رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 2رجب1424هـ-30اغسطس2003
العدد 1592

خوفا من اضمحلالها أو تلاشيها النقد الذاتي للتجربة الديمقراطية في الكويت يحصنها من الاختراق
ناصر يوسف العبدلي
???? ??????? ???????? ?????? ???????????

 

                                               

 

" الحركة الوطنية الكويتية ظلت متماسكة وتميزت منذ انطلاقها بالالتفاف الجماهيري حولها

" مطلوب إعادة هيكلة الحركة الوطنية سياسياً وتنظيمياً ·· والتناغم مع مشاعر الجماهير

 

منذ قيام الحركة الوطنية مطالع العشرينات من القرن الماضي، وهناك الكثير من الأسئلة أصبح من النادر إثارتها عند التقليب في هواجس تجربة التحول الديمقراطي، التي تمتد بإرهاصاتها الى ما قبل عام 1921، بحيث تضع في اعتبارها طبيعة التجربة ومحتواها، وكيف يمكن إخضاعها للنقد بعيدا عن أسلوب الاستعراض التاريخي أو رسائل التمجيد والحماسة·

وتتمحور هذه الأسئلة حول أسباب عجز هذه الحركة عن إحداث تحولات حقيقية وعميقة على أرض الواقع تكسر المسار السياسي الذي تبعها، ثم لماذا ازدهرت هذه الحركة حينا وأخفقت في أحيان أخرى على الرغم من زخم العطاء الشعبي خلفها، وكيف لم تتمكن من تطوير المكاسب التي حصلت عليها خلال فترات نضالها·

ومن أجل الإجابة عن كل هذه التساؤلات وسواها أجد أن من المهم البحث في تاريخ هذه الحركة سواء من خلال تناول الأطوار التي مرت بها والظروف التي أحاطت بواقعها الميداني من عوامل سياسية أثرت في أدائها وبنيتها·

ولعل من المفيد قبل الولوج في نقد أداء هذه الحركة الإشارة الى أن هذا النقد يستمد أهميته من جانبين يرتبط أحدهما بالتحولات الاجتماعية التي تشهدها البلاد، ويأتي في طليعتها تعرض الهياكل السياسية القائمة الى تآكل حقيقي في مصادر شرعيتها بسبب عبث السلطة، بينما يتعلق الآخر بوجود مؤشرات على رغبة أمريكية بإعادة ترتيب الأوضاع داخل الأسر الحاكمة الخليجية، ومنها الكويت بما يتواكب مع التغييرات الجارية في المنطقة·

ورغم أن تجربة الحركة الوطنية في البلاد خضعت الى تقييمات متباينة أحيانا، ومتفقة أحيانا أخرى من جانب بعض المتابعين للساحة السياسية المحلية، ومنهم من شارك في التأسيس لهذه التجربة، إلا أن الجميع بدا متفقا على أن موقف السلطة منها ظل محتفظا بالطابع "السلبي" منذ صيرورتها، مما جعل آفاق هذه الصيرورة تتراوح بين طموح الحفاظ على جذوتها "الثورية" إذا ما قارناها مع محيطها في عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم، وبين الهاجس باضمحلالها، وربما بتصفية كل أطرها في وقت لاحق·

لقد ظلت تجربة الحركة الوطنية التنظيمية والسياسية، متماسكة منذ انطلاقتها، بحيث حافظت على انسجامها، ولم تعرف طوال فترة عملها اختلافات سياسية سواء على مستوى الهدف السياسي، أو حتى على مستوى التقدير السياسي للظرفية ومتطلبات المرحلة·

وربما يكون ساعد تلك الحركة على الصمود الالتفاف الجماهيري حولها، الأمر الذي مكنها من الاستمرار السياسي والتنظيمي خلال فترات الاصطدام "الشرسة" مع الأطراف الرافضة للمشروع الديمقراطي، وربما يكون ذلك السبب الوحيد في عدم مساءلة تلك التجربة وتقييمها إلا في وقت متأخر، رغم طابع الاستحياء الذي غلب على تلك المساءلة منعها من المس بعمق المأزق الذي كانت تمر به·

ولأن هذه الحركة لم تخضع حتى للنقد العلمي بحيث يطال مجمل مفاصلها الأساسية ولاسيما ما يتعلق منها بنقاط الضعف في جسدها، وأن كل ما تم حتى الآن لا يتجاوز الجوانب الشكلية، وبأسلوب جدا مقتضب ومقتصر على الشكل والمظهر، فإن من المهم تشخيص المرض الذي ألم بحركتنا "إن صح التعبير" بشكل دقيق، وبالتالي وصف العلاج الناجع لهذا المرض "العضال"، بعيدا عن التخندق ومن غير إثارة أي حساسية أو الإساءة الى هذا الطرف أو ذاك، بل ينبغي أن تنصب الجهود والمناقشات في مجال الحوار العلمي الهادف وصولا الى مخرج مناسب لهذه الأزمة الحرجة التي تعاني منها الحركة لم شملها على طريق تحقيق الأهداف والطموحات في ظل حياة سياسية ذات بنية ديمقراطية·

لقد ولدت الانهيارات التنظيمية التي تعرضت لها الحركة بعد حل مجلس الأمة 76 والتحالف الشهير بين حركة الإخوان المسلمين والحكومة، وانشقاق شريحة من تكتل التجار الوطنيين التاريخي الكثير من التساؤلات حول وجودها السياسي وشرعيتها التاريخية والموضوعية، وضرورة استمرارها، وإمكانية تحقيق مشروعها المجتمعي، وعلاقتها ببقية المكونات السياسية، إنها أسئلة محورية تشكل مفاصل العملية النقدية التي ستعرفها التجربة، بعد الاعتداء على الدستور، أكثر من ثلاث مرات، سواء بالحل أو بالتزوير·

ويمكن إيجاز أسباب الإخفاقات التي مرت بها الحركة الوطنية في "حزمة" من النقاط يأتي في طليعتها:

أولا: يأتي الطابع الطبقي للحركة الوطنية كسبب في ضعف بنيتها، حيث كانت حافلة بالتناقض الطبقي في مختلف مراحل صراعها مع السلطة، ويغلب على قيادتها أصحاب رؤوس الأموال "الأوليجاركية" مما سهل للسلطة فيما بعد تفكيكها من خلال فتح باب التوظيف وخلق قطاع عام ضخم لضمان ولاء الجماهير، ولو كان هناك صيغة من جانب أولئك الذين أصروا في كل مرحلة من مراحل النضال الوطني على توريث القيادة، لكانت الحركة اليوم تتميز بوضع سياسي أفضل·

ثانيا: اعتماد الحركة على قوى خارجية في معركتها من أجل الحرية والديمقراطية خلال فترة نضالها الممتدة من العشرينات الى ما قبل الغزو العراقي الغاشم شكل سببا آخر لضعفها، ووقوعها ضحية هذا الارتباط عند حصول أي تسويات من أي نوع بين الأطراف التي اتكأت عليها الحركة والسلطة، في حين كان من المفترض أن تعتمد على قواها الذاتية حتى لا تعطي فرصة للتدخل في شؤونها الداخلية، وحتى تستطيع المحافظة على استقلاليتها، وامتلاكها لقرارها·

ثالثا: عدم استفادة الحركة الوطنية من مرحلة المخاض التي تلت إقرار الدستور، من خلال تحويل الأفكار الى مؤسسات حقيقية تمنع المس بالمكتسبات، على اعتبار أن دور العنصر الواعي في تلك المرحلة يتمثل في وجود الفاعل السياسي الذي يحتوي على قدر من الوضوح حولها، وعلى طرح الشعارات والمهام الملائمة وتحويلها الى واقع ملموس، سواء عبر تعبئة وتنظيم الطاقات أو بناء التحالفات المناسبة، ذلك أن دور الحركة أساسي في رسم ملامح التطورات المستقبلية، لكنها وبكل أسف مارست نقيض هذه المفاهيم، بل وأكثر من ذلك عندما لزمت جانب الصمت تجاه الانتهاك المنظم للدستور من جانب السلطة تحت ذريعة القوانين التنظيمية للنصوص الدستورية مثل قانون التجمعات والجمعيات والنقابات والنوادي والاتحادات الطلابية والتي لم تكن في الحقيقة سوى تفريغ لمواد الدستور من مضامينها، والركون بدلا من التصدي لذلك العمل الى تحميله على شماعة الزمن باعتبارها كفيلة بحل هذه الملفات، مما شجع السلطة على التمادي في هذا المشروع حتى كادت أن "تنقح" الدستور من خلال لجنتها الشهيرة، التي شارك بها للأسف بعض كوادر الحركة الوطنية، ومجلس عام 1981 الذي وافق على "التنقيح" من حيث المبدأ·

رابعا: تجاهل الحركة الوطنية لمؤسسات المجتمع المدني كجمعيات النفع العام، والنوادي، والنقابات التي سبق إنشاؤها تلك القوانين "المجحفة"، حتى أصبحت الممارسة الديمقراطية وكأنها قفز فوق الواقع الاجتماعي، مما أدى الى تحولها الى "معيارية"، وفاقدة لمقومات الاستدامة·

خامسا: انجرار القوى المنضوية تحت لواء الحركة في خطوة غير مسبوقة الى معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل تتعلق بصراع أجنحة الأسرة الحاكمة للحصول على مراكز متقدمة في السلطة، وإهمال الأهداف المنوطة بها، مع تجاهل أن ما يدور داخل الأسرة الحاكمة من صراع أمر لا علاقة للدستور به، بل هو شأن خاص بها وبالتالي دحض الأسباب الداعية للاصطفاف خلف هذا الطرف أو ذاك من أجنحة الأسرة الحاكمة في هذا الصراع، والملفت للنظر أن بعض العناصر المتطرفة داخل الحركة تجاه نظام الحكم تحولت الى عناصر "مصطفة"·

سادسا: لغة الاطمئنان التي غلبت على العمل السياسي الوطني من أن دور الحركة الوطنية انتهى بتدشين الدستور كأحد العوامل المهمة في "فتور" عملها، في حين كان من المفترض بها أن تعرف أن ذلك هو الخطوة الأولى في مسيرة العمل الديمقراطي وليست نهايته·

سابعا: الأيديولوجية "الطوباوية" التي حاولت القفز على الواقع الثقافي والاجتماعي في البلاد من منطلق يساري ويميني ومحاولة صب الناس في قوالبها الواهمة بالإكراه تحولت الى عامل آخر ضمن الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها تلك الحركة·

ثامنا: من المفارقات التي صاحبت تفكير القائمين على الحركة الوطنية اعتقادهم خطأ أن الوصول الى عضوية مجلس الأمة "البرلمان" هو أعلى مراحل النضال السياسي، حتى أن رأيا داخلها دعا الى عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية، بعد التزوير الشهير لنتائج انتخابات مجلس عام 1967، غير أن "البعض" ضرب بهذا الرأي عرض الحائط من خلال المشاركة في الانتخابات التي تلت حادثة التزوير مما أدى الى "خلخلة" بنى الحركة التنظيمية·

تاسعا: إظهار العداء الفئات الأخرى من الشعب الكويتي (بدو + شيعة) بعد عملية التجنيس المشهورة التي قامت بها السلطة لخلط الأوراق في الساحة السياسية، ومحاولة عزل هذه الفئات وتحميلها تراجع مشروع المطالبة بالديمقراطية، بدلا من استقطابهم في مشروعها الوطني، وتفويت الفرصة على السلطة لاستخدامهم كمخلب قط تجاه مشروع التحول الديمقراطي فيما بعد جعل تلك الفئات تنظر للحركة الوطنية بعين الريبة، خاصة بعد طرح الحركة لعدد من المطالب للمشاركة في الانتخابات منها شرط تنظيف الجداول الانتخابية "رفع أسماء من تجنسوا بعد إقرار الدستور"، ولو استطاعت الحركة توظيف هذه الفئات في صراعها من أجل الديمقراطية لاستطعنا توفير الكثير من الوقت والجهد·

ويمكنا بعد هذا العرض لمجمل العوامل التي شكلت ضعفا في بنية الحركة الوطنية، وحالت دون ممارستها للدور الحقيقي المناط بها وهو الحفاظ على حركة المجتمع الطامحة للتغيير متوقدة أن نضع بعض المقترحات التي يمكن من خلالها تحضير الأرضية المناسبة للعودة بقطار الحركة الوطنية الى مساره الصحيح وتتمثل في:

أولا: حل التنظيمات التي تحمل شبهة الارتباط مع السلطة أو ما يسمى في الوقت الحالي بتنظيمات "الاصطفاف"، وإبعاد جميع العناصر المرتبطة مع هذا الشيخ أو ذاك من المتصارعين على السلطة لأن تلك المعركة ليست معركة الحركة الوطنية، ثم العودة الى الحظيرة الوطنية، خاصة إذا علمنا أن هذه التنظيمات لم ترق الى مستوى الفعل السياسي المؤثرة في مجريات الوضع داخل البلاد كما أنها لم تستطع التأثير على خيارات السلطة في أي مرحلة من مراحلها، الشيء الذي أضفى على نشاطها السياسي كما مارسته وقتذاك، سمة "طفولية"، لا تقيم أي اعتبار للقوانين المتحكمة في بنية الصراع الاجتماعي داخل البلاد·

ثانيا: الالتحاق بالجماهير، والتناغم مع مشاعرها من أجل الحصول على دعمها لبلورة تنظيم وطني يتحمل عبء المرحلة المقبلة بدلا من التسابق على عضوية مجلس الأمة والذي تحول الى "هايد بارك" للتنفيس ليس إلا، مع الحذر الشديد من مقولة يرددها بعض المقربين من السلطة من أن الجماهير لا تعرف مصالحها الحقيقية·

ثالثا: ضرورة صيانة الرصيد التاريخي والكفاحي للحركة الوطنية من التزوير الذي شهدته الساحة من خلال إنشاء مؤسسات تحفظ هذا التاريخ وتقوم بتوثيقه·

رابعا: إن هذا النقد، وإن كان يتقاطع مع وجهات نظر سابقة لآخرين في نقد التجربة، فإن نتائجه لن تصل الى خلاصة تصفوية للرصيد الوطني الذي راكمته الحركة، بل سينطلق من التمسك بجوهر الفكر الحداثي، كفكر تحرري من كل أشكال الاستبداد والاستغلال، والتشبث به كأداة وطنية، للضرورة التاريخية للتغيير الذي كانت تقتضيه الظروف السياسية والمجتمعية، مع التأكيد، أن ولادة هذا الفكر لم تكن نتيجة إرادات لمطالبات معزولة، وإنما كانت نتاجا موضوعيا للتحولات التي عرفتها البلاد وقتذاك·

خامسا: إن المطلوب تحقيقه خلال هذه المرحلة من التطور السياسي، هو إعادة هيكلة الحركة الوطنية التنظيمية والسياسية حتى ولو في حدها الأدنى بالإضافة الى وضع اللبنات الأساسية للتجديد النظري والسياسي، والتجديد على المستوى الفكري، حتى يمكن تجميع الجماهير من جديد حولها·

سادسا: لقد انطلقت وجهة النظر النقدية هذه، من منطلقات مغايرة خالية من الأهواء استلهمت الواقع الحقيقي لهذه الحركة، وتوصلت الى نتيجة يمكن من خلالها اعتبار المشروع السياسي الذي نهضت عليه الحركة الوطنية، لايزال مطروحا، ولا تزال ضرورته السياسية قائمة، غير أن الانزلاقات التي حالت دون إنجازه بالتقلب بين الأيديولوجيات تارة والمصالح تارة أخرى، جعل هذه الحركة تفقد ريادتها·

ولا بد من الإشارة الى جانب مهم ربما غاب عن الكثير من اليائسين أو من يقومون بهذا الدور أن الساحة المحلية مهيأة لولادة تنظيم وطني يستلهم أفكار الحركة الوطنية الحقيقية قبل أن تصيبها يد التشويه، خاصة بعدما قامت السلطة بتلويث ضمائر المواطنين من خلال ضخ المال السياسي عند كل انتخابات برلمانية بهدف الإجهاز على التجربة الديمقراطية·

ü كاتب كويتي

�����
   
�������   ������ �����
التطرف·· من أيقظه؟ الأنظمة أم المخابرات الغربية؟
اطلبوا الحل ولو في الكويت!
الحريات الصحافية في دبي
لماذا غابت عن " جوائز الحرية " ؟
منع التحولات الاجتماعية يحرض على اصطدام الطبقات
بعد أن جيرتها السلطة لصالح مشروعها
تفعيل مؤسسات المجتمع المدني يعيد التوازن للساحة السياسية
خوفا من اضمحلالها أو تلاشيها النقد الذاتي للتجربة الديمقراطية في الكويت يحصنها من الاختراق
قضية حقوق المرأة السياسية في الكويت·· ملتبسة أم متناقضـة !!
الديمقراطية في الخليج·· الصفقة انتهت!
 

لماذا نبكي؟:
نهار النبهان
آفاق ورؤية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الاعتداء على مقر الأمم المتحدة في بغداد اعتداء على حقوق الإنسان:
المحامي د.عبدالله هاشم الواكد
الطريق إلى الديمقراطية العراقية:
عودة الضاحيü
"الإصلاح ·· هل هو حاجة؟ أم لإلهاء المجتمع عن واقع صعب؟:
عبد الهادى مرهون
خوفا من اضمحلالها أو تلاشيها النقد الذاتي للتجربة الديمقراطية في الكويت يحصنها من الاختراق:
ناصر يوسف العبدلي
تجارة التعليم:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
إما أمريكا أو الأصولية:
يحيى الربيعان
المشروع التقدمي!:
عامر ذياب التميمي
غزو فضائي على دولة الكويت:
المحامي نايف بدر العتيبي
لماذا نبكي؟:
نهار النبهان
أحمد باقر·· Gray Davis ·· البدون·· وأشياء أخرى:
خالد عايد الجنفاوي
وماذا عن البدائل الممكنة فلسطينيا؟:
د. جلال محمد آل رشيد
زوال الحليف الاستراتيجي:
عبدالله عيسى الموسوي
أسرار وخفايا الصراع في العراق:
حميد المالكي