رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 جمادى الآخر 1426هـ - 3 أغسطس 2005
العدد 1689

المنظور الاقتصادي للفساد الإداري

                                                                                  

 

محمد ناصر المشعل

أبدأ كتابة هذا المقال وأقر بأنه يسعدني أن أقتبس عنوان هذه المقالة من اسم مؤتمر "الفساد الإداري من منظور اقتصادي" الذي أقيم في الكويت في أواخر شهر مايو الماضي، تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حيث كان انعقاد المؤتمر بمثابة ميثاق شرف لمحاربة الفساد، واعتبر الفساد الإداري انتهاكا للقانون وسوء استخدام السلطة، ومدى التأثير المباشر على الجانب الاقتصادي في البلاد، والأبعاد المؤثرة على الجوانب السياسية والاجتماعية والقانونية·

فقد بين سموه في الكلمة التي ألقاها في افتتاح المؤتمر، أنه بوجود الفساد الإداري فهذا يعني معوقا كبيرا ورئيسي للتنمية الاقتصادية إضافة الى هدم النسيج الاجتماعي وهدم للقيم الأخلاقية·

فلا شك في أن أحد معوقات التنمية الاقتصادية في أي بلد في العالم والمانع الحقيقي من الإصلاحات الاقتصادية هو وجود الفساد الإداري، وكيف أن ذلك الأمر قد جعل الأداء الاقتصادي شبه مشلول· وكم يدفع اقتصاد الدول الثمن غاليا نتيجة تغلغل الفساد الإداري في جسد الدول وبين أروقة مؤسساتها وجهازها الإداري·

ومن متابعتي لكثير من فعاليات المؤتمر وأنشطته، وجدت أن الديكتاتورية السلطوية التي تؤثر في الجوانب الاقتصادية لكسب المزيد من المال والتلاعب في مقومات الاقتصاد كغسيل الأموال وهتك قوة أصول العملة وفرض الضرائب بشكل غير طبيعي وانتشار الرشوة والمحسوبية وترسية العطاءات وحجب قوانين تعمل على حماية المال العام ومنع التطاول عليه·

السيد علي ثنيان الغانم رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت حدد النتائج التي تم التوصل إليها في سياق وجود الفساد الإداري وتأثيره على اقتصاد البلاد، حيث قال: إن الفساد الإداري يزيد بزيادة هيمنة القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية· كذلك القيد على حرية النقد والتجارة وتضخم الجهاز الحكومي، وبوجود الفساد الإداري فإن انخفاض تدفق الاستثمار الأجنبي يتأثر تأثيرا مباشرا وقويا، ولا يقتصر تأثير وجود الفساد الإداري على هذا الأمر، بل الثقل البغيض لهذا الفساد يلقى بقوة على المشاريع المتوسطة والصغيرة ويحطمها·

ولا يمكننا أن نستثني وجود هذه الآفة من تسببها في تخفيض الموارد وتخصيصها وأيضا تخفيض الإيرادات وزيادة العجز في الميزانية والانحراف في توزيع الدخل لمصلحة الأغنياء على حساب الطبقتين الوسطى والفقيرة·

إذن عزيزي القارئ نستخلص من مما سبق أن المنعطف الحاد في العلاقة بين الفساد الإداري والأداء الاقتصادي، حيث ناتج هذا المنعطف هو النقص في الحرية الاقتصادية والتعثر في الأداء الاقتصادي، وكما قال السيد علي ثنينان الغانم إن الإصلاح الاقتصادي الهيكلي والمؤسسي سيعمل على تطويق الفساد الإداري·

لقد تضمن المؤتمر أمثلة متعددة للفساد الإداري المتعدد وقد أدلى الكثير بدلوه وبخبراته بخصوص هذا الأمر، فلو تكلمنا قليلا عن بعض الأمثلة التي طرحت، فقد طرح وزير المالية في بوليفيا تجربة حدثت تبين عواقب وجود الفساد الإداري وكيف وصلت الأمور الى عمدة بلدة صغيرة والأخذ بمناحي الاقتصاد في بوليفيا لكسب الكثير من المال والتطاول على كثير من الأشغال العامة والضرر بمصالح الناس·

وكان لهونغ كونغ تجربة مع الفساد الإداري تمت محاربتها بوضع القوانين التي حاربت بقوة كل ما يضر البلاد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا·

وقد كان من ضمن الآراء والتصريحات في هذا المؤتمر ما جاء به رئيس التحرير الأستاذ عبدالله النيباري، حيث شدد على أن كل الدراسات والبحوث التي قدمت في المؤتمر يجب أن تشكل مثابة طريق لمعالجة ظاهرة الفساد الإداري· كما أكد جميع المشاركين أن محاربة الفساد الإداري لا بد أن تقتضي القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وتنموية، ولا بد من تجاوب الأجهزة المعنية في الدولة وخاصة الاقتصادية على ما يتم كشفه والتنقيب عنه حول الفساد·

ونحن في الكويت لا نتنصل من وجود الفساد الإداري وفي الأخص بالمال الاقتصادي، بل نقر أن الفساد الإداري موجود وبات يهدد أركان الدولة، لذا على الجهات المعنية بالرقابة والمحاسبة كوزارة المالية وديوان المحاسبة وديوان الخدمة المدنية مسؤولية كبيرة في ضبط مظاهر الفساد المختلفة ولاسيما في القطاع الاقتصادي، وكما وضح الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح رئيس مكتب خدمة المواطن ومتابعة أداء الجهاز الحكومي أن الحكومة قد تمكنت من وضع اليد على الجرح من خلال تشخيص مفهوم الإدارة وسوء استخدام السلطة والتطاول على المال العام·

وبما أن الكويت تراجعت في محاربة الفساد الإداري، حسب تقرير البنك الدولي الخير حيث احتلت الكويت وللأسف المرتبة الرابعة ضمن الفساد الإداري من بعد الإمارات وعمان والبحرين، وحث التقرير الكويت على تنفيذ برنامج طموح للإصلاح السياسي والاقتصادي·

ختاما نستخلص أن التوافق الواضح والمتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبين القطاع الخاص سيحقق الإصلاح الاقتصادي الذي هو أحد نواتج الإصلاح السياسي ومحاربة الحكومة لظاهرة الفساد الإداري بشتى الطرق المتاحة لمصلحة البلد وشعبه·

mnalmeshil@hotmail.com

طباعة  

شاشات التداول الإلكترونية الجديدة.. اشتغلت
 
مطالبات بإلغاء الأصفار من الشاشات الجديدة
 
رأي اقتصادي
 
أخبار اقتصادية
 
التقرير الأسبوعي لشركة بيان:
إنشاء مجلس أعلى للاقتصاد خطوة هامة

 
الوقاية من الإرهاب تكلف التجارة العالمية 100 مليار يورو