هل أصيبت الإدارة الأمريكية بـ "دوار البحر" أو فلنقل بـ "الهزيمة الانتخابية" مما أفقدها رشدها وقدرتها على إدارة السياسة الأمريكية التي بدأت تترنح حول العالم·
فتورطها المخجل في العراق جعل الشعب الأمريكي يصوت بوضوح ضد الجمهوريين ويعطي الأغلبية للديمقراطيين في المجلس لأنهم أعربوا عن رغبتهم في الخروج من العراق··· وهذا الذي دفع الإدارة لتسريب بعض توصيات لجنة جيمس بيكر والتي شكلها الكونغرس لطرح أساليب جديدة في التعامل مع الوضع العراقي، فكانت أولى توصياتها توجيه اللوم الى إدارة بوش والطلب منها فتح حوار سياسي مع كل من سورية وإيران!
نعم مع هاتين الدولتين التي كانت تعتبرهما "محور الشر"·· بمعنى تغيير سياستها مئة وثمانين درجة وهي في الحقيقة ضربة سياسية موجعة للإدارة الأمريكية وضرب لمصداقيتها، هذا إذا تجاوزنا اللوبي الإسرائيلي الذي لن يسمح لإدارة بوش بهذا التغيير··
ولكن في المقابل ماذا يستطيع الرئيس بوش أن يفعله وهو يستقبل يوميا جثامين الجنود الأمريكان الذين أخذوا يتساقطون كالفراش حيث أصبحوا هدفا سهلا ويقتلون في كل مكان من العراق··
فماذا سيفعل الرئيس ولم يتبق من حكمه إلا سنتان وها هو يصبح بطة عرجاء، حيث إن الديمقراطيين لن يتركوه يهدأ بل سيواصلون تشكيل لجان التحقيق البرلمانية لإهانة جميع المسؤولين عن توريط أمريكا بالوحل العراقي الذي أصبح يذكرهم بحرب فيتنام والتي خرجوا منها مهزومين··
وفي المستوى نفسه تواجه الإدارة الأمريكية الفشل في أفغانستان التي سلمت القيادة فيه لقوات الناتو بعد أن عجزت عن مواجهة قوات الطالبان التي بدأت باستعادة نشاطها··
وعلى مستوى القضية الفلسطينية وهي لب الصراع في الشرق الأوسط فإن الإدارة الأمريكية ليست لها أية رؤية في إيجاد حل يرضي العرب هناك··
وفي لبنان وما أدراك ما لبنان فإن هزيمة حزب الله لإسرائيل جعل الأمريكان يفقدون الأمل في الاعتماد على الجيش الإسرائيلي لذا نرى تحرك السفير الأمريكي في بيروت لزرع الخلافات بين الفرقاء اللبنانيين والعمل على إيجاد صراع دائم بينهم خدمة للصهاينة الذين آلمهم انهزام جيشهم الذي كان يوما ما جيشا لا يقهر··
لذا فإن تحرك الإدارة الأمريكية سيكون مشلولا في السنتين القادمتين ولن تستطيع تهديد سورية وإيران وهذا ما جعل العقلاء من الحزب الجمهوري يطلبون من الإدارة الأمريكية إيقاف مشاريعها الغبية في الشرق الأوسط والعمل على استرضاء البلدين لعلهما يستطيعان إخراج الجيش الأمريكي من العراق بما يحفظ ماء الوجه هذا إن تبقى فيه ماء·· |