كثيرون كتبوا عن الإصلاح المرتقب، وكثيرون منهم بدأوا بالإشادة أو الإشارة إلى أنهم مقتنعون برغبة الشيخ صباح ونيته في الإصلاح، لكنهم ولأسباب كثيرة ومختلفة يكتشفون أن الإصلاح لم يتحقق وأن شيئا أو أشياء خفية تعيق انطلاق أو حتى البدء في هذا الإصلاح المرتقب، لهذا فهم يضطرون إلى اتهام الأبرياء أو اختلاق أعذار واهية لتبرير الجمود أو توقف المسيرة الإصلاحية· أنا مضطر بعد صبر طال ومراقبة مملة إلى أن أبدأ مما أعتقد أنه الحقيقة والخلاصة، وهي أن الشيخ صباح لا يرغب في الإصلاح وليس لديه نية حقيقية في البدء فيه· هذا ما يبدو، واضحا وجليا بعد مدة أكثر من كافية مما يمكن وصفه بعهد الشيخ صباح، اللهم إلا إذا كنا مخطئين وأن الشيخ صباح لا يملك كما يبدو لنا خيوط اللعبة كاملة وأن هناك من بيده حبال أشد وأقسى تحرك وتوجه الأمور·
منذ البداية أكدنا أن لا إصلاح بلا مراجعة سنوات الردة والتأخر ونقد السياسات والمسببات التي أدت لها، ومنذ البداية أيضا أصر الشيخ صباح على تجاهل هذه المسلمة الضرورية وعلى البناء أو السير على ذات الخطوات التي قادتنا الى الأوضاع المأساوية التي نعيش· الشيخ صباح "نوخذا بر وبحر" ولسنا أكفاء لأن نشيد بخبرته، ولسنا أهلا لأن نحكم على كفاءته، لذا فهو ولا شك يعلم أنه ليس بإمكاننا البناء على مستنقعات الفساد التي اعترف بها، وليس من صالحنا أن نزيد الكيل أو الحمل ونحن بالكاد نطفح· إن الإصرار على تحقيق إنجازات ضخمة في الوضع الحالي يعني أمرا واحدا، هو مزيد من الغوص ومزيد من الغرق في مستنقع الفساد والتسيب الحالي·
الإصلاح المطلوب يتطلب قرارات ثورية وقوانين ضرورية وتهيئة الأرضية السليمة للبناء القادم· إن الفساد مستشر في كل مكان والعفن مستوطن في كل الإدارات والمؤسسات الحكومية، فالتجاوزات أصبحت تقليدا والمخالفات تحولت إلى عرف مقبول·· لذا فإنه وللمرة الألف لن يكون هناك إصلاح حقيقي ما لم تجتث مصادر الفساد ولن يكون ممكنا القضاء على الاختلالات في ظل اعراف وتقاليد "التسامح" الحالية ·
يجب أن يشعر المسؤولون قبل الناس أن التسيب لم يعد مقبولا ويجب أن تعي القيادات أن لا أحد فوق القانون وإذا أراد الشيخ صباح أن نصدق أن الإصلاح قادم فدونه الرياضة والجامعة فما يجري فيهما لم يعد مقبولا لأحد·
|