كتب سعود العنزي:
أقر مجلس الأمة في جلسة 11 يونيو الجاري قانوناً يعاقب من يسيء استعمال تقنية البلوتوث وأجهزة الهاتف النقال· إلا أن العارفين في الشأن التقني وجدوا في القانون مادة مثيرة للضحك والشفقة في آن معاً، فهي برأيهم تثير الضحك لأن المشرعين تعاملوا مع كل إساءات استخدام التكنولوجيا واختصروها بالبلوتوث "كمجرم رئيسي" أما الشفقة فتعود أسبابها لمكابرة النواب في إصدار تشريع خطير كهذا من دون الاستعانة بالمختصين وهو الأمر الطبيعي·
ويبين المختصون أن هناك في أجهزة الهاتف ما هو أخطر بكثير من خدمة البلوتوث حيث زودت الأجهزة بقدرتها على الاتصال عبر الموجات اللاسلكية WI FI التي تربطها بالإنترنت ما يمكن مستخدمها من إرسال الصورة أو الفيديو أو الصوت أو غيرها من الرسائل الى الآلاف بضغط زر واحدة بينما لا يمكنه إرسالها للعدد نفسه باستخدام البلوتوث الذي يستدعي وجود الهاتفين المرسل والمستقبل في مسافة قريبة جداً ولا تستقبل الرسالة إلا إذا قبل الشخص المستقبل لها ووافق عل دخولها في جهازه·
كما يمكن لأجهزة الهاتف أن تدخل على الإنترنت من خلال خدمة GPRS أوWAP قبلها واستخدام الإنترنت والبريد الإلكتروني وغيرها من الخدمات لإرسال تلك الرسائل من دون موافقة الأطراف المستقبلة لها·
ويضيف المختصون بأن أجهزة الهاتف يمكنها التواصل عن طريق الأشعة الحمراء قبل اكتشاف البلوتوث كما يمكن لمستخدمي الهواتف النقالة إرسال أي رسالة يريدونها عن طريق خدمة MMS أو الوسائط المتعددة·
كما لايحتاج الإنسان الى هاتف نقال أو بلوتوث أو غيره مما أشرنا إليه كي يصور الآخرين ويرسل تلك الصور الى العامة، فبإمكان كثير من الكاميرات الرقمية الصغيرة التصوير وإرسال الصور فورياً الى مواقع إلكترونية أو الى بريد إلكتروني والى الهواتف أيضاً أما الكاميرات التي تقل عنها تقنية وتطوراً فلا تحتاج الى إرسال تلك الصور "فيديو أو ثابتة" إلا لجهاز كمبيوتر محمول "لابتوب" لإيصالها لمن يرغب المرسل·
بعبارة أخرى يقول المختصون إن البلوتوث ليس سوى وسيلة اتصال بين جهازين "أي جهازين هاتف وكاميرا و كمبيوتر وسيارة وطابعة وغيرها" طالما كانت تلك الأجهزة مزودة به وكانت في نطاق قدرته على الإرسال، وبالتالي فإنه كتقنية بحد ذاته مفيد جداً ويعد ثورة في عالم التواصل عن بعد بين الأجهزة المختلفة عن بعضها بالصنع أو بطبيعة الخدمة التي تقدمها "وهو ما أعطاه اسمه بلوتوث نسبة الى ملك دنماركي اشتهر بقدرته على تقريب أصحاب وجهات النظر المختلفة وليس الناب الأزرق كما يترجمه الكثيرون"·
وما ينطبق على البلوتوث من احتمال إساءة الاستخدام ينطبق على كل شيء اكتشفته البشرية فكيفية الاستخدام تعود الى الإنسان الذي يستخدم تلك التقنية وليس لها، والأمثلة على ذلك كثيرة فالسيارة تقنية رائعة للتواصل لكن البعض يستخدمها كأداة للموت وجهازا الفيديو والتلفاز يستخدمهما البعض لعرض مشاهد بذيئة والساعة اكتشاف خطير لتنظيم الوقت يستعمله البعض لتوقيت انفجار القنابل والطائرة وسيلة ثورية للتواصل استخدمها الإرهابيون لتفجيرات 11 سبتمبر، وهكذا نجد أن البلوتوث المسكين تحمل تبعات استخدام البشر الذي يحيل كل مفيد الى ضار وعن قصد وسبق إصرار، فهل علم المشرعون بهذه الأمور قبل إقراراهم للقانون؟!