أعرب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد عن اعتزازه بالصحافة الكويتية وبالحرية التي تتمتع بها، وطالب بالتركيز على أن تكون الرقابة ذاتية لكل رئيس تحرير وصحافي، وأكد بأنه يتقبل النقد وهو شخصيا لا ينزعج منه مادام موضوعيا!! تفضل سمو رئيس مجلس الوزراء بهذا الكلام الجميل الذي ساندنا وشجعنا ككتاب أن نستمر بالنقد البناء والموضوعي الذي يساهم في مصلحة الكويت والمحافظة عليها وكلنا جميعا في قارب واحد·
بدا واضحا في لقاء سمو رئيس مجلس الوزراء استياؤه من بعض الكتاب الصادقين من حمل أمانة ومسؤولية القلم تجاه بلدهم ولكن مع كل أسف بأنهم يصفون هؤلاء الكتاب بالمتطرفين أو بأصحاب الرؤى السوداء والمتشائمة، وأنا لست بصدد الدفاع عنهم وخصوصا أنهم أقدر وأقدم وأخبر مني في الرد على اتهامهم ولكن بحكم الزمالة فلا أستطيع القول إلا أن الصحافة نور المجتمع وهؤلاء شموعها التي لا تذوب، لقد كانت هناك ملاحظات على تصريحات سموه نود الوقوف عندها، وهي عندما قال بأن هناك %70 من موظفي الدولة لا حاجة إليهم لعدم إنتاجيتهم، وفي الوقت نفسه يعلن أن هناك لجنة تقوم بدراسة زيادة الرواتب، فهل نعتبر ذلك تشجيعا لاستمرار الـ %70 في عملهم، والحقيقة المرة أنه لا حاجة إليهم؟
والأمر الآخر علق سموه بأنه لا يوجد لدينا بطالة بحجة الحل موجود وهو أن السلك العسكري على استعداد تام لاستقبال جميع الكويتيين، هذا كلام مردود عليه فهناك 20 ألف طلب وظيفي لدى ديوان الخدمة المدنية في الانتظار ما بين مؤهلين جامعيين ودبلوم تطبيقي ودورات تطبيقية وثانوية عامة وآخرين··
فهل السلك العسكري هو الحل؟ إذا أردنا بالفعل علاج مشكلة البطالة بهذا الشكل وخصوصا أننا متفقون على الطرح الموضوعي في قضايانا، الموضوعية يجب أن تفرض على البشر مستقبلهم المهني بغض النظر عن شهاداتهم من خلال حشرهم جميعا في القطاع العسكري؟
أما ما يتعلق بالمخالفات والتعديات على أملاك الدولة فيجب ألا نجامل أو نراعي أحدا وإذا كنا جادين بالفعل فعلينا بالبدء بمن هم عبثوا بأملاك الدولة واستغلوا أراضيها واستثمروا فيها وأصبحوا من أصحاب الملايين على حساب أملاك الدولة وحساب الشعب، فلهذا يجب ألا نبدأ بالعاصمة، التخوف والمجاملة على حساب البلد لن ينشأ عنهما أي إصلاح حقيقي بل بالعكس الانتقائية في الإصلاح ستولد إحباطا وتذمرا أكثر·
أما ما يتعلق بحقول الشمال فهناك لجان فنية بهذا الاختصاص نتمنى أن يحميها القانون والدستور من أي شبهة أو ممارسات ليست في مصلحة هذا البلد وشعبه وخصوصا أنه بلغ إلى مسامعنا أن هناك رائحة يشمها البعض من وزارة الطاقة وما أدراك ما الطاقة، وفيما يخص الحكومة الحالية بوزرائها الذين نكن لهم كل التقدير والاحترام لأشخاصهم فهم مجموعة من موظفين كبار ككادر وظيفي ليس إلا، وإذا أردنا أن نتحدث عن نوعية الوزراء الحاليين كي لا يقول الشيخ صباح لن نعتمد على نقد برؤيا سوداء فهناك من حاد عن الاستقالة عند تعثر بعض إنجازاته ومنهم من أخفق في العمل السياسي، وقد تكون هذه حدود إمكاناته ومنهم من استغل موقعه في العبث بمدخرات وأملاك الدولة ومنهم من يعمل في تصريف العاجل من الأمور وواحد وظيفته فقط حماية الحكومة من المجلس وبأي ثمن حتى وصل الأمر به أن يقوم بحماية الحكومة لاستمرارها على حساب المصلحة العليا وحساب الشعب الكويتي وهي حقيقة غير قادرة! وقليل منهم من يحاول الاستمرار في العمل السياسي في هذه الحكومة المركزية·
فكيف يقول رئيس مجلس الوزراء بأن أعضاء الحكومة الحاليين من أفضل الوزراء في تاريخ الكويت؟! أم أنه استخفاف بعقول أهل الكويت!
كتبنا مرارا وتكرارا لكن "لا حياة لمن تنادي"، نريد وزراء سياسيين وأصحاب قرار! هل هذا صعب أن يجد الشيخ صباح شخصيات سياسية وصاحبة قرار داخل مجلس الوزراء أم أنه لا يستطيع العمل معهم؟! وتفكيك وزارة المالية يحتاج إلى رؤى واضحة ودراسة متأنية كي لا نندم على أي قرار! والوفرة المالية تحتاج إلى تقنين صرفها حتى نستفيد منها على أفضل وجه·
ومن لديه الجدية في إقرار حق المرأة والبلدية والصحافة ومشروع حقول الشمال ويتطلع إلى الإصلاح بالفعل لماذا لا يتطرق لتعديل الدوائر ولماذا يعرقل مشروع الدوائر في دور الانعقاد السابق؟!
واستطرد سموه في اللقاء بأن ديمقراطيتنا ناقصة فأنا أؤيد سموه بأنها بالفعل ناقصة فالأوضاع في مؤسساتنا الحكومية آخذة بالتدهور وكلما تأملنا خيرا بالإصلاح نرى أن وضعها يتردى أكثر وفي الوقت نفسه لانشعر بالتفاتة مسؤولة لتصحيح المسار أو عدم المقدرة إن صح التعبير!
إنه مؤشر خطير أن يكون من يتجاوز القوانين هو المسؤول عن تطبيقها ومن يفسد المؤسسات والإدارات هو المعني ببنائها وتطويرها!
ولأن وطننا هو الأبقى وهو الأغلى فعلينا الخروج من دوامة العبث بمؤسساتنا وتغذية الفساد في إداراتنا فالكويت دولة مؤسسات ويحكمها دستور فيجب أن يحترم تطبيق نصوص مواده بما يخدم مصلحة البلاد العليا ومصلحة مواطنيها·
إن الأساليب التحذيرية السابقة وسياسات الترقيع لم تعد تجدي، فمصلحة وطننا تنحصر في إحياء مؤسساتها وتطعيمها بالكفاءات العالية النزيهة والبعيدة عن الشبهات لتدار بفرق عمل متجانسة وفاعلة يتحمل كل عضو فيها كامل المسؤولية في الموقع الذي يشغله أينما كان في ظل الدستور والقوانين·
ننتظر قرارا جرىئا بحكومة سياسية متجانسة وسوف يكون خطوة أولى لتطوير مؤسساتنا الوطنية·· فكفانا انتظارا! وفي الختام ندعو الله ليلا ونهارا أن يديم النفط علينا ويجعل أسعاره مرتفعة دائما كي لا ينكشف المستور!
salahalmudhaf@yahoo.com |