الشاهد على واقع المرأة في العالم العربي، يصدم بما يتخلله من إهانة للكرامة الإنسانية لهذه المرأة، أما من يتقدم من هؤلاء المصدومين للمناشدة من أجل تغييره عن طريق سن قوانين وقواعد لتحسين وضع المرأة في المجتمع، وجد أن المجتمع مكتظ بالقوانين والقواعد التي من المفترض أن تصون حقوق الإنسان والمرأة على وجه الخصوص، إلا أنه يجد في الوقت نفسه أن العرف والتقاليد هما القانون السائد والمطبق وغير المكتوب في الصحف والدساتير المدنية بينما لا يجد المكتوب من هذه القوانين طريقه الى التنفيذ فيبقى حبرا على ورق· أمر كهذا لا بد أن يثير الرعب في نفس المرأة العربية، فهي تتهم وتحاكم وتدان وتعاقب بهذه القوانين غير المكتوبة·
المرأة العراقية تعتبر أمثل تجسيد لهذا الواقع المر والمحزن، فهي التي كانت تأمل أن تخليص العراق من الرئيس المخلوع صدام حسين، سيضع حدا لكل ظواهر الاعتداءات على المرأة من تسريحها من العمل في الهيئات الحكومية وجرائم الشرف وغيرها من الظواهر التي طرأت على المجتمع العراقي· وإذا بها الآن أكثر تمزيقا ذهنيا وجسديا من ذي قبل، فهي مشتتة ذهنيا بين التيارات المختلفة التي تسعى الى الوصول الى مراكز السلطة بمزيد من الوعود لها، وجسديا حول "ملكية" جسدها الذي لم تعد تعلم إن كان يعود لها أو للمعتدين عليه (الجسد) أو أنه تابع الى المذاهب الدينية باختلافاتها التي تصوره كما تريد بحسب الصورة الخارجية للمرأة لا أكثر أو ربما هو ملك للتقاليد العشائرية التي نبشت لتعود تتحكم في المجتمع العراقي من جديد·
المرأة العراقية ما هي إلا امرأة عربية وأخت في الإنسانية، وفي الاعتداء على حرمتها الفكرية والجسدية اعتداء علي وعليك وعلى الكرامة الإنسانية أجمع، فوجب أن تكون للعالم العربي والإسلامي الواعي وقفة للدفاع عن هذه المرأة حتى تصان حرمتها، كما أن على الإعلام العربي أن ينصفها في نقله لوقائع الاعتداءات عليها، وهو أضعف الإيمان· |