رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 ذو الحجة 1425هـ - 19 يناير 2005
العدد 1662

أسباب الفساد
د. علي الزعبي

إن الفساد بكل أشكاله (السياسية، الإدارية، القضائية·· إلخ) ينشأ من أسباب متداخلة ومتفاعلة مع بعضها البعض· وبزعمي الخاص، لاسيما بعد أن تعمقت بدراسة ظاهرة الفساد، إن هذه الأسباب المتداخلة المتفاعلة قد يبدو حضور أحدها عند المناقشة أمرا غريبا، أو أنه لا يكون في الحساب، إلا أنه ضمنيا يلعب دورا أساسيا في تشكل وتجذر ظاهرة الفساد في المجتمع، إن قائمة مسببات الفساد طويلة جدا، ولعل أهمها ما يلي:

أولا - حلم الجماهير العربية:

- يذهب عمرو حمزاوي الى أن إحدى المعضلات البنيوية تكمن في أن التحول الديمقراطي لا يشكل مطلبا عاما للجماهير العربية التي لاتزال تتنازعها صياغات توتاليتارية تتراوح بين البحث عن الديكتاتور العادل وحلم تأسيس الدولة الأصولية، وهنا تكمن حالة بارنويا الجماهير، بجاذبيتها لدى المواطن العربي، وفي مثل هذا الوضع ومع عقلية كهذه تسهل عمليات الفساد·

ثانيا - مافيا الإعلام:

يجادل صباح ياسين على أن معظم عمليات الفساد تقوم على "الحلف الاستراتيجي" بين قوة المال وطموحه، وبين قوة الإعلام وتأثيره وسعة انتشاره، وقد أدى هذا التحالف بين المال والإعلام الى إنشاء امبراطوريات إعلامية - ثقافية معبرة عن مصالح سياسية بحتة· والمشكلة أنه لم يعد مناسبا الاكتفاء برشوة أجهزة الإعلام للسكوت والتغاضي عن النهب، بل أسست مراكز الفساد مؤسسات إعلامها الخاص بها، أصبحت تلك المؤسسات، مليشيا مسلحة بقوة الوسائل السمع - بصرية· ولم يعد النهابون يخشون تعرضهم للمساءلة والنقد، أو المتابعة وافتضاح أمرهم، بل عادوا يستخدمون إمكانات إعلامية كبيرة للجم معارضيهم وابتزازهم وتخويفهم، كما أنهم استخدموا هذه الوسائل الإعلامية في تبييض صفحات سلوكهم وسمعتهم عند الرأي العام والدفاع عن مصالحهم·

ثالثا - المليشيا المثقفة:

- يرى عبدالإله بلقزيز أن هناك مجموعة من "النخبة المثقفة" قد تحولت عن مبادئها الأصيلة بهدف إفساح الثقافة، أو بتعبير أدق، جعل الثقافة متوائمة مع حالة الفساد العام، سواء السياسي أو الإداري أو الاجتماعي· وتهدف هذه المليشيا المثقفة الى تحويل مسار العمل الثقافي الملتزم، كما يرى صباح ياسين، باتجاه الاحتواء والى التلويث، وإشاعة الفساد الذممي الأخلاقي الذرائعي الذي يقبل الرشوة والتبعية، إن "منطق تطويع الثقافة" هو مبدأ هذه المليشيا المثقفة الفاسدة، والذي يقصد به إلغاء المهمة الوطنية والدور الإصلاحي للمثقف الذي تقوم مسؤوليته على ممارسة النقد والتقويم· ولا عجب أن نسمع بمطالبة إصلاح النخبة المثقفة كمدخل للإصلاح العام، كتلك التي قال بها خلدون النقيب والمتمثلة في ضرورة وجود "نخبة مثقفة مستنيرة"·

رابعا - المال السياسي:

- إن الفساد السياسي لا يقضتي فقط الاكتساب المالي الذي يقوم به الزعماء السياسيون بهدف زيادة السلطة والثروة، بل إنه قد يتضمن عمليات "التبادل في التأثير" trading in influence، أو منح الخدمات التي تسمم السياسة وتهدد الديمقراطية· ولقد عرض "تقرير الفساد العالمي" Global Corruption Report 2004، المواقع الضعيفة في الحياة السياسية والتي تقود الى انتشار ظاهرة الفساد، وهي على النحو التالي:

1 - سوء استخدام الأموال في النسق السياسي بواسطة المرشحين والمسؤولين السياسيين·

2 - انعدام الشفافية فيما يتعلق بتدفقات الأموال في الحياة السياسية·

3 - التأثير اللامحدود للقطاع الخاص في الحياة السياسية·

4 - فساد العملية الانتخابية·

5 - عدم فاعلية الإجراءات القانونية في الحد من عمليات الفساد·

6 - تشويه المصلحة العامة تحت ذريعة حماية الاقتصاد·

خامسا - إساءة استخدام المنصب:

- تنطلق معظم حالات الفساد من عمليات "الاستخدام السيئ" للمنصب الوظيفي، لاسيما أولئك الذين يشغلون المراكز الوظيفية العليا· لقد كشفت إحدى الدراسات الكيفية التي استخدمت بها "المنح والقروض الخارجية" من قبل مسؤولين كبار في مجموعة من دول العالم الثالث، إذ إنه تم تحويل هذه القروض الى حسابات خاصة في أوروبا· ناهيك عن أن مبالغ كبيرة تعود الى "المال العام" قد تم استخدامها من قبل الموظفين الكبار الذين كانوا يعاملون "موارد الدولة الطبيعية أو المالية وكأنها ملك خاص لهم· لذلك يلاحظ أن وتيرة الفساد في القطاع العام المملوك للدولة دائما ما تكون مرتفعة جدا، إن الاستثمارات والأموال في القطاع العام تتجه دائما الى المشاريع الكبيرة والضخمة، والتي تمنح المسؤولين القدرة على السرقة وإخفاء التعاملات غير القانونية، ودائما ما يكون ذلك على حساب مواصفات المشروع نفسه في بعض الحالات، أو على حساب عدم تنفيذ المشروع في حالات أخرى·

سادسا - القطاع الخاص:

- إن سيطرة القطاع الخاص على قطاعات حيوية مثل النفط والوقود والاتصالات والمقاولات والتعهدات بكل أشكالها قامت، ولا تزال، على مجموعة من الأفعال غير القانونية أو الأخلاقية· وتشير إحدى الدراسات المهمة الى الدور المتنامي للقطاع الخاص في عمليات الفساد على المستويين المحلي والعالمي (انظر www.odiousdebts.org )· أما المشكلة الأخرى فتتمثل في أن القطاع الخاص في السنوات العشرين الأخيرة اعتمد في نشوئه على "فلسفة التخصيص" التي تقوم على مبدأ التنفيع، وليس وفق "فلسفة الخصخصة" التي تقوم على مبدأ التنافس وعدم الاحتكار·

***

 

··· لو تفحصنا الواقع المحيط بنا سوف نجد أن ما تناولناه هنا يمارس بشكل مكثف ويومي، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي· يبدو والله أعلم، إننا مقبلون على عولمة جديدة هي "عولمة الفساد"!!

�����
   

الكويت دولة في طريقها للزوال:
علي باجي العنزي
وهم.. يا حليلك:
عبداللطيف الدعيج
الصحوة الدامية:
سعاد المعجل
يا جامعة الكويت "وين رايحين؟":
د·أحمد سامي المنيس
لا إصلاح ولا أمن..!:
محمد بو شهري
الإرهاب.. والاستجواب:
المحامي نايف بدر العتيبي
"شيل الشنطة":
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
الحوار الوطني!:
عامر ذياب التميمي
الدنيا رمادي:
مسعود راشد العميري
من البحرين إلى المنفى(4):
د. محمد حسين اليوسفي
...والشاطر يفهم!!:
عبدالله عيسى الموسوي
أسباب الفساد:
د. علي الزعبي
مسميات مقلوبة:
فيصل عبدالله عبدالنبي
ما لا تعلنه أرقام الميزانية العامة
حكايا الهدر المقنع للبشر والمال:
عبدالحميد علي
استراحة:
أحمد المهنا
ثقة القوم "نرجستني":
عبدالخالق ملا جمعة
"تسونامي" بين الإغاثة والسياسة:
رضي السماك