استجواب هنا واستجواب هناك، صرخة من هذا النائب وصرخة من ذاك، مزايدة هنا ومزايدة هناك، يقولون الجانب الرقابي جدا مهم في البرلمان، ونقول نعم مهم ولكن الجانب التشريعي قد انتحر ودفن لدى نواب البطولات المزيفة، المهرولون وراء نجومية مفتعلة، بالتأكيد الاستجواب والمساءلة السياسية حق دستوري (عبارة جدا مستهلكة)، ونشير الى أن هناك كتلا سياسية ونوابا لا علاقة لهم بهذه الاستجوابات سوى الاستماع والاستمتاع والاستفادة من مجريات الأمور، فلم لا نجدهم يشغلون أنفسهم في الجانب التشريعي قليلا؟!! وما أستغرب منه هو لماذا على المجلس أن ينشغل ويشغل الشارع الكويتي بأسره بأي استجواب يتم طرحه، ويصبح موضوع الاستجواب وكأنه مركبة يراد إرسالها من محطة الفضاء الكويتية الى المريخ لتغزو الفضاء وتحول الحياة الى هناك يوما ما؟!
في دور الانعقاد السابق أصابنا الصداع من موضوع الدوائر المهم جدا، وتربع هذا الموضوع الحساس على عرش أولويات المجلس، والآن وبكل سهولة تضيع الدوائر في "عفسة ولوية" الاستجوابات، وتعالوا نسأل أنفسنا: ما الأنفع والأجدر أن نحقق حلما مثل الدوائر الانتخابية، أم أن نسقط وزيرا سيئا هو ساقط أصلا سيأتي بعده وزير أسوأ، في ظل استمرار الأسلوب الرث نفسه المتبع في مجلس الوزراء؟! ولعل القضايا العالقة والملحة كثيرة وتنتظر دورها في المداولة· وما ننشده هو الاعتدال والموازنة بين الجانب التشريعي والرقابي يا أبطال مجلس الأمة، لا تقصير في أحد الجانبين، وإن حدث ذلك وهو واقع الحال فأنتم مقصرون وأقرب ما تكونون الى الفشل والانكسار·
نعلم أن الطريق الأسهل للظهور بصورة البطل هو طريق إعداد استجواب بمحاور محددة لوزير هو بالأساس ضعيف، والتحرك بتكتيك متزن ومباغت، وفي النهاية التلويح بعلامة النصر، وهذا ما حدث في آخر استجوابين، بينما الطريق الآخر الأقل شهرة والأكثر مجهودا هو طريق التشريع، والطريقان متوازيان ويجب الخوض فيهما معا، ولتحقيق ذلك نحتاج الى وطنيين ورجال سياسة وليس الى ممثلين، وإنني أجزم أن نواب البطولات هم من يحتاجون الى استجوابات بمليون محور وكل محور أثقل من الذي قبله، وإنني متأكد أنهم نواب قد ضلوا الطريق!! |