كتب محرر الشؤون العربية:
انتهت حكاية المحكمة الدولية وسحبت من التداول في الوسط الإعلامي والسياسي مع حلول العاشر من يونيو - حزيران الحالي، وسيبدأ مجلس الأمن بتشكيلها تحت البند السابع كما نص القرار الذي اتخذه المجلس رغم امتناع خمس دول من ضمنها الصين وروسيا، رأت في المحكمة اختراقا للدستور اللبناني، ومصدرا محتملا لإثارة عدم استقرار في لبنان بسبب عدم حصول المجلس على توافق لبناني حولها· وحلت في الساحة اللبنانية الآن قضيتان تبدوان متلازمتين، الأولى قضية الجماعات الإرهابية التي جرى تشكيلها وتمويلها عبر السنة الماضية، ومنها عصابة "فتح الإسلام" التي هاجمت الجيش اللبناني واستدرجته إلى معركة في مخيم نهر البارد، حيث وفرت لها وضعية المخيم وجود آلاف الفلسطينيين كرهائن، والثانية قضية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي أصبحت محور التحركات والاتصالات الحالية على الصعيد المحلي اللبناني، وعلى الصعيد الدولي والإقليمي· قضية استدراج الجيش اللبناني إلى ما أطلقت عليه جريدة السفير "الكمين" تبدو في هذا الجو ورقة اعتراضية تم تفجيرها· ولكن الحكمة التي تميز بها الجيش حتى الآن، رغم سقوط عدد من جنوده اغتيالا وقنصا، دخلت أسبوعها الرابع، وتشير التقديرات إلى أن حركة النزوح من المخيم، والتي اتجه فيها آلاف الفلسطينيين إلى مخيم البداوي المجاور وأماكن أخرى، قد أعطت الجيش حرية في الحركة والتصدي لمواقع هذه العصابة بفعالية أكثر، ومن المنتظر أن يحسم الجيش هذه المعركة بعد إخلاء المدنيين للمخيم، وبالتالي فك ارتباط هذه الورقة الاعتراضية بقضية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية· والملاحظ على هذه القضية الثانية أنها جاءت كما يبدو بتحرك إقليمي (مشاورات إيرانية - سعودية) وتحرك دولي تتصدر فرنسا واجهته، وموقف داخلي أيضا بدأ يتبلور عند البطريرك صفير ثم مجلس المطارنة الموارنة الذين طالبوا علنا بضرورة قيام حكومة وحدة وطنية في بيانهم الأخير، ذات برنامج متفق عليه، ويمهد لانتخاب رئيس للجمهورية في الموعد الدستوري مرحبا به من أوسع شرائح المواطنين، وقادر على التوحيد والتوفيق بين مختلف الفئات·
هل تستطيع هذه الفئات والشخصيات الوقوف بوجه المتغيرات التي فرضت التراجع عن إشعال الفتنة المذهبية، وجر لبنان إلى فوضى شبيهة بالفوضى القائمة في العراق؟