قص الحق من نفسه
عبدالكريم الشمالي
قد تكون الظروف التي مرت علينا في ما سبق من الأيام خلال الأسبوعين الماضيين أخرتني في الكتابة عن هذا الموضوع لكنني أرى أنه من المهم جدا أن نطرحه ونبدي رأينا فيه لما له من تأثير على الرأي العام·
إن استطلاعات الرأي لها من الأساس والمعايير ما يحكمها حتى يستطيع أي كان أن يعتمد عليها ويأخذ بها ولعل من أهم المعايير بالنسبة لاستطلاعات الرأي هو الشريحة المأخوذة وعددها ونسبتها قياسا الى عدد السكان أو الشريحة المستهدفة ونسبة الخطأ في الاستطلاع حتى نعرف معيار الصحة من عدمه وحتى نستطيع أن ننسب ذلك إلى الرأي العام وما إلى ذلك من أمور أخرى لذلك نجد الكثير من الجهات عندما تقوم باستطلاع للرأي في قضية معينة أو حتى لقياس شعبية شخصية معينة من عدمها توكل هذه المهمة لجهات متخصصة وبيوتات استشارية للقيام بمثل هذه الأعمال· أقول ذلك بعد انتشار ظاهرة جديدة هذه الأيام في الوسط الرياضي وعلى صدر الصفحات الرياضية وهي ظاهرة اختيار الشخصية الفلانية واللاعب العلاني كشخصية لهذا العام أو لاعب العام فالمضحك في الأمر أننا لا نسمع إلا عن نتائج هذه الاستطلاعات ولا نعرف متى وكيف تم أخذ شريحة القياس أو الشريحة المستهدفة أو باقي قواعد الاستطلاعات التي ذكرت بعضها في بداية الكلام، ناهيك عن أن بعض الجهات التي تقوم بهذه الاستطلاعات مصداقيتها توازي مصداقية "بولمعة" وليس على المرء أسهل من دفع "5 فلوس" ليكون مرشحها لنيل جائزة نوبل وليس شخصية العام الرياضية، هذا ناهيك عن العلاقات والمصالح المشتركة التي تحكم اختيار الشخصية أو اللاعب حتى وصلنا الى المخرج الرياضي وغيره·· إلخ إلخ·
إن آلية الاتحاد الدولي والطريقة التي يتم بها اختيار أحسن لاعب في العالم سنويا أو طريقة اختيار الشخصيات الرياضية العالمية عن طريق اللجنة الأولمبية يمكن أن يكون دليلا ومنهاجا بل نبراس يؤخذ به للاعتماد على طريقة الاختيار، أما أن يتم ذلك عن طريق صحيفة لا يُعرف كيف ومتى قامت بالاستطلاع، أو قناة تأخذ من تريده من اتصالات الأصدقاء والمعارف لكي يقولوا لنا في النهاية إن "فلانا أو علانا" هو شخصية العام فنقول لهم: عفوا كفاكم استغفالا واستخفافا بعقول البشر فالقاصي والداني يعرف بأنه لو أخذ الاستطلاع المنحى الحقيقي للرأي فلن يحصل هؤلاء إلا على دعوات الجمهور والشارع الرياضي بخلاص الرياضة منهم ومن مشاكلهم وطلتهم في كل وقت فيما يعنيهم وما لا يعنيهم·
كلمة أخيرة
قرار بشار العبدالله اعتزال اللعب الدولي قرار شجاع وذكي في الوقت نفسه فالرجل يعرف حدود عطائه ويعرف أيضاً بأن فرصة المنتخب في التصفيات تكاد تكون معدومة "فقالك: أطلع بوجه أبيض وأعتزل دولياً" ··· يعني قص الحق من نفسه·
kareem@taleea.com