت، لم يأت الرئيس الأمريكي الجديد على ذكر العراق بالاسم لكنه توعد بمواجهة "أسلحة التدمير الشامل بما يجعل القرن الجديد بمأمن من أهوال جديدة"·

 وفي مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه أفاد الرئيس الجديد أن الولايات المتحدة لن تقبل عراقاً أعاد تسليح نفسه بأسلحة نووية، كيميائية أو بيولوجية·

وقال بوش: "على العراق أن يفهم أن هذه الأمة (الولايات المتحدة) هي جادة حقاً في الحؤول دون تطويره أسلحة التدمير الشامل دون أن تفكر مجرد تفكير في استعمالها ضد أصدقائنا وحلفائنا في "الشرق الأوسط"·

ويوم الأحد، كانت كوندوليسا رايس مستشارة بوش لشؤون الأمن القومي تتلقى إيجازات استخبارية عن العراق في البيت الأبيض وامتنعت عن الرد على مكالمة تطلب تعليقاً· فمنذ الانتخابات، لم يعط جورج دبليو بوش أو أي من معاونيه أي تفاصيل  بشأن كيفية تغيير الاستراتيجية الدبلوماسية والعسكرية للرئيس بيل كلينتون بشأن العراق·

بعض المستشارين، بمن فيهم وزير الدفاع الجديد دونالد رامسفيلد دافعوا سابقاً عن اعتماد نهج أكثر حزماً· لكن مزيداً من مستشاري بوش يعترفون الآن بأن احتواء صدام حسين، وهو ما يقل عن عزله، يصعب باطراد·

مازالت الطائرات الأمريكية والبريطانية تقوم بدوريات في منطقتي حظر الطيران فوق شمال العراق وجنوبه· ومثل هذه الدوريات تتعرض باستمرار لإطلاق النيران المضادة· في الواقع، أطلق العراق قبل ساعات من تولي بوش منصبه السبت صواريخ أرض ــــ جو فاضطرت القاذفات الأمريكية لضرب بطاريات الصواريخ وموقع راداري·

مثل هذه الغارات تؤدي إلى إضرام غضب العراقيين على الولايات المتحدة· فالأحد، قال العراقيون إن الضربات الأمريكية قتلت ستة مدنيين في السماوة في إعلان لم يدحضه المسؤولون العسكريون الأمريكيون فوراً، إنما لفتوا إلى أن لا نية لمهاجمة أهداف مدنية·

تفقد العقوبات المفروضة على العراق منذ احتلاله الكويت في أغسطس من عام 1990 المساندة الدولية، حتى إن بعض حلفاء الولايات المتحدة أخذ يبحث عن وسائل لإنهائها· وقد تحدى رجال أعمال من بلدان متباينة مثل روسيا وتركيا وإيطاليا حظر الرحلات الجوية التجارية إلى بغداد·

وسمح ارتفاع أسعار النفط للعراق بأن يجني مليارات الدولارات من العائدات فاستطاع تخفيف الضغوط التي أثقلت اقتصاده عقب حرب الخليج الثانية· وفي حين أن الأمم المتحدة تسيطر على معظم (طرق إنفاق) العائدات، فقد أفادت تقارير استخباراتية أن صدام حسين استطاع تحويل ما يراوح بين نصف مليار دولار ومليار دولار في السنة لحسابه وأن يجني ما يراوح بين مليار دولار ومليارين عبر التهريب·

 يبقى الجيش العراقي مجرد ظل للجيش الذي اجتاح الكويت  عام 1990، لكن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية يرتابون بقوة في أن صدام حسين يستعمل على الأقل جزءاً من هذه الأموال لإعادة بناء بعض وحدات جيشه الذي عانى تدهوراً مستمراً منذ حرب الخليج الثانية ومثله برامج الأسلحة·

وقال مسؤولان حكوميان أمريكيان إن العراق استطاع بنجاح أن يؤسس شركات "واجهة" تستعمل الآن لشراء وتهريب المعدات والأسلحة وقطع الغيار المحظورة في ظل العقوبات، بما في ذلك عجلات المقاتلات العراقية النفاثة وجيرات (أجهزة نقل الحركة) الدبابات· وأفاد أحدهما أن هذه الشركات تساعد في إنتاج القطع المحظورة المستعملة في برامج الأسلحة النووية والكيمياوية والبيولوجية·

وكانت الحكومة العراقية قد طلبت أيضاً من الأمم المتحدة أن تسمح لها بشراء شحنات لمعدات أو مواد - بما فيها أشياء ضرورية لإنتاج الكلورين - يشتبه المسؤولون الأمريكيون في أنها تحوّل إلى برامج الأسلحة المحظورة·

كانت الحكومة العراقية قد وافقت على تدمير برامجها النووية والكيميائية والبيولوجية وكذلك إنتاج الصواريخ البعيدة المدى القادرة على حمل الأسلحة المحظورة، وذلك كشرط لإنهاء حرب الخليج الثانية· وبرغم سنوات من لعبة القط والفأر بين العراقيين والفريق السابق للمفتشين الدوليين، فقد نجح المفتشون في تدمير كميات كبيرة من الأسلحة، وفي كشف برامج تسليح سرية ترمي إلى إنتاج أسلحة كيميائية وبيولوجية·

لكن منذ نحو سنتين ونصف السنة، لم تعد هناك أي عمليات تفتيش داخل العراق· فبعد الغارات الجوية لعام 1998، قدر مسؤولو البنتاغون أنهم أخروا برامج الأسلحة العراقية لسنة واحدة أو سنتين أي لفترة تكون انقضت الآن·

لقد توعد الرئيس بيل كلينتون باللجوء إلى القوة العسكرية إذا استأنف العراق العمل على برامج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، لكن مسؤولي الإدارة الأمريكية ومسؤولي الاستخبارات بقوا يتنازعون حتى النهاية في شأن ما إذا كان العراق يواصل هذه البرامج·

وقال أحد المسؤولين الدفاعيين الكبار، وهو سيواصل العمل في خدمة جورج دبليو بوش إن هناك الكثير من الأدلة التفصيلية مثل إعادة بناء المصانع، استئناف إنتاج منشآت الحرب الكيميائية التي كانت مقفلة وبذل جهود لاستيراد قطع مطلوبة لإنتاج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية·

وقال مسؤول آخر سيبقى في خدمة إدارة بوش إنه لا يعتقد أن صدام بدأ بإنتاج الأسلحة المحظورة بكميات ضخمة· وأكد أن صدام الذي يشعر بتآكل مساندة الموقف الأمريكي لا يرغب في إعطاء الولايات المتحدة أي ذريعة قوية لاستئناف الضربات·

غير أن المسؤولين اتفقا على أن مصانع الفالوجة، التي أعيد بناؤها كما أظهرت صور الأقمار الصناعية، تثير المخاوف·

إضافة إلى المصنع الذي ينتج زيت الخروع، يعتقد أن المصنع الثاني الذي أعيد بناؤه ينتج مبيدات الحشرات والأعشاب· وقال أحدهما: "لا يمكنك أن تعرف ما يحدث هناك· ربما ينتجون مبيدات الحشرات أو شيئاً أكثر فظاعة منها·

في حين كشف مسؤولون أمريكيون سابقاً أن العراق أعاد بناء منشآت الصواريخ التي دمرت في غارات عام 1998، كان تقرير كوهين في العاشر من يناير أول اعتراف رسمي باستئناف العمل على المنشآت البيولوجية والكيميائية المشتبه فيها· وقال التقرير إن بعض المنشآت العراقية يمكن تحويلها بسرعة كافية لإنتاج الأسلحة الكيميائية· "ثم حذر من أن العراق يملك الخبرة في حال اتخاذ قرار لاستئناف إنتاج العناصر الكيميائية في غضون أسابيع أو شهور عدة، حسب نوع العناصر"·

(نيويورك تايمز)

طباعة  

لا بد من معالجة القصور في قوانين وضوابط البورصة
الاستحواذ القسري على شركة المال انتقام وتصفية حسابات سياسية

 
عنوانها لجنة التحقيق الخاصة ودور جهاز خدمة المواطن
بوادر أزمة سياسية غير مسبوقة

 
صعدت من تصريحات نوابها لمحاربة الفساد
هل تنتقل "حدس" إلى مرحلة الفعل؟

 
تؤجر أراضي الدولة بسعر التراب وتستأجرها الحكومة بالملايين
"هيئة الصناعة" تعاني تبعات عبث وفساد الماضي

 
أثبت عدم قدرته على ضبط أمور الوزارة
الجراح يتخبط في قرار الشركة الكورية

 
دبي تعتمد خطة استراتيجية للنهوض بقطاع الرياضة
 
بعد الحصار
قطع الطرقات على الحكومة الفلسطينية بالقوة!

 
حزب العمال البريطاني ينقسم على ماذا؟
يخرج "بلير" ولا تخرج البليرية!

 
نووي مبارك وابنه.. إحياء لمشروع أمريكي
يحوّل سيناء الى مزرعة إسرائيلية - مصرية مشتركة؟

 
غبقة التحالف
 
اتجاهات