انتشرت في الفترة الأخيرة العديد من الفتاوى الدينية التي يروج لها بعض فقهاء البلاط في الدول الإسلامية والعربية، وكلها تدعو لعقد الصلح والسلام مع الكيان الصهيوني من منطلق تحريفهم لتفسير بعض الآيات القرآنية وفهمهم الخاطىء - عن عمد أو جهل - لبعض مواقف وسيرة الرسول الأكرم بخصوص الصلح والسلام·
وهذا الأمر، ليس بغريب على مثل هؤلاء الفقهاء، ولكن الأمر زاد عن حده في الفترة الأخيرة، حيث باتت أطروحات السلام والتعايش الطبيعي مع إسرائيل الهدف الأساسي لهؤلاء العلماء·
وبكل أسف، فإن بعض هذه الأطروحات باتت تنطلي على بعض البسطاء من أبناء أمتنا الذين باتوا يرددون بكل جهل أنه لا فائدة من المقاومة والجهاد، وأن علينا مد اليد لليهود والصلح معهم والعيش بسلام لتنتهي حقبة طويلة من الصراعات الدموية·
إن منطلق رفضنا لأي نوع من التطبيع مع هذا العدو يعود لجملة قضايا أساسية نوجزها بالأسطر التالية: إن الصلح مع اليهود والذي تروج له مبادرة السلام العربية اليوم يدعونا للتخلي عن %78 من مساحة أرض فلسطين التاريخية· كما لا يعطي اللاجئين الفلسطينيين حق العودة لأراضيهم أو حتى تقديم تعويض ملائم لهم· كما ترفض الحكومة الإسرائيلية التنازل عن أي جزء من مدينة القدس للفلسطينيين، وتعتبرها عاصمة موحدة وأبدية للدولة الإسرائيلية·
إن إسرائيل تزيد من عربدتها وإرهابها بالتعامل مع القضية الفلسطينية كلما زاد حجم التنازلات العربية· وما شهدنا في القمة العربية من تنازل مذل للعرب أمام إسرائيل والإدارة الأمريكية ورد الفعل السلبي من قبلهما زاد من آلامنا لما آل إليه مصير الأمة·
خلاصة الحديث: المطلوب من أبناء أمتنا اليوم رفض هذا النوع من التطبيع لأنه ببساطة يقدم جملة تنازلات مؤلمة لعدو لا يعرف سوى منطق القوة والإرهاب، وإن هذا الأمر وإن قبلنا به فسيواجه برفض قوي من أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد·
*باحث في الصراع العربي - الإسرائيلي |