أرسلت الحكومة الى مجلس الأمة تستفسر عن عدم البت في اثنين وثمانين مشروعا بقانون بعثت بها إليه، والقائمة التي نشرت في الصحف بعضها تجاوزه الزمن وبعضها الآخر بحاجة ملحة الى مناقشته في المجلس والبت فيه·
إلا أن هذه الترسانة من مشاريع القوانين المقترحة من الحكومة فضلا عن المقترح من المجلس نفسه وما تنادي به مؤسسات المجتمع المدني كل في اختصاصه بخلاف المعمول به أساسا، كل هذه الغابة من القوانين تستدعي النظر في تأثيرها على استراتيجيات مكافحة الفساد المالي والإداري على المدى البعيد·
وكنت قد أجريت بحثا منذ نحو العام على القانون رقم 31 لسنة 1978 بقواعد إعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها فوجدت أن مادتين فقط ضمن نصوص هذا القانون قد ترتب عليهما إنشاء ما لا يقل عن خمسة أطر تنظيمية في وزارة المالية لترعى تنفيذ المهام المنصوص عليها، وهذه التنظيمات بدورها أصدرت ما يزيد عن ثلاثين لائحة واجبة التنفيذ في القطاعات المالية في جميع أجهزة الدولة من وزارات وإدارات حكومية وهيئات ملحقة فيما يصل الى نحو أربعين مؤسسة حكومية، وحتى يمكن إنجاز ما تنص عليه هذه اللوائح فإن هياكل تنظيمية قد اتسعت أو استحدثت من العدم في جميع هذه الأجهزة، وهذه الهياكل بدورها تضطر في أحايين كثيرة الى إصدار لوائح فرعية تلائم الطبيعة الخاصة لعملها·
وببساطة فإن كثرة القوانين واللوائح تتيح إنشاء الكثير من الأطر التنظيمية واللجان واللوائح التنفيذية بما من شأنه تشريع أبواب هدر المال العام، وأيضا تتيح من السلطات التقديرية للموظف الحكومي الفاسد ما يكفيه لاستغلالها فيما يحقق مصالحه الخاصة أو مصالح من يهمه أمرهم بمقابل أو من دونه·
وعند التفكير في وضع استراتيجيات لمكافحة الفساد في أجهزة الدولة فسيكون من المناسب فتح قنوات عدة لمواجهة هذه المشكلة، نعني مشكلة ترسانة القوانين واللوائح، مثل تخويل لجان مستقلة من القضاة سلطة التوفيق بين النصوص المتضاربة أو حذفها وقد شرعت الإكوادور في تطبيق هذا النظام، وتكليف مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث كل فيما يخصه بإعداد قوائم بالعوائق القانونية واللوائح المزدوجة التي يجب إعطاء أولوية لتبسيطها، كذلك اللجوء للتخفيف من بعض الاشتراطات القانونية أو الإجراءات اللائحية للشركات التي يقل رأسمالها أو تقل العمالة فيها عن حد معين وأيضا بالنسبة الى الأفراد ضمن ظروف معينة بحسب موضوع تلك القوانين واللوائح وهذا معمول به على نحو ما في دول عدة منها الولايات المتحدة·
إن وزير العدل وهو رجل برلماني مخضرم وبتنسيق مع اللجنة التشريعية في مجلس الأمة والجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام مدعوون لقيادة جهد مخلص في هذا الاتجاه·
a2monem@hotmail.com |