نعم كان لايعلى عليه وهو سفير للكويت في الأمم المتحدة، ولكنه مأسوف عليه وعلى حاله وهو وزير، هو بوجهة نظر شخصية أضعف وزير في وزارة الشيخ صباح الأحمد، إنه وزير الإعلام محمد أبو الحسن، وضعف الوزير يقره رئيس مجلس الوزراء في تصريح له بتاريخ 21 ديسمبر الفائت، تعليقاً على الاستجواب المقدم من بعض النواب، حيث قال ممتدحاً أبو الحسن "خصوصاً دوره في تحرير الكويت، وأن دوره كان بارزاً في عملية التحرير، وأن جزءاً كبيراً من جهود التحرير يعود إليه" كل هذا الكلام نتفق عليه، ونعلم تمام العلم أن أبو الحسن كان فطحلاً في تلك الأزمة وكان رمزاً للوطنية والتفاني والكفاءة في موقعه، وليته اكتفى بذلك الإنجاز والتاريخ ولم يقبل بالوزارة التي كانت بمثابة مكافأة نهاية خدمة، ونجد أن لا علاقة لدوره في أزمة 1990 عندما كان سفيراً بأزماته الآن وهو وزير، فشتان بين شموخ وكبرياء الأمس وتخبط وضعف اليوم·
يحضرني في ذلك مثال كان في صدر الإسلام، فكلنا يعرف الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري حيث كان معروفاً عنه قدرته الهائلة على الدعوة وهداية الناس ولكن الرسول (ص) قال له "إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين" وهنا يشير الرسول الكريم على عدم قدرة أبي ذر على القيادة وهذا لا يعيبه، وهنا نتعلم من النبي عدم خلط الأوراق، وأن الرجل المناسب يجب أن يكون في المكان المناسب، وأن بائع الخبز ليس بالضرورة أن يتقن بيع الأحذية، وهذا ما حصل مع وزير الإعلام الحالي، الذي اعتقد في نفسه أنه "بتاع كله" والآن هو يجني شوك ما لم يحسب حسابه مسبقاً·
وأنا هنا لا أتكلم بالنظر للاستجواب فهذا ليس موضوعي هنا، ولكنني كنت ومازلت متابعاً جيداً لخطوات هذا الوزير، ومن هذه المتابعة وجدت أنه جنى على نفسه وعلى تاريخه بقبوله للوزارة، وأنه لايصلح لهذا المنصب، وقد أصابه الكثير من الارتباك والتردد وعدم الحزم، وكثيراً ما يصرح اليوم وينفي غداً·
أما الشق الثاني من تصريح رئيس الوزراء الذي ضرب به وزارته برمتها وليس أبو الحسن فقط بقوله "إنه يواجه صعوبة كبيرة في إقناع أي كفاءة بقبول المنصب الوزاري" وهذا كلام صحيح ودقيق، ولكن لماذا غياب الكفاءات؟! وهذا هو الأهم، والإجابة تكمن في سوء الأسلوب المتبع في تسيير أمور مجلس الوزراء وآلية عمله، والضغوط التي تمارس ضد الوزير من قبل رئيس الوزراء والمتنفذين والنواب المرتزقة، وقد نفهم من هذا التصريح أنه لاوجود للكفاءات في الوزارة الحالية، أو وجود نسبة مخيفة لا تصلح لأن تكون وزراء!!
عودة إلى أبو الحسن، إذا أراد أن يسعف التاريخ الباهر الذي كان يتمتع به في الأمم المتحدة، ولايريد أن يحترق ويتناثر كالرماد، فعليه أن يستقيل لأنه لم يخلق ليكون وزيراً، ربما نكون قساة في الهجوم عليه، ولكن هذا نابع من خوف على ما تبقى من سمعة طيبة لهذا الشخص، لهذا نطلب منه الرحيل بهدوء، رحيلاً أشبه برحيل الشجعان! |