| الحديث عن فلسطين كقضية استنزفت جهود العرب والمسلمين يفترض أن يأخذ منحى آخر بعيدا عن الأحاديث التقليدية التي أثقلت مسامع الناس·
وليس هذا لأن الناس سئموا من الإيقاع الرتيب والمكرر أو أنهم يتطلعون إلى كل ما هو جديد بل لأن التجارب الماضية والأساليب التقليدية أثبتت أنها لم تحرك قشة·
التركيز العام في معالجة القضية الفلسطينية منصب باتجاه إدانة العدو الصهيوني وكشف مخططاته وجرائمه والبكاء على الشهداء والبحث عن متعاطفين في مشارق الأرض ومغاربها·
أما معالجة القضية من زاوية داخلية وفضح ممارسات الداخل فقليل فاعله·· لماذا؟ لأن العذر جاهز وهو الخوف من تمزق اللحمة الوطنية والخشية من شماتة الأعداء·
تعرية العدو الصهيوني هي بلاشك أسلوب نافع لكن الأنفع هو الكشف عن صفقات الإسمنت التي يبرمها المتنفذون في السلطة الفلسطينية مع العدو الصهيوني من أجل بناء الجدار العازل·
الكشف عن حسابات أعضاء السلطة الفلسطينية في بنوك العالم ومحاسبة اللصوص وتنحية المستميتين على السلطة والقضاء على الدكتاتورية والفساد الإداري وتصيد الخونة والمرتزقة وآكلي أموال الشعب بالباطل هو أكثر فائدة من الصراخ والعويل·
لو كانت قضيتنا المركزية بناء اقتصادات عملاقة وحل أزماتنا الداخلية وإشاعة النماذج الديمقراطية الناجحة وتكوين لوبي عربي إسلامي يهز الاقتصادات العالمية لكانت الحال غير الحال·
لو كانت قضيتنا المركزية هي تعليم الشعوب العربية كيفية الاستفادة من دروسها والتعامل بواقعية أكثر لكانت فلسطين بأيدينا·
قضيتنا المركزية هذه لو تعاملنا معها بتخطيط وتؤدة وتركنا طغيان العواطف على نداء العقل لكنا في أسعد حال·
لو أعدنا ترتيب الأولويات فكانت ملفات التخلف والتعليم والحريات والاستبداد وحقوق الإنسان والتصنيع في الصدارة لأصبحت إسرائيل في مهب الريح أمام العملاق العربي·
إسرائىل اليوم تنعم بالديمقراطية بكل أبعادها ويسحل رئيس الوزراء سحلا في أي تورط مالي أو إداري وينتف الكنيست أجنحة أي وزير يتطاول على الأموال العامة وتتصيد وسائل الإعلام فئران الفساد في أوكارها وينعم المواطن الإسرائىلي بحقوق المواطنة كاملة·
أما في العمق الفلسطيني لا تجد إلا شعبا يقتاد على الشعارات ويصفق لجلاديه ويرفع صور الطغاة والظـالمين ويتلذذ في افتعال المشكلات مع الشعوب الأخرى·
يا حبذا لو يتم التفتيش في ملفات الفساد المالي وسياسات القمع والإقصاء في الدول العربية فذلك أرضى للرب وأنفع للعباد والبلاد·
الأجدى أن نحرر العبيد قبل تحرير الشعوب والأولى أن تكون مشاريع الاستنهاض من الداخل قبل الخارج عندها سنشم نسائم الحرية وإلا لن يكون بعد التحرير من المستعمر الأجنبي إلا المستعمر الوطني ولن نزداد إلا نقطة واحدة على نقاط التخلف· |
