رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 مارس 2007
العدد 1764

"العدل الدولية": صربيا بريئة من "الإبادة الجماعية"

لاهاي، الخرطوم: قررت محكمة العدل الدولية، أعلى سلطة قضائية في الأمم المتحدة، اليوم الاثنين تبرئة صربيا من تهمة ارتكاب إبادة جماعية خلال حرب البوسنة، لكنها اعتبرت انها انتهكت القانون الدولي لعدم تحركها من أجل منع وقوع مجزرة سريبرينتسا التي وصفتها بالإبادة· أما الشكوى التي رفعتها البوسنة فتتناول مجمل النزاع وليس سريبرينتسا فحسب· غير انها قدمت في العام 1993 فيما وقعت المجزرة في الجيب الخاضع لحماية الامم المتحدة في العام 1995· وجاء في القرار الذي تلته رئيسة المحكمة روزالين هيغينز أن صربيا لم ترتكب إبادة في البوسنة لذلك ليس هناك ما يدعو لاصدار أمر بدفع تعويضات كما تطالب ساراييفو·

الا ان محكمة العدل الدولية اعتبرت ان بلغراد لم تتحرك بتاتا على مستوى احترام موجباتها لتفادي وقوع إبادة (سريبرينتسا) ومعاقبة (مرتكبيها) فيما كانت تملك الوسائل للقيام بذلك· وقالت هيغينز ان المتهمة (صربيا) كانت تتمتع بموقع نفوذ على صرب البوسنة وكان الأولى بها أن تبذل كل ما في وسعها لتفادي وقوع الأحداث المأسوية التي كانت ملامحها ترتسم· وعرفت محكمة العدل الدولية مجزرة سريبرينتسا حيث قتل الجيش الصربي البوسنة نحو ثمانية آلاف مسلم بوسني بانها إبادة بدون ان تحمل بلغراد مسؤولية مباشرة· وقالت هيغينز ان مجازر سريبرينتسا لا يمكن نسبها مباشرة الى المتهمة· لكن المحكمة رأت أن على صربيا اتخاذ اجراءات فعلية فورا (···) للتعاون بشكل كامل مع محكمة الجزاء الدولية المكلفة النظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة ونقل الأفراد الملاحقين بجرائم ابادة او جرائم أخرى·

وقال كزافيه دو رو المحامي في فريق الدفاع الصربي ان صربيا مرتاحة وراضية لقرار المحكمة، مضيفا انه قرار تهدئة (···) نصل الى نهاية نزاع مريع· وهذا قد يسمح بتذليل الصعوبات بين مختلف الدول (المنبثقة عن) يوغوسلافيا السابقة· وفور صدور القرار عبر الرئيس الصربي بوريس تاديتش عن ارتياحه وقال ان حكم محكمة العدل الدولية مهم لصربيا ومواطنيها لانه اثبت ان صربيا لم ترتكب ابادة في البوسنة والهرسك خلال النزاع بين العامين 1992 و1995·

لكنه اضاف ان الجزء الذي قال ان صربيا لم تفعل شيئا لمنع ابادة المسلمين في سريبرينتسا قاس جدا بالنسبة لنا داعيا الى اعتقال جميع المسؤولين عن جرائم حرب باسرع وقت ممكن·

كما دعا البرلمان الصربي الى تبني إعلان يدين بدون لبس الجريمة التي ارتكبت في سريبرينتسا، معتبرا ان مثل هذا الإعلان سيسهم في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين بلغراد وساراييفو·أما المسلمون والكروات في البوسنة فعبروا عن استيائهم من قرار المحكمة·

وقالت منيرة سوباسيتش رئيسة رابطة النساء اللواتي نجون من مجزرة سريبرينتسا هاتفيا من لاهاي لوكالة فرانس برس ان اوروبا اثبتت مرة اخرى انها ضد المسلمين· وسوباسيتش فقدت في تلك المجزرة 22 فردا من عائلتها بينهم والدها وزوجها وابنها· وعبر العضو المسلم في الرئاسة البوسنية الثلاثية حارس سيلايديتش عن اسفه للحكم مطالبا بتعديل دستور البلاد الذي صادق عليه اتفاق دايتون (الولايات المتحدة) للسلام باعتبار انه جاء نتيجة مباشرة لابادة·

وقال العضو الكرواتي في الرئاسة زيليكو كومسيتش لا اعلم ما هي الاسباب الكامنة وراء هذا القرار (···) لكننا نحن الذين كنا هنا خلال الحرب ونعلم ان ابادة قد ارتكبت· وعبر مستشار الفريق البوسنة فون فان دن بيسن من جهته ان محكمة العدل الدولية وافقت على الاستنتاجات (القانونية) لمحكمة الجزاء الدولية وذلك يسمح باثبات ما حصل فعلا في البوسنة· فلن يكون في وسعهم بعد الان في بلغراد ان ينكروا حصول ابادة في سريبرينتسا·

واعتبرت محكمة العدل الدولية ان صربيا انتهكت التزاماتها (···) بعدم نقل راتكو ملاديتش المتهم بارتكاب ابادة وبالتواطؤ في ارتكاب ابادة من قبل محكمة الجزاء الدولية· وكان الجنرال راتكو ملاديتش الذي ما زال فارا، قائدا للقوات الصربية البوسنية التي هاجمت سريبرينتسا· وتتهم المدعية العامة لمحكمة الجزاء الدولية كارلا دل بونتي بلغراد بدعمه في فراره واختبائه على أراضيها· وتعرف محكمة الجزاء الدولية المجازر التي وقعت في سريبرينتسا بأنها ابادة جماعية·

الى ذلك عبرت كارلا دل بونتي عن ارتياحها الكبير لقرار محكمة العدل الدولية· وقالت المتحدثة باسمها اولغا كافران لفرانس برس ان المدعية مرتاحة جدا· نحن مرتاحون لقرار المحكمة بوصف مجزرة سريبرينتسا بالابادة· واضافت واننا مرتاحون أيضا لان محكمة العدل الدولية تأخذ على بلغراد عدم التعاون كليا وتطلب منها تسليم الفارين على الفور بدءا من القائدين العسكري والسياسي لصرب البوسنة راتكو ملاديتش ورادوفان كرادجيتش المتهمين بارتكاب ابادة في سريبرينتسا· وكانت البوسنة لجأت الى محكمة العدل الدولية في العام 1993 لتطلب منها البت في ما اذا كانت صربيا نظمت إبادة اثناء الحرب التي بدأت في العام 1992 واستمرت حتى العام 1995 مما اسفر عن سقوط 200 الف ضحية·

وقد نظرت محكمة العدل الدولية خلال جلساتها في فبراير الماضي في كل عمليات القتل على نطاق واسع ومعسكرات الاعتقال للمسلمين والكروات البوسنيين وحصار مدينة ساراييفو ل44 شهرا وعمليات الاغتصاب والنقل القسري التي قامت بها القوات الصربية البوسنية· لكن المحكمة اعتبرت ان الامر لا يتعلق بإبادة جماعية لذلك لم تبحث في مسؤولية بلغراد في هذه الأعمال·

كانت صربيا اعترضت على صلاحية محكمة العدل الدولية وطالبتها برفض الشكوى البوسنية متذرعة خصوصا بأن هذه الشكوى التي رفعت في 1993 تستهدف جمهورية يوغوسلافيا الفدرالية، التي اصبحت فيما بعد صربيا - مونتينغرو، والتي كان وجودها معترفا به من الامم المتحدة حتى العام 2002· وتجدر الاشارة الى أن أحكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للطعن لكن المحكمة لا تملك أي وسيلة لفرض تطبيقها·

 

* * *

 

في البوسنة.. خيبة أمل وغضب

 

كونا - سراييفو: أعرب مسؤولو البوسنة وشعبها عن خيبة أملهم لتبرئة محكمة العدل الدولية صربيا من تهمة ارتكاب إبادة جماعية خلال حرب البوسنة· وسادت الخيبة المصحوبة بالغضب لدى المسؤولين وذوي الضحايا والرأي العام في أنحاء البوسنة لاسيما المسلمين وانتقد عضو الرئاسة البوسنية عن المسلمين حارث سيلايجيتش قرار المحكمة معتبرا أنه يتناقض مع الحقائق المادية التي تشهد عليها الوقائع الحالية في البوسنة·

وشكك سيلايجيتش في مصداقية القرار الذي اعتبر انه اعترف بشكل جزئي بحدوث عمليات إبادة جماعية على أساس الدين والقومية· وأضاف ان الجزء المتعلق من القرار بخرق صربيا القانون الدولي بعدم بذل جهد لمنع أو ايقاف أو معاقبة الفاعلين يشكل مؤشرا على مسؤولية صربيا في الجرائم التي جرت في البوسنة· ولفت الى أن الأوضاع السياسية الإقليمية والدولية لعبت دورا في ذلك كما كان لها تأثير في قرار المحكمة·

من جانبها شجبت رئيسة اتحاد أسر ضحايا الحرب البوسنية زمره محمودوفيش القرار الجائر الذي يشكل إهانة للعدالة ولعشرات الآلاف من الضحايا· وتساءلت محمودوفيش عن المسؤول عن عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي أدت الى مقتل قرابة مائتي ألف مسلم بوسني· واعتبرت أن قرار المحكمة يشكل إهانة ليس لمسلمي البوسنة فقط بل لجميع الأحرار في العالم وللقانون الدولي بحد ذاته معتبرة أن الحقائق في البوسنة لا يمكن أن تلغيها اية قرارات·

من جهته عبر رئيس الفريق القانوني لصربيا ميركو ستويانوفيش عن سعادته للقرار الذي يعفي صربيا من دفع أية تعويضات مادية او مسؤولية معنوية حول الجرائم التي جرت في البوسنة· وأضاف ستويانوفيش ان ما جرى من جرائم في البوسنة ضد المسلمين الأبرياء قام بها اشخاص محددون وليست الدولة أو النظام السياسي فيما تعهد بالتعاون في المستقبل مع المحكمة الدولية بشأن تسليم مجرمي الحرب أو محاكمتهم امام القضاء المحلي·

وكانت محكمة العدل الدولية وهي أعلى سلطة قضائية في الأمم المتحدة قد اصدرت قرارا قضى بتبرئة صربيا من تهمة ارتكاب إبادة جماعية خلال حرب البوسنة الا انها اعتبرت أنها انتهكت القانون الدولي لعدم تحركها من أجل منع وقوع مجزرة سريبرينتسا التي وصفتها بالإبادة·

طباعة  

أخبار
 
ثمانون حقوقيا وسياسيا عربيا يطالبون باطلاق معتقلي الرأي في السعودية
 
"أمنستي": ندعو لتشكيل قوة أمنية جديدة تابعة للسلطة الفلسطينية
 
صورة وتعليق
 
Human.net
 
إضاءة