يقول الشاعر الأمريكي رالف إيمرسون: "عندما تظلم السماء بالقدر الكافي، ستتمكن من رؤية النجوم"·
من المعروف أن الفجر قبل أن يبزغ تسبقه ظلمة حالكة، وكذلك عجلة الإصلاح والتطور والنهضة عندما تبدأ بالتحرك لابد من إهاصات لذلك على مختلف المستويات والأصعدة، فما حدث في جلسة مجلس الأمة الخاصة بموضوع حماية المال العام، يدل على أن نهاية سراق المال العام والمتطاولين على القانون قد قربت، وكذلك ما يحدث الآن من إصلاحات في البلدية تدل على أن عجلة الإصلاح بدأت في الحركة، وفي كل مجال سوف تجد إرهاصات نهاية الحقبة المظملة فيه وبداية فجر الإصلاح والنهوض لجعل الكويت نموذجا إيجابيا يحتذى به، وذلك لم يأت عبطا، بل بسبب تحرك الفئة التي تريد الإصلاح وتحملت مسؤوليتها الوطنية في ذلك وقامت بتوعية الأغلبية الصامتة لما ينبغي أن يفعلوا·
يقول المفكر الأمريكي بريان تراسي: "إن من يتسمون بالقدرة على المبادرة والإنجاز يبلغون 10% فقط، ورغم أنهم حفنة قليلة تمثل جانب الأقلية فهم من يحركون الركود في كل مجال، أنهم هؤلاء الأشخاص الذين يأخذون المسؤولية كاملة عن أنفسهم وكذلك مسؤولية ما يقومون به، لديهم الجرأة لأن يتقدموا لمواجهة المخاطر والاحتمالات غير المحددة، وبناء عليه، فعندما تقرر أن تصنع مستقبلك بنفسك فأنت تنضم إلى هذه الأقلية التي لا غنى عنها، وتبدأ في الاندفاع نحو الصدارة في حياتك"·
ومن تلك المواقع التي بدأت تدب فيها روح الإصلاح والنهضة، هي المجال الثقافي والفكري والأدبي الذي هو حقل مهم في أي بلد يريد التطور، فقد صدمنا بالخبر الذي نشر في جريدة "الوسط" وجريدة "القبس" في تاريخ 2007-5-19م حول شطب عضوية الأستاذ محمد عبدالله السعيد مدير ورشة السهروردي الفلسفية من رابطة الأدباء، وكما ورد في صحيفة "القبس": "جرى تثبيت ورقة قرار من مجلس إدارة الرابطة بشطب عضوية محمد عبدالله السعيد من غير الإشارة إلى أسباب شطب العضوية ولا المرجعية التي استند إليها مجلس الإدارة بقرار كهذا· إلا أن الإعلان عن القرار سحب من اللوحة الإعلانية بعد يومين وبسؤال أمين عام رابطة الأدباء في الكويت حمد الحمد لمعرفة تفاصيل هذاالقرار قال (إنه لا تعليق لديه)! (وأن هذه القرارات الداخلية خاصة بإدارة الرابطة ولا علاقة لها بالأدب أو الثقافة)!،··· مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه القرارات داخلية لا يجوز نشرها وأننا بسؤالنا هذا نثير مشاكل لا علاقة لها بالثقافة في البلد"·
والمدهش هو ما ورد في كتاب الشطب، بأن سبب الشطب هو (إقامة أنشطة دون إذن مسبق)!، ولا أعرف هل لا يوجد لديهم قانوني يخبرهم أن شطب العضوية لا يكون إلا بقرار من وزارة الشؤون وأيضا هناك خطوات وإجراءات طويلة قبل الشطب، وليس الأمر هكذا بقرار متسرع، والأعجب من ذلك أن تلك الأنشطة والمحاضرات الثقافية والفكرية التي تساهم في تنمية الفرد والمجتمع التي أقامها الأستاذ محمد السعيد، كانت تقام منذ أكثر من ثلاث سنوات في رابطة الأدباء، "فما حدى مما بدى"، ولماذا هذا التصرف يصدر من مجلس الإدارة الجديد، الله يستر من هذه السياسة الجديدة، والله يعين الثقافة والمثقفين والأدباء الحقيقيين·
ولكن ما يهمنا كمراقبين هو أن الأستاذ محمد السعيد قدم خلال أكثر من ثلاث سنوات دورات ودروس ثقافية وفكرية تطوعا منه ودون مقابل أو أجر مادي بل خدمة للوطن والمواطنين، وقد تخرجت عدة دفعات من شباب وشابات الكويت المهتمين بالثقافة والأدب والفكر من خلال دوراته المكثفة في ورشة السهر وردي الفلسفية، وقد تشرفت بحضور بعض منها ولمست حجم الفائدة العظيم، فهو وإن كان عمره تعدى الخمسين ولكنه مفعم بالعطاء وحيوية الشباب، حيث يريد للثقافة التوعوية والتنموية أن تزدهر في البلد ويكون لها أثارها الإيجابية على أرض الواقع وليس مجرد ترف فكري، وبسبب جدية الأستاذ محمد السعيد وإنجازاته على الأرض تكاتف معه الكثير من المثقفين وأصحاب الأقلام وغيرهم ممن يريدون الإصلاح والنهضة للبلد، وهم قد حضروا بعض دروسه وشاهدوا ولمسوا عن قرب إيجابية ما يطرحه، وهذه رسالة توجه لكل من أراد التصدي للثقافة والمثقفين تحت أي مبرر، فالشعب الكويتي واع جيدا ومتكاتف لإنجاح نهج الإصلاح والتنمية في مجال، وهو يقرأ جيدا ما بين السطور·
وما هذه الإرهاصات والتصرفات من قبل البعض والتي هي غربية على المشهد الثقافي الكويتي وتتضارب مع نهج الإصلاح، والتي يرفضها المثقفون الحقيقيون الذين يشعرون بمسؤوليتهم تجاه حركة الإصلاح والتنمية التي بدأت وظهرت ملامحها بمختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة، إلا دليل على مستقبل زاهر وتغيرات إستراتيجية بالوسط الثقافي تنذر بتحولات إيجابية، تكون بداياتها محاولة عرقلة أهل الفكر والثقافة عن أداء دورهم، لأن حركة التغيير دائما تجد لها رفضا من الحرس القديم، ولكن تعرف الأشياء بأضدادها، فعندما يبدأ المثقف بالعمل الجاد الواعي والمسؤول سوف تسقط جميع الأقنعة من خلال ردود أفعال البعض وتحت مبررات كثيرة لا تنطلي على العارف ببواطن الأمور، وكما أن المرء يعرف بفلتات لسانه، كذلك يعرف بفلتات قراراته التي تكشف حقيقة كل فرد· فنحب أن نذكر البعض أننا هنا في الكويت الديموقراطية ولسنا بالاتحاد السوفييتي، في الكويت الدستور يدعم المثقفين والناشطين في تنمية البلد والدفاع عن المكتسبات الدستورية، والوطنيين من مختلف الفئات الذين يحاولون جاهدين دفع عجلة الثقافة الوطنية الإصلاحية والتنموية وبث روحها في الواعدين من الجيل الحالي، لن يقبلوا ممارسات من يحاول عرقلة مشروع النهضة والتنمية والإصلاح، في أي مجال وعلى أي صعيد وتحت أي مسمى·
يقول المفكر الأمريكي ستيفن كوفي: "··· فإذا أردنا إجراء تغييرات طفيفة نسبيا في حياتنا فربما كان من المناسب أن نركز على مواقفنا وتصرفاتنا، أما إذا أردنا إجراء تغييرات كبيرة ومهمة فإن علينا تغيير أنماطنا السلوكية الأساسية"·
فالمستقبل لأهل السياسة والثقافة والفكر والأدب المخلصين الحقيقيين الذي قلبهم على البلاد والعباد، وليس لمن يرتدون الأقنعة، فنحن في مرحلة سقوط الأقنعة عن كل فرد أو تجمع أو حركة تدعي بكلامها أنها ترعى مشروع النهضة والتنمية والإصلاح، ولكن على أرض الواقع ممارساتها لا توحي بذلك·
وكما رأينا في جلسة مجلس الأمة التي كانت مخصصة للدفاع عن المال العام، كيف سقطت الكثير من الأقنعة من خلال مداخلاتهم وردود أفعالهم، سوف تسقط أقنعة كثيرة في مجلات متعددة·
Machaki5000@yahoo.com |