رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 19 يوليو 2006
العدد 1737

الصمت العربي والعدوان الاسرائيلي

بقلم عبد الله النيباري

فيما تسلط وسائل الإعلام العالمية (فضائيات وصحافة) على بشاعة وعنف العدوان الاسرائيلي مبرزة حادثة قصف سيارة مليئة بعائلات هاربة من ساحة الحرب في مرو حين وراح ضحيتها 30 فرداً بينهم 13 طفلاً، وتتكرر مثل هذه المصائب ومنها قصف مبنى على من فيه إلى درجة صعب معها استخراج جثمانهم· فيما تمضي اسرائيل في تنفيذ مخططها في تدمير لبنان وتقتيل شعبه، تمتنع الدول الكبرى (الثمانية) بقيادة الولايات المتحدة الامريكية من اتخاذ قرار بوقف حازم للقتال، وتتخاذل الدول العربية في التوصل لإتخاذ موقف بمستوى المحن التي يواجهها الشعبين اللبناني والفلسطيني·

هذه المواقف تعني شيئاً واحدا هو اعطاء اسرائيل الضوء الاخضر لإسرائيل في الاستمرار والامعان في تنفيذ خطة تدمير لبنان ومنحها الوقت الكافي لتنفيذ مخططها وتحقيق اهدافها قبل وقف القتال، بحجة اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين·

وهي ذريعة لاتغطى على أحد فمن غير المقبول عقلاً ومنطقا ان يكون ثمن اسر جنديين تدمير دولة لبنان بكاملها وتقتيل المدنيين في كافة الاراضي اللبنانية جنوبا وشمالا، فقد طال التدمير كل مظاهر الحياة والبنية الاقتصادية من طرق وجسور ومطارات وموانئ ومستودعات بترول ومصانع ومنازل تهدم على من فيها، حتى وصل عدد مايزيد على مائتين وتكبدت اسرائيل اكثر من 25 قتيل·

الاهداف المعلنة للحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان هي تصفية حزب الله على حد زعم اولمرت وتدمير لبنان كبلد منافس لاسرائيل اقتصاديا، وهي ليست اول حرب بل سبقتها اجتياح لبنان عام 1982 يوم لم يكن هناك حزب الله ثم الاعتداءات عام 1993 ، وعام 1996 ·

إن ما سماه الساسة الغربيين ووسائل الاعلام الغربية بالاستخدام المفرط للقوة ورد الفعل القاسي غير المتناسب يتجاوز اطلاق سراح الجنديين الاسيرين وهو تنفيذ لخطط استراتيجية معده مسبقاً لكسر روح المقاومة لدى العرب واجبارهم على القبول بشروطها والتوقف عن المطالبة بتحرير الاراضي العربية المحتلة·

تقول جريدة الأوبزرفر إنه بعد حادثة أسر الجنديين اجتمعت الوزارة الإسرائيلية واستمعت الى عرض رئيس الأركان والموساد وأقرت الخطط المعدة مسبقا للاستخدام العنيف للقوة، هذه الخطط على حد قول البروفيسور الإسرائيلي في جامعة باد إيلان جيرالد شتاينبرغ: "هي  سيناريوهات مدروسة لسنوات عدة من قبل الجيش الإسرائيلي وموضوعة على الرف جاهزة للتنفيذ في أي وقت"، ويقول المستشار السابق لحكومة إسرائيل جوناثان سباير: "إن أسر الجنديين أتاح الفرصة وأعطى الذريعة لصقور العسكريين لإعادة الاعتبار لسياسة الردع الصارم التي طالما اعتمدتها الدولة اليهودية الى جانب الاعتماد على المساعدة الخارجية"·

هذه السياسة الإسرائيلية هو أسلوب الدولة اليهودية في الرد العنيف على ما تعتبره مساسا بهيبتها حتى لو كان مساسا بشعرة في جسم جندي إسرائيلي·

وما يسمح للصلف والغرور الإسرائيلي باستخدام القوة الرادعة لفرض إرادتها وهيبتها، هو السند الدولي من جهة والضعف العربي من جهة أخرى·

فالموقف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي توفر لإسرائيل أشد الأسلحة فتكا، لا يرى في ما تفعله إسرائيل إلا دفاعا عن النفس وأن على العرب أن لا يفعلوا ما يزعج إسرائيل، وفي حين يطالب بوش والحكومات الغربية بإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين والتوقف عن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ولا حديث عن آلاف الاسرى العرب ولا عن قتل المدنيين شيوخاً ونساء وأطفالاً لا يتحدث عن انسحاب من الأراضي المحتلة ولا إزالة المستوطنات ولا الجدار الذي التهم الأراضي العربية وإدانته المحاكم الدولية·

يقول هنري سيجمان الرئيس السابق للمؤتمر اليهودي الأمريكي: "أنه مهما كان الرأي في ما تعمله حماس الا أن السبب الحقيقي وراء الأزمة هو الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية الذي مضى عليه حوالي 40 سنة" ومعاناة القيادات الاسرائيلية من وهم امكانية القضاء على المقاومة الفلسطينية لذلك الاحتلال من دون اعطاء الفلسطينيين خيارا سلميا لبناء دولتهم·· ويستمر سيجمان في القول إن أولمرت يعتقد كما فعل شارون من قبله بأن لا مفاوضات سلمية مع الفلسطينيين بحجة عدم وجود شريك فلسطيني للتفاوض معه، وأن إسرائيل قد رفضت الالتزام بتطبيق اتفاقية أوسلو وطابا على الرغم من قبول الفلسطينيين -وفقا لها -  باستيلاء اسرائيل على %78 من فلسطين التاريخية مقابل السماح لهم بإقامة دولتهم على %22 منها وهو ما يعادل أقل من نصف الأراضي التي قررها لهم قرار الأمم المتحدة عام 1947"·

أما الضعف العربي فهو يبرز في تخاذل الأنظمة العربية ورضوخها للسياسة الأمريكية الحامية والمدافعة عن إسرائيل في المحافل الدولية وتزويدها بأشد أنواع الأسلحة فتكا·

وتجلى موقف الدول العربية في الأزمة الراهنة عندما فشل اجتماع الجامعة العربية في اتخاذ موقف يرقى إلى الحد الأدنى المطلوب وأقصى ما توصل اليه الاجتماع هو الذهاب الى مجلس الأمن الذي منعه الفيتو الأمريكي من اتخاذ قرار بإيقاف القتال، ودع عنك إدانة إسرائيل فماذا تنتظر الدول العربية من مجلس الأمن؟!

إن موقف الدول العربية المتناغم مع الموقف الأمريكي يبدو وكأنه لأعطاء الفرصة لإسرائيل  للقضاء على حزب الله والمقاومة اللبنانية وذلك إما بتصفية لحزب الله ونزع سلاحه بالقوة أو ضرب الشعب اللبناني وتدمير سبل الحياة ومحاصرته لكي ينهض لمعارضة حزب الله، وهو أمر بات عصيا على التحقيق·

إن تخاذل الأنظمة العربية وهيمنة الاستبداد والفساد عليها من جهة والسياسة الأمريكية في مساندة إسرائيل في كل ما تفعله وتلاشي كل فرص السلام المزعوم هو الذي يهييء الأرضية المناسبة لظهور الحركات الشعبية التي تطرح نفسها بديلا عن الانظمة العربية التي لم تجن منها الشعوب الا الذل والفقر والمهانة، فالتصدي لعربدة العدو التاريخي للعرب يعطي قوى المقاومة أيا كانت توجهاتها وايديولوجيتها دينية أو غير دينية الشرعية في نظر الشعوب·

 هذه الأنظمة العربية التي تقف محاصرة للأراضي المحتلة أو متفرجة على المجازر البشعة التي تمارسها إسرائيل تناست قرارها في قمة بيروت بمطالبة إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية الى حدود ما قبل 1967 مقابل الاعتراف والتبادل الديبلوماسي، وتجاهتله إسرائيل وتمادت في سياسة الاغتيالات والاعتقالات، وبناء المزيد من المستوطنات وإقامة الجدار الذي التهم المزيد من الأرضي ورفضت طيلة هذه المدة الدخول في مفاوضات لا وفقا لخارطة الطريق ولا أي اجندة أخرى بحجة عدم وجود شريك فلسطيني·

فماذا فعلت الدول العربية غير الصمت المهين فيما الشعب الفلسطيني يسحق منذ انتفاضته الثانية في العام 2000؟!

هذا التخاذل العربي بالتأكيد هو الذي أدى الى وجود الفراغ السياسي الذي يحفز قوى إقليمية أخرى لملئه ولا غرابة أن نجد إيران وتركيا تتخذان مواقف أشد من مواقف الدول العربية في مواجهة إسرائيل·

إن استمرار هذه الحالة العربية لن تقود ألا الى تصاعد حدة الصراع رغم حرص الزعماء العرب على السلام المزعوم مع إسرائيل ورفض كل ما يهدد فرص تحقيقه·

طباعة  

فيما يواجه اللبنانيون الأزمة مكشوفي الظهر
خيار لبنان: المواجهة أولاً.. وبعدها لكل حادث حديث

 
فيما تأكد أن موقف الحكومة هو الحاسم وهو الذي ضيع الفرص السابقة
هل "الخمس" بداية لمرحلة مختلفة؟

 
هل فعلا أقصي أحمد الفهد؟
 
دعا إلى صناعة الصواريخ في محلات الحدادة
العجمي في "الإصلاح": لابد من استعادة الأندلس

 
حسابات الربح والخسارة..
صراع الفساد والإصلاح

 
"الهلال الأحمر" يحث الكويتيين على التبرع لصالح لبنان الشقيق
 
دعا الى تدخل نواب الأمة إن لم تحسمها الحكومة
خالد الخالد: تسمية شارع الدستور مسؤولية مجلس الوزراء

 
اتجاهات
 
لبنــــان
 
فئات خاصة