أحمد ياسين هذا الشيخ المُقعد ذو الجسم الضئيل الضعيف الذي أنهكته الأمراض لا يستطيع الحركة، إنما يستطيع التفكير وبث الروح الوطنية والنضال في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني وحثهم على التمسك بثوابتهم الوطنية والتشبت بالأرض، إنه معوق غير قادر على القتال بالبندقية والحزام الناسف وهو بحاجة لمن يساعده لقضاء حوائجه الحياتية أي أن الآخرين يقومون بمساعدته لإتمام برنامجه اليومي من وضوء وصلاة واجتماعات وغيره من مشاغل الحياة، هذا الإنسان البسيط المتواضع الذي لا يملك الأموال ولا السلطة والمُقعد، لماذا تستهدفه دولة تملك السلاح النووي الرادع وتحظى بحماية ورعاية ودعم أقوى دولة في العالم؟
لو كان شخصاً يمكن ترويضه وتدجينه وشراؤه لما أقدمت الدولة الصهيونية على اغتياله، ولو لم يكن مؤثرا وفاعلا في نضاله ودفاعه عن قضيته لما استهدفته صواريخها وهي القادرة على اغتيال أكبر عدد من قيادة السلطة الفلسطينية وعلى رأسهم ياسر عرفات منذ زمن بعيد، لكنها أي إسرائيل اختارت الرؤوس وتركت الأذناب الطامعين للمناصب والأموال بل ساعدتهم لزيادة وتضخم أموالهم وشغلت شركاتهم عبر التعاقد معها لتنفيذ مشاريع داخل الأراضي المحتلة وأودعت أموالهم في بنوكها وأمنت لهم الحماية، هذا الشعب العظيم ابتلي بقيادة مشكوك بانتمائها الوطني للتراب الفلسطيني بدعم وتأييد عربي من المحيط إلى الخليج عطفا على القضية التي يدعي تمثيلها، وعبر التأييد الدولي إيمانا بعدالة القضية التي عن طريقها تمكن بالتحكم بمصير هذا الشعب الجبار، فهل يعقل أن يكون قائدا لشعب يناضل من أجل التحرر ويعيش معظم أفراده تحت خط الفقر وهو يمتلك مليارات الدولارات؟! فعلى مر التاريخ نجد المناضلين والثوريين فقراء لا يمتلكون هذه الأموال، فقط يمتلكون ناصية العقيدة والإيمان بالقضية التي يدافعون عنها ولا يساومون حولها·
مهما اختلفنا مع حركة حماس لا يمكن أن نختلف على إنسانية ونضال وبطولة الشيخ أحمد ياسين هذا الجليس الذي لم يكن مطلوباً منه أكثر من المحافظة على مصدر رزقه والتمكن من الحياة بسلام وطمأنينة وفق معطياته الصحية الجسدية، لكنه تمرد على واقعه وأصبح رمزا للنضال والتضحية والفداء قد يكون لصدق إيمانه دور في ذلك وهذا ما عجز عن فعله الأصحاء الذين يموتون دون أن يذكرهم أحد، فالاغتيال والاستشهاد لم يخلق من الشيخ أحمد ياسين بطلاً فهو بطل وقائد ورمز قبل ذلك، لكن المصيبة والكارثة التي نتمنى عدم حدوثها هو اغتيال ياسر عرفات وقتها هل يمكن اعتباره بطلاً وشهيداً ورمزاً؟ شخصيا لا أعتقد ذلك ورحم الله كل المناضلين الفلسطينيين·
nayef@taleea.com
|