تنتابني حالة من الاستهزاء ممزوجة بحالتي إحباط وثورة حين يحدث موقف ما في المجتمع ويتنافس بعض النواب في الدفاع عن "العادات والتقاليد" الاجتماعية الأصيلة للكويت وأنها تتعارض ومضمون "الموقف"؟!
وعلى سبيل المثال لا الحصر··· فحين مناقشة قضية الاختلاط في الجامعة وما تلاها من صراعات وحوارات كلها تستند إلى أوامر الدين الحنيف ونواهيه وإلى العادات والتقاليد العريقة لمجتمعنا المحافظ، لا أدري لماذا تنتابني حالة من الضحك الشديد حين أقرأ أو أسمع تلك الكلمات؟! فمجتمعنا في بداياته وحتى نهاية السبعينات "كان" فعلا مجتمعا محافظا· يراعي "العيب" وهو مفهوم اجتماعي قبل "الحرام" وهم أمر إلهي! ورغم ذلك فجامعة الكويت كانت تطبق نظام اختلاط الذكور والإناث، وكانت هناك رحلات مختلطة داخلية وخارجية إلى دول العالم كافة دون معارضة من الأهالي والمجتمع أو الحكومة· وكانت الحياة تسير بهدوء ودون صراخ النواب وعويلهم على "العادت الأصيلة" التي اندثرت؟! فأين هؤلاء النواب الكرام مما نشر في الصحافة عن إفادة سائق تاكسي جوال عن قيامه بتوصيل طالبات من إحدى الكليات إلى عمارة سكنية وإرجاعهن للكلية بعد انتهائهن من "مهمتهن الرسمية"، وهن طالبات في كلية لا تطبق نظام "الاختلاط؟!" وأين نوابنا الأفاضل من وجود إعلان على عمارة سكنية مقابل إحدى الكليات - لا تطبق نظام الاختلاط - كتب عليها "إيجار الشقة بعشرة دنانير في الساعة الواحدة"، إن "منع الاختلاط" داخل القاعات الدراسية وتحت إشراف أستاذ المقرر ومتابعته أدى إلى التقاء الطلبة والطالبات في مواقف السيارات داخل وخارج أسوار الحرم الجامعي، وأنا هنا لا أوضح رأيي في تطبيق الاختلاط أو منعه، ولكنني أسلط الأضواء على مواقف النواب الكرام ودفاعهم المستميت عن الأخلاق الحميدة والسلوكيات المرغوبة في المجتمع؟! أين هؤلاء النواب مما يحدث من مفاسد أخلاقية وسلوكيات منحرفة في المجمعات التجارية؟ أين هم من سن قوانين تحمي المجتمع من ظواهر مستجدة على مجتمعنا المحافظ مثل الجنوس و"عبدة الشيطان" و··· و····!!
إن الطالبة حين تستكمل دراستها في جامعة لا تطبق نظام الاختلاط ثم تعمل بعد التخرج في مؤسسات حكومية وخاصة "مختلطة" تكون فريسة سهلة للذكور من "عديمي الضمير" من العاملين معها··· فلماذا منع الاختلاط في النور وإباحته في الظلام؟! ولماذا إذاً لا نحافظ على "الإناث" من الاختلاط بالمجتمعات الأجنبية التي تخالفنا في الدين والعادات والتقاليد من خلال منع البعثات الخارجية للإناث؟!
إننا واحتراما لأنفسنا أولا ثم لوطننا، لا نريد آراء ولا قرارات تتنافى ومضمونها عن الواقع الذي نعيشه أو الذي فرضته العولمة علينا، ويجب تسليط الضوء على توعية أولياء الأمور، وتطوير المناهج الدراسية بما يتفق وإعداد الناشئة بشخصيات سوية تحترم أوامر الدين ونواهيه والعادت والتقاليد الأصيلة لمجتمعنا في السر والخفاء، حتى لا تكون لهما شخصيتان أحدهما في النور والأخرى في الظلام كبعض نوابنا الكرام؟ والله يستر!
bshm7000@yahoo.com |