مع إعلان إيران انضمامها الى مجموعة الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية··· وتصميمها على الوصول الى المستوى الصناعي لتخصيب اليورانيوم·· تدخل منطقة الشرق الأوسط الساخنة جداً·· حقبة جديدة من حقب الصراعات الدائرة بين دول المنطقة!!

إيران بالطبع·· مُصرة على أن استخدامات تكنولوجيا الذرة·· ستكون استخدامات سلمية بحتة!! وهو الأمر الذي لا يبدو أنه يحظى بالقبول المطلوب!! على اعتبار أن إيران·· التي تملك أعلى احتياطي نفط في العام··· ليست بحاجة للبحث عن موارد طاقة رخيصة قد يوفرها الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية!! كما أن إيران تبقى في نهاية الأمر دولة من دول العالم الثالث والتي لا تزال دولة فاقدة للوعي المطلوب باحتياجات البيئة وبشروط الحفاظ عليها وحمايتها من الملوثات وخاصة تلك التي قد تسببها تجارب المجال النووي·· وحيث تؤكد الأبحاث في هذا المجال أن المخالفات النووية التي لا يتم التعامل معها بالشكل الصحيح تبقى مشعة وخطرة لحوالي 600 سنة·· بل إن بعض المكونات فيها بإمكانها البقاء لآلاف  السنين كمادة (البلوتونيوم) والتي تسبب كميات صغيرة منها إصابات سرطانية تهدد صحة البشر!! بل حتى مسألة الفرق في التكلفة بين الطاقة النووية·· والطاقة الأحفورية كالبترول هي ليست كما يروج لها البعض·· صحيح أن الطاقة النووية أقل تكلفة من البترول·· لكن بناء المفاعلات النووية هو أمر مكلف جدا!!

يعود انتشار السلام النووي وشيوعه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية·· الى غياب الثقة بين الولايات المتحدة من جهة·· والاتحاد السوفييتي من جهة أخرى·· وبحيث أصبحت كل منهما ممولاً ومسانداً للتجارب النووية في إرضاء حلفائها!! وبقي هذا الوضع قائماً إلى أن أعلن "غورباتشوف" مبدأ "البروسترويكا" "والغلاسنوسن" والتي كانت أولى خطوات إغلاق ملف الحرب الباردة·· وإن كان العالم لا يزال يجتر تبعاتها والتي على رأسها مسألة التسلح النووي!!

إن المؤسف حقاً في الحالة الإيرانية وقبلها الهندية والباكستانية·· أن (إنجازات) تلك الدول النووية قد جاءت على حساب برامج التنمية·· ورفاه مواطنيها!! فالفقر والبؤس والجوع هو القاسم المشترك بين هذه الدول (النووية)·· وهو أمر يؤكد ولا شك أن حجة مواكبة الدول المتقدمة والمتطورة والتي تسوقها إيران كسبب من أسباب إصرارها على مشروعها النووي هي حجة واهية·· وغير صحية على الإطلاق!! فالمشروع النووي في باكستان والهند مثلا·· لم ينعكس على حياة وشؤون المواطنين فيها·· بل على العكس من ذلك تماماً!! فالمشاريع النووية في تلك الدول·· وفي إيران·· جاءت على حساب المواطن·· وليس في صالحه على الإطلاق!!

ويبقى السؤال حول مشروعية حجب (حق) التمتع بالتكنولوجيا النووية عن إيران أو عن العراق قبلها!! وعما إذا كان تسلح إيران النووي بإمكانه أن يشكل معول ردع للصراع في المنطقة·· باعتبار أن توازن القوى بين إيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى في حال امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية قد يقلل من فرص التصادم وكما كان الحال إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة·· والاتحاد السوفييتي!! وهو سؤال مشروع لكن إجابته لا تزال غامضة وغير مرئية!!

suad.m@taleea.com