موجة الغضب التي عمت العالم العربي والإسلامي تجاه موقف الإدارة الأمريكية من قضية الانتفاضة الأخيرة، وموقفها المنحاز مع إسرائىل في قضية القدس، لا يجب أن تمر من دون دراسة أمريكية وتقييمية لدورها في الشرق الأوسط، فالإدارة الأمريكية تقف منحازة بالكامل مع الموقف الإسرائيلي ولا تتعاطف مع سقوط أكثر من (135) شهيداً أغلبهم من الشباب الفلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية دون أي ذنب ارتكبوه سوى حقهم في التظاهر السلمي ومطالبتهم العالم بإنصافهم من الاسرائيليين، ومع ذلك فإن المسؤولين الأمريكيين يتجاهلون هذه المطالب العادلة ويطلبون من عرفات أن يمنع التظاهرات، ومن السلطة الفلسطينية اعتقال المتظاهرين، ولو قارنا هذه التظاهرات مع تلك التي جرت في أمريكا منذ مدة احتجاجاً على اجتماع منظمة الغات وقيام الأمريكان بالتظاهر ضد المؤتمر، نتساءل هل كان يمكن للإدارة الأمريكية أن تستخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين!
ومن علامات غضب الشارع العربي على الأمريكان هو أنه بينما يطالب العرب بالقدس وما حولها، يقوم الكونغرس الأمريكي باستفزازهم والتصويت على قانون يحث الإدارة الأمريكية نقل سفارتهم إلى القدس، وعدم الاهتمام بمشاعر العرب والمسلمين·
وبالتالي فإن موجة الغضب التي عمت كل البلاد العربية والإسلامية، والتي تحولت إلى أعمال عنف ضد بعض الأهداف الأمريكية في اليمن، أو التهديدات التي يتلقاها المواطنون الأمريكيون في أندونيسيا، أو قيام الإدارة الأمريكية بإغلاق بعض السفارات في العالم، أو إحجام السياح الأمريكان من زيارة الشرق الأوسط خوفاً على حياتهم، هي كلها ثمن يدفعه الشعب الأمريكي بسبب انحياز حكومتهم تجاه اليهود وموقفهم المضاد ضد العرب والمسلمين·
وإذا استمرت الأمور هكذا فإن الأمريكان سيخسرون الكثير من مصالحهم في العالم، بسبب دعمهم غير المحدود وغير المبرر للدولة العبرية·
وهنا لا بد من التذكير بالموقف القوي الذي وقفته الحكومة التركية ضد الكونغرس الأمريكي الذي أراد إصدار قرار ضد تركيا في تعاملها السابق مع الأرمن، حيث هددت تركيا المصالح الأمريكية، مما جعل الكونغرس يتراجع وبسرعة عن قراره ويذعن للتهديد التركي·
وما نتمناه من حكوماتنا العربية والإسلامية أن تكون أكثر جدية في التعامل مع الحقوق العربية في فلسطين، وتقف ضد الدول التي لا تبالي بمصالحنا الوطنية وأن تطالبها من خلال المصالح المشتركة بالإيفاء بواجباتها الدولية في التعامل في قضايا العرب واليهود وهو أقل ما نطلبه من هذا النوع من الدول· |