نبارك في البداية لكل الذين منحوا الجنسية الكويتية بعد طول معاناة وصبر، وعليهم بألف عافية، ولكن هناك حقيقة واقعة في الدفعة الأخيرة التي تم تجنيسها، وهذه الحقيقة أن غالبية من تم تجنيسهم - وإن كانوا يستحقون التجنيس - إلا أن هذا التجنيس تم بواسطة من أعضاء مجلس الأمة وشخصيات نافذة· حدثني أحد أعضاء مجلس الأمة أنه وحده استطاع تجنيس 25 فردا، كما أن لافتات الشكر التي تملأ الشوارع من الذين تم تجنيسهم للنواب الذين سعوا في عملية التجنيس تؤكد حقيقة أن الواسطة لعبت دورا حيويا في عملية التجنيس، ولكن السؤال: ما ذنب من ليس له واسطة، مع العلم أن جميع الشروط منطبقة عليه منذ مدة طويلة؟ أليس من الأولى تجنيس كل من تنطبق عليه الشروط دفعة واحدة بدلا من استمرار معاناة هؤلاء؟
وإذا كان الحديث عن الاستحقاق في منح الجنسية فلا بد من ذكر فئة ظلمت في هذه العملية مع أن شروط التجنيس منطبقة عليها، وحرمانهم من الجنسية يأتي بحجة وجود قيد أمني على أحد ممن يرتبط معهم بصلة ولو كانت بعيدة· لماذا يظل "القيد الأمني" سيفا مصلتا على رقاب هذه الفئة؟ وإذا كان هناك بالفعل قيد أمني بحيث إن هؤلاء يشكلون خطرا على أمن البلد فلماذا لا تحال هذه الحالات الى المحاكم لتحكم بها بدلا من أن يؤخذ البريء بجريرة المذنب وتستمر معاناة هؤلاء الى الأبد؟! وقبل ذلك هناك قاعدة شرعية وقانونية تقول إن العقوبة شخصية ولا تنسحب الى من له صلة، فكل يؤخذ بجريرته، فلماذا يظلم إنسان بريء فقط لأن أحد أقاربه قد ارتكب جرما ما؟!
تصريح وزير الداخلية الشيخ نواف الأحمد حول تجنيس كل من لديه إحصاء 1965 وليس عليه قيود أمنية هو تصريح جيد ويحل جزءا من المشكلة لأن هؤلاء يشكلون ما يقارب %20، ولكن يبقى القسم الأكبر من المشكلة - وهم من ليس لديه هذا الإحصاء - دون حل بالرغم من كل ما بذل "لتطفيشهم"· أعتقد أن المشكلة ليست في أصحاب القرار، ولكن في البطانة "النمامة" المحيطة بهم والتي "توشوش" في آذانهم تحذيرا من خطر من يراد تجنيسهم على "النسيج الاجتماعي"، والحقيقة أن هذا النسيج بخير وألف عافية، ولكن حقيقة الأمر أن هؤلاء لا تطيب نفوسهم أن يشاركهم أحد في المواطنة فلذلك لم يجدوا إلا التباكي على "النسيج الاجتماعي"·
منذ أكثر من 12 عاما ونحن نسمع من المسؤولين أن مشكلة البدون في طريقها الى الحل الجذري، ولكن الواقع يقول إن المشكلة ما زالت "مكانك راوح" ولا جديد تحت الشمس· علة العلل في الكويت هو في تردد اتخاذ القرار السياسي، فكثير من المشاكل لا تحل بالمسكنات بل بجراحة عاجلة عبر قرار سياسي جريء، أما التمسك بسياسة "النعامة" التي تتمنى لو تخرج رأسها من التراب لكي ترى البدون وقد اختفوا كما لو أنهم "فص ملح وذاب" فلن تفيد·
salahma@yahoo.com |