هناك معادلة في ثنائية الشعب والسلطة مفادها (كيفما تكونوا يول عليكم أعمالكم ردت إليكم) والمقصود أن طبيعة الشعب تنتج نوعية الحاكم وسياسته، فالشعب الفرنسي وصل لمرحلة من الوعي أصبح معها لا يطيق الوضع الإقطاعي المسيطر على رقابهم، فاتحدوا مع الفلاسفة والأدباء الفرنسيين ليشكلوا ثالوث الثورة الفرنسية (الحرية - المساواة - الإخاء) وهكذا الشعب الفرنسي ينتقل من مرحلة إلى مرحلة إلى أن أصبحت فرنسا ما عليه الآن، وهكذا الشعب الأمريكي الذي وصل لمرحلة من الوعي استطاع بها طرد المحتل الإنكليزي وبعدها وضعوا الدستور وتغلبوا على أزماتهم الداخلية مثل العنصرية والكساد الاقتصادي وغيرها من الأزمات واستطاعوا أن يكونوا الدولة العظمة اليوم، ونلاحظ أن كثيرا من الشعوب الإسلامية وغيرها استطاعت أن تقاوم الاستعمار ولكن هذه الشعوب بسبب عدم وعيها ابتليت بأشباه القادة الوطنيين الذين يسرقون ثورات هذه الشعوب ويحولون الاستقلال إلى استعمار محلي ودكتاتورية باسم الوطنية مما يجعل هذه الشعوب في تخلف دائم، فهناك حكمة تقول: (شعب من النعاج ينتهي دائما الى تبني حكومة من الذئاب)، فنتوصل من هذه الملاحظات للتالي: تارة يكون الشعب يريد الإصلاح ولكن من يترأسه لا يريد، فالرئيس الفرنسي شارل ديغول يقول:(الشعوب كالجيوش، تحصل على ما تريد وأكثر مما تريد متى تولى أمورها رؤساء أكفاء)، وتارة القائد يريد الإصلاح ولكن طبيعة الشعب تحب مخالفة القانون والواسطة والمحسوبية فتكون طبيعة الشعب هي العقبة الأولى للإصلاح وكما يقول الكاتب الإسلامي خالد محمد خالد: (التقدم الحقيقي هو الذي يكون ثمرة نبوغ الجماهير لا نبوغ الحاكم)، ولذلك فإن الدولة من أجل أن تتطور تحتاج لشعب واع يريد التطور والتغيير نحو الأفضل، وأيضا قيادة واعية تريد الإصلاح والتقدم للوطن والمواطنين، وهذا ما جعل الكويت من الدول الإسلامية والعربية السباقة في إرساء قواعد الديمقراطية حيث كان لها شعب واع يطالب بدستور وبرلمان وكان لها حاكم واع هو عبدالله السالم (رحمه الله) يريد التطور للبلد، فتحققت معادلة النجاح ووضع الدستور وظهر البرلمان وبزغ فجر الديمقراطية والتقدم في الكويت قبل جيرانها، واليوم لدينا أمير جديد قد أعلن عن مشروعه في إصلاح الوضع للأفضل منذ كان رئيسا للوزراء، ولكن الأمر المهم هل المواطنون يريدون إصلاح الوضع، وجادون في تحمل نتائج الإصلاح والتطور أم يريدون الوضع كما هو عليه، أي هل يريدون فعلا تفعيل الدستور بكل مواده حتى لو تضررت مصالح البعض ممن يعيشون على مخالفة القانون أم كما نقول (الكل راح يقص الحق من نفسه)، فنحن في الكويت لدينا البرلمان الذي هو أداة ضغط لتسريع العملية الإصلاحية، فلو أن الشعب ليس لديه الوعي الكافي فمن الطبيعي أن ينتج لنا برلمانا سوف يكون أداة لإجهاض العملية الإصلاحية وعرقلتها، لأن "القطط السمان" الذين يصلون للبرلمان من خلال شراء الأصوات وغيرها من الطرق الملتوية، سوف تشكل لهم العملية الإصلاحية خطرا على مصالحهم، فالإصلاح معناه لا توجد مناقصات تأتيك من غير وجه حق من أجل ترضية هذا وذاك، وأيضا لا يوجد توزيع أراض من أجل تسكيت هذا وذاك، ولا توجد أي محسوبيات ولا واسطة ولا ممارسات غير قانونية، فعندئذ ماذا سيفعل الذين لا يجدون قوتهم إلا في مخالفة القوانين وتسيير مصالحهم ومصالح من لف لفهم؟! وعلى ذلك ليفهم المواطن، إن كنت تريد التسريع بعملية الإصلاح والتغيير والتطوير نحو الأفضل ورمي الكرة في ملعب الحكومة وإلغاء الحجة عليها فكن عونا بصوتك ودعمك للوطنيين لكي توصلهم للبرلمان وهم بدورهم سوف يكونون خير عون لمشروع الإصلاح، فتكتمل المعادلة (حاكم ينادي بالإصلاح + برلمان ينادي بالإصلاح + شعب ينادي بالإصلاح)·
machaki@taleea.com |