رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 19 جمادى الأول 1425هـ - 7 يوليو 2004
العدد 1635

لأنه كرَّس سلطة التحالف لمنفعة الموالين والمحاسيب والأصدقاء
بريمر قدّم خدمة كبيرة لأعداء أمريكا في العراق

                                                                                     

 

·         واشنطن حلت سلطة التحالف قبل صدور تقرير حول سوء استغلال عوائد النفط العراقية

·         الحاكم المدني عين أحد أصدقائه مستشارا لتعليم رجال الأعمال العراقيين الاستقامة والشفافية!

 

بقلم بول كروغمان

انتهى الاحتلال الأمريكي الرسمي للعراق الأسبوع الماضي بتسليم السيادة الى الحكومة العراقية الموقتة ومغادرة الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بغداد، ولكن في الواقع، سوف يستمر الاحتلال بمسمى آخر، ولن ينتهي إلا في حال مطالبة الشعب العراقي للقوات الأمريكية بالرحيل، ولكن أصبح من الجدير بنا أن نسأل منذ الآن، لماذا سارت الأمور في هذا المسار الخطأ في العراق؟

ربما كان محكوم على مغامرة العراق بالفشل منذ البداية، ولكننا لم نكن لنتأكد من أن إدارة بوش سترتكب كل هذه الأخطاء في أثناء الاحتلال، ومن المؤكد أن يجعل مؤرخو المستقبل من التجربة الأمريكية في العراق حالة للدراسة في سوء إدارة بلد ما·

ولعل الأرقام المستخلصة من "مؤشر العراق" المهم الذي أعده معهد بروكنغز، هي أفضل ما يكشف الرواية، فأرقام إمدادات الكهرباء وإنتاج النفط، تظهر نمطا من التعافي المتقطع للخدمات والتقلبات المستمرة للنشاط الاقتصادي·

وتكشف أرقام هجمات المتمردين والخسائر البشرية في صفوف المدنيين عن وضع يسير نحو الأسوأ وليس الأفضل، وتظهر استطلاعات الرأي أن سلطة الاحتلال بددت النوايا الحسنة التي سادت في البداية·

 

هوس أيديولوجي

 

ولكن ما لا تصفه الأرقام هو ذلك المزيج السام من الهوس الأيديولوجي والمحسوبية الذي يكمن وراء ذلك الأداء البائس لسلطة التحالف·

لقد تجذَّرت أعمال التمرد في أثناء الأشهر الأولى للاحتلال، حين بدت سلطة التحالف الموقتة مشغولة عن المشكلات الحقيقية لعراق ما بعد الحرب على نحو يثير الاستغراب، ولكن ما الذي كان يركز عليه رئيس سلطة التحالف بول بريمر؟ وفقا لأحد مراسلي "واشنطن بوست" الذي رافقه في رحلته من واشنطن الى بغداد في شهر يونيو 2003، فإن "بريمر ناقش الحاجة لخصخصة المصانع المملوكة للدولة بحماس شديد"·

ولكن خطط الخصخصة آلت في النهاية الى التجميد، وحين بدأ التحضير لمغادرة العراق، أدرج بريمر في قائمة إنجازاته الرئيسية خفض الضرائب والتعرفة الجمركية وتحرير قوانين الاستثمار الأجنبي، وها نحن نقدم للعراق الهدايا الاقتصادية في وقت يقوم فيه المتمردون بتفجير أنابيب النفط ومراكز الشرطة، وتفيض مساه الصرف الصحي في الشوارع وينقطع التيار الكهربائي عن المناطق السكنية معظم الأوقات·

وإذا كان المحتلون ينسون الحقائق دائما، فإن إحدى هذه الحقائق التي تتعلق باحتلال العراق هي أن كثيرا من المناصب في سلطة التحالف الموقتة ذهبت الى أناس كانت مؤهلاتهم ترتبط بشكل أساسي، بصلاتهم الشخصية والسياسية، حيث إن أشخاصا من أمثال سيمون ليدني، ابن مايكل ليدني أحد رموز المحافظين الجدد البارزين، أبلغ أحد المنتديات أن "مستوى الإصابات التي مني بها الجيش الأمريكي ثانوي، لأننا أناس محاربون ونعشق الحروب"!

ومع ذلك، فإن اهتمام بول بريمر بالاقتصاد كان يعني أن يستعين بمستشارين لديهم خبرة في مجال تطوير القطاع الخاص أو خبراء في مجال الخصخصة وتحرير الاقتصاد في دول مثل روسيا أو الأرجنتين، ولكن كبير مستشاريه كان توماس فولي، رجل الأعمال وجامع التبرعات للحزب الجمهوري في ولاية كنكتكت الذي لا خبرة له في هذا المجال، وحل محله في شهر مارس الماضي، رجل الأعمال مايكل فليشر رجل الأعمال من نيوجيرسي وشقيق الناطق السابق باسم البيت الأبيض آري فليشر، الذي قال لصحيفة "شيكاغو تريبيون" إن جزءا من مهمته يتعلق بتعليم رجال الأعمال العراقيين الذين "لا يعرفون نموذجا للتجارة سوى المحسوبية، ونحن نعلمهم أن ثمة نظام بديل يقوم على أساس الاستقامة والشفافية"·

 

خدمة للإرهاب

 

استقامة وشفافية إذن؟! لقد أصدرت منظمة "كريستيان ايد" Christian AID الخيرية البريطانية تقريرا يثير الشكوك حول استخدام سلطة التحالف الموقتة لعوائد النفط العراقية، ويشير التقرير الى أن قرار الأمم المتحدة الصادر في مايو 2003 والذي يمنح هذه السلطة الحق في إنفاق تلك العوائد طالب مجلس رقابة دولي على صرف هذه الأموال للتأكد من أنها تصرف لمصلحة الشعب العراقي·

ولكن الولايات المتحدة - بدلا من ذلك - أعاقت تعيين مدقق دولي حتى أبريل 2004، ولم تكتف بذلك، بل أشار تقرير داخلي أن "المدقق الدولي واجه الكثير من المعوقات التي وضعها أمامه موظفو سلطة التحالف"، والآن فقد تم حل سلطة التحالف قبل أن يتسنى للمدقق إصدار تقريره·

ولا شك بأن المدافعين عن إدارة بوش سيقولون إنه ليس لدى "كريستيان ايد" أو غيرها من الجهات التي توجه الانتقادات لسلطة التحالف، أي دليل على مخالفات في صرف المليارات من الأموال العراقية، ولكن في ظل الشكوك على نطاق واسع في العالم العربي بأننا غزونا العراق من أجل سرقة نفطه، فإن لدى سلطات الاحتلال دافعا قويا لتعيين مدقق دولي مستقل لتبرأه شركة "هاليبورتون" والشركات الأمريكية الأخرى من الاتهامات بأنها تنتفع على حساب العراق، وإن لم تفعل، فإن الاتهامات تظل صحيحة·

ودعنا نقولها صريحة، إن جعل العراق ساحة لتجارب أصحاب النظريات الاقتصادية من المحافظين الجدد، ووكالة توظيف للأصدقاء والأقارب، ومصدرا للعقود المربحة للشركات التي تقدم التبرعات للحزب الجمهوري، يعتبر أكبر خدمة تقدمها إدارة بوش لمن يجندون الأنصار للإرهابيين·

 

" عن نيويورك تايمز "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

العراقيون تسلموا السيادة··
فهل بزغ فجر جديد؟

 
يمكن لواشنطن الاقتراب من الفلسطينيين دون الابتعاد عن إسرائيل