الطريقة الهستيرية التي تعاملت بها الحكومة مع الاستجواب الأخير تدل على أن الاستجواب حقق مقاصده بدرجة كبيرة وجعل الحكومة تقدم "للموالين" ما يريدون من طلبات في مقابل الوقوف معها ورفض طرح الثقة وإلا قولوا لي بربكم: ما تفسير أن تقدّم الحكومة لكل ستة نواب وقفوا معها تعهدا بأن يكون وزيرا منهم في التعديل الوزاري المقبل؟! وتقدم وعودا لآخرين بتسهيل معاملاتهم التي أصبحت بسبب الفساد الإداري الذي ينخر في الوزارات إحدى وسائل الضغط على النواب·
ولا أدري إذا كانت الديمقراطية التي تقدمها الحكومة هي نفسها التي تطالب بها أمريكا في طرحها المسمى بـ "الشرق الأوسط الجديد" فالوضع الديمقراطي في دولنا أصبح وضعا شكليا لا يعطي لمبادئ الديمقراطية قيمة خاصة أن التدخل الحكومي في تغطية الفساد بدأ يأخذ مناحي، لا يمكن السكوت عنها وهو أمر يدعونا للسؤال حول الدواعي الخفية التي تجعل الحكومة تحوّل الاستجواب ومحاوره الى عملية تصويت وحسبة وأرقام وكأن القضية صراع بين طرفين وليست عملا سياسيا ديمقراطياً لمحاربة قضايا الفساد التي أخذت تسري في الجسد الحكومي ووزارات الدولة من خلال توزيع المناقصات ومحاباة البعض على حساب المال العام وأملاك الدولة·
العمل النيابي أصبح مثقلا بالتدخلات الحكومية المباشرة وغير المباشرة بدءا بيوم الانتخاب، ومرورا بالفصل التشريعي كله، حيث الإغراءات والتهديدات والوعد والوعيد الذي تستخدمه الحكومة مع النواب، وإذا استمر الأمر بهذا الشكل فإن الديمقراطية لن يبقى منها إلا شكلها العام بينما ستكون الأمور بيد أولئك النفر الذين يحركون الأوضاع من وراء الكواليس· |