رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 جمادى الآخر 1426هـ - 3 أغسطس 2005
العدد 1689

مأزق مستمر!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

بعد احتلال الكويت مباشرة، وفي شهر أغسطس من عام 1990 كتب المفكر المصري المعروف الدكتور فؤاد زكريا مقالا مهما في جريدة الأهرام تحت عنوان "أين الخلل؟" وقد سطر الدكتور فؤاد زكريا، الذي ترأس قسم الفلسفة في كلية الآداب في جامعة الكويت لأمد طويل، سطر أفكارا أساسية عالجت مسألة الغزو والاحتلال وتناول الاختلالات الفكرية التي يعيشها العرب في مختلف بلدانهم· إن من أهم ما ورد في ذلك المقال أن الاحتلال والغزو ما كان يمكن أن يحدث لولا وجود بيئة ثقافية تسنده وتبرر له، وأشار بشكل حصيف، الى أن الطغاة مهما طالت أعمارهم أو استمراريتهم في الحكم فإنهم لا بد يوما راحلون لكن تظل الثقافة الاستبدادية سائدة ما دام هناك مثقفون أو مفكرون يبررون أعمال الطغاة ويشرعون لها، كما فعلوا في قضية الغزو والاحتلال العراقي للكويت، والآن بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاما على نشر تلك المقالة لا تزال البيئة الثقافية العربية تعاني من ذات العيوب، إن لم يكن بشكل أردأ·· ونجد اليوم من يبرر الأعمال الوحشية الجارية في العراق ضد المدنيين والدبلوماسيين وضد أفراد الجيش والشرطة، كما نجد من يبرر الأعمال الإرهابية في لندن وشرم الشيخ والسعودية وغيرها من مواقع وبلدان لم تسلم من كارثة العنف والإرهاب·

كيف يمكن أن نفسر الوضعية التي مكنت الفكر المتطرف من أن يسود في عالمنا العربي ويجعل الثقافة العربية في مواجهة الحضارة الإنسانية والقيم الديمقراطية والفكر الحر···؟ هناك عوامل كثيرة منها الأسس التي تطورت بموجبها الثقافة السياسية خلال السنوات التي تلت الاستقلال من الحكم الاستعماري، والتي تأصلت على معاداة الاستعمار والتبعية·· وما زاد من الأمور تعقيدا هو إقامة دولة إسرائيل في نهاية الأربعينات من القرن الماضي وعدم قبول العرب بقرار التقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة، وبعد ذلك الدخول في حروب نعرف كيف انتهت·· ومما لا شك فيه أن الهزائم التي لقيها العرب في تلك الحروب أوجدت في وجدان النخب العربية مشاعر متنوعة من أهمها أن العالم، والغرب بشكل خاص، متآمر على العرب ولا يريد لهم أن ينهضوا ويتحرروا من أردان التبعية السياسية والارتهان الاقتصادي·· وغني عن البيان أن الأنظمة التي تسيدت في بلدان عربية أساسية منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي قد ساهمت في تأجيج تلك المشاعر السلبية، وهي أنظمة لم تستطع أن تواجه استحقاقات التنمية والنهوض السياسي في مختلف البلدان العربية·

لكن يمكن للمرء أن يزعم بأن التركيبة الاجتماعية والتكوين النفسي للعرب قد ساهما في دفع المجتمعات العربية الى تغليب الخرافة على الحقيقة والاندفاع نحو فكر غير واقعي في معالجة الأمور الأساسية أو إدارة الأزمات المصيرية، كما حدث في عام 1948 وعام 1956 أو 1967 وما تلاها من أزمات، هذه الحقائق في ظل المشكلات المعيشية والمعضلات الديمغرافية لم تطور فكرا جديدا أو توجد قيما جديدة للتعامل مع الأحداث والأزمات الحياتية والسياسية·· وبالإضافة الى ذلك فإن الاقتصاد العربي لم يساهم في تطوير بنية ثقافية متوقدة تعتمد على الإبداع والخلق حيث ظل الاقتصاد العربي، حتى يومنا هذا، يعتمد على إيرادات النفط ومن ثم الإنفاق الحكومي وتعزيز الاعتماد على الدولة·· ولم يسلم أي اقتصاد عربي من الاعتماد على النفط سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر·· وقد يتساءل البعض عن أهمية الاقتصاد في تكوين الثقافة أو منظومة القيم، ولكن هناك علاقات أساسية تساهم في خلق نتائج مؤثرة في كل النظم التي تحكم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية·

ولكي نستطيع، كعرب، أن نتحرر من الأوهام ونعزز الفهم الموضوعي للأمور ونبتعد عن الفكر الرجعي والقيم المتخلفة لا بد أن نحاول أن نعالج مكونات الحياة لدينا بشكل واضح وجريء· ولا بد أن نبدأ بالتكوين الأسري والتربية العائلية والأنظمة التعليمية، فليس هناك من إمكانات لتطوير القيم ما لم نجد وسائل لإقناع الملايين من البشر بأهمية بناء العائلة على أسس عقلانية وليس بالشكل العشوائي القائم على الاندفاع بالإنجاب غير المحسوب، كما أن التعليم الأساسي يجب أن يتأسس على مبادئ العلم والمعرفة، وهناك ضرورة لغربلة كل الأنظمة التعليمية القائمة والتي تعزز الجهل والفهم المغلوط لحقائق الحياة، إن ما نراه في الكثير من المجتمعات العربية من المظاهر الغوغائية وانتشار الفكر الخرافي واتساع دائرة الجهل يعني أن الأنظمة التعليمية تتطلب معالجات واقعية ومهمة·· وأهم من كل ما سبق ذكره أهمية مواجهة المثقفين العرب وطروحاتهم المتيبسة والتي تساعد على نشر الخرافات السياسية والفكرية والتي تعطل مسيرة التنمية والتواصل مع الحضارة الإنسانية·

 

* باحث اقتصادي كويتي

tameemi@taleea.com

�����
   

أفذاذ/ غوغاء..صفوة/ دهماء!:
أحمد حسين
لمصلحة من.. إضعاف المجلس؟!:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
لم تجدِ نفعا:
فيصل أبالخيل
وزير الطاقة..
ما هي إنجازاتك؟!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
مأزق مستمر!:
عامر ذياب التميمي
ماذا يجري في اليمن السعيد؟؟:
د. محمد حسين اليوسفي
شوفوا انتو شقاعدين تسوون:
على محمود خاجه
التغلغل الإسرائيلي في دول حوض النيل:
عبدالله عيسى الموسوي
المخدرات.. إلى أين؟:
فاطمة دشتي
الكويتيون محرومون من الحرمان!:
حمود العنزي
يستتاب وإلا فهو كافر:
فيصل عبدالله عبدالنبي
كفاكم يا المستقلة..!:
محمد جوهر حيات