تصريح الشيخ محمد صباح السالم حول صحة سمو ولي العهد يُزعج أكثر مما يُطمئن كما زعم، ويكشف أكثر مما يستر كما حاول، ويفتح بابا واسعا للاجتهاد والتفسير أكثر مما يضع حدا للشائعات التي راجت حول صحة سمو ولي العهد·
عنوان جريدة "القبس" يلخص الوضع بشكل دقيق وموجز، فسمو ولي العهد حسب تصريح الشيخ محمد وعنوان القبس "سأل عن استقرار العراق والشرق الأوسط" هذا يعني كما يفهم من العبارة والعنوان أن سمو ولي العهد كان في غيبوبة وأنه قد استعاد وعيه أو بعضا من وعيه وأنه مهتم بالوضع في العراق والشرق الأوسط··!!
ليس هناك مجال للجدل في اعتلال صحة سمو ولي العهد، وليس هناك داع للتغطية والتورية وإطلاق التصريحات والمزاعم لستر الحقيقة التي أصبحت مؤكدة منذ سنوات خصوصا أن برقية سموه الى صاحب السمو الأمير قد أعلنت، بقصد أو من دونه كل شيء بشفافية ووضوح·
ليس لنا مصلحة مباشرة في إثارة أمر ولاية العهد، وربما لن يغير - في رأينا - شيئا كثيرا تسمية ولي عهد جديد، لكن نحن نرى أن النظام والدستور وقانون توارث الإمارة هما العماد الحقيقي لأمن واستقرار هذا الوطن وإن أي إخلال بهما أو بأحدهما يعني تعريض الأمن الوطني للخطر ووضع البلاد والعباد أمام تحديات، الكل في غنى عنها، وبالذات في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية وحتى المحلية الملتهبة· منذ سنوات خمس على ما نعتقد وربما أكثر، مارس الشيخ صباح الأحمد رئاسة الوزراء "بلا تكليف"، ومنذ سنوات والشيخ صباح مارس وما زال يمارس مهام ولي العهد ونائب الأمير بلا "تعيين"، لم يكن هذا خافيا على أحد وليس خافيا على أحد الآن، ليس سرا أن سمو ولي العهد قد "فقد القدرة الصحية على ممارسة صلاحياته" وليس سرا أيضا أنه فقد الشروط الواجب توافرها في ولي العهد، وليس سرا أيضا أن هذا يتطلب "دستوريا" ضرورة نقل صلاحياته بشكل موقت أو دائم الى غيره·
إن منصب الأمير ومنصب ولي العهد في الكويت هما منصبان تكاد تكون لهما صفة القداسة بحكم الصلاحيات التي وفرها الدستور لأمير البلاد أو للأمير القادم، وبحكم الضمانات التي وفرها قانون توارث الإمارة الدستوري لاستمرارية واستقرار كل من المنصبين، إذ رغم السلطات الأساسية المتوافرة لمؤسسات الحكم، فإن أيا منها لا يملك- ما لم يكن ذلك بسبب العجز الذاتي- عزل أو إعادة النظر بأحد المنصبين، إن منصبي الأمير وولي العهد أيضا في الكويت منصبان مصونان بإرادة الأمة الثابتة، وثبات هذين المنصبين هو الضمان الأساسي الذي بني عليه استقرار الحكم وأمن المجتمع، لهذا فإن من الواجب حفظ هالة القداسة هذه وعدم تعريض أي من المنصبين "المقدسين" الى ما يصغره أو يضعف من شأنه·
ليس من المصلحة أن نفضل العاطفة على الدستور، وليس من الحكمة أن نكيف نظام البلد ودستوره لطبيعة أو ظروف شخص وليس من العدل أن نشل البلد ونعطل التنمية ونخضع كل شيء للظروف والمصاعب ذاتها التي يواجهها الحكم·
قالها الدكتور أحمد الخطيب قبل سنوات "طبقوا قانون توارث الإمارة"، نعيد تكرارها اليوم، ونزيد بأن هناك استحقاقات دستورية يجب أن تنفذ، وهناك ضرورات شرعية يجب أن تطبق·· وهناك مسؤولون عليهم الالتزام، مهما كانت المشقة بمسؤولياتهم· |