رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 5 ذو الحجة 1421هـ الموافق 28 فبراير 2001
العدد 1467

من وحي الناس
من وحي الناس
الجهل نوع من العلم
خالد عبد العزيز السعد

سفيرة الضوء في الليلة المظلمة·· الزهر الذي تقطف منه الفراشات والنحل طلع النوار·· تورف الضفاف على سرحة الاخضرار·· قصائدك تحمل نكهة الوطن· وكل أقمار الربيع الهائمة، وتعطين من نسغ عينيك ماء الحياة وتحملين في أضلاعك أروقة السوسن من أول عشق·· هذه حقيبة قلبي سأفتحها لانقل عرشك فيها·· توهجاً·· دفئاً·· فرحاً فأمنحيني لغة الصحو قصيدة بيضاء وأقمار النشيد الأخضر الشارد في ذاكرتي··

مشكلة "الجهل" أنه في الواقع نوع من (العلم) يستند دائماً إلى  نوع من "العقل" ويقوم أيضاً على نوع من "المنطق" إنه ليس ظاهرة بريئة تنجم عن نقص في المعلومات·· بل ظاهرة مسؤولة، تنطلق من معرفة يقينية، وتتميز بالقدرة على تسخير جميع أنواع الأسلحة لفرض حلولها بنجاح في معركة لها هدف صاعق واحد·· هو أن ينتصر الباطل على الحق بأي وسيلة وبأي ثمن·· فالجاهل ليس رجلاً محايداً بل هو في الأساس رجل متعلم، واسع الاطلاع، منحاز إلى الحق، واثق من أقواله صفته الظاهرة أنه يملك إجابة نهائية عن كل سؤال لأن معلوماته مستمدة في رأيه من مصدر علوي غير قابل للخطأ·

في مواجهة رجل من هذا النوع يفقد المنطق هدفه ومعناه ويدخل الحوار في باب الجريمة، وتمتلك الأفكار سلطة بوليسية حتى تصبح كل فكرة على حدة مجرد شرطي في بدلة الشغل·· يجوب الشوارع حاملاً عصاه لحفظ الأمن والعلم معاً· سبب المحنة ومحتواها إن كلمة "العلم" في قاموس العرب·· "ان كان هناك لهم قاموس" لا تؤدي معناها المألوف، وخلال قرون طويلة من ممارسة هذا العلم المفتقر إلى منهجية العلم كان على الثقافة العربية  أن تعايش تجربة الجذب المستمر بين مصدرين متنافسين للمعلومات المتناقضة·

الأول: مصدر العلم التجريبي الذي بدأ مسيرته في بلدان غرب أوروبا منذ عصر "داروين" على الأقل، ونجح في استبدال منهج الكنيسة القائم على تفسير الكتاب المقدس بمنهج تجريبي جديد·· لا يعتبر التفسير علماً، ولا يقبل نتائج البحث إلا إذا ثبتت في ضوء التجربة·

الثاني: مصدر التفسير الغيبي بقي في معزل عن النقد بفضل قدرته المتزايدة على تسخير سلطة الدولة لقمع النقاد بالقتل والتشريد منذ عصر الحلاج حتى الآن·· بين هذين المصدرين المتناقضين لحقائق العلم الأساسية يواجه العقل العربي المعاصر محنة الحياة بوجهين في رأسن مدهوش واحد، وهي محنة تتجلى في المدارس  بالذات التي تحولت إلى ساحات مفتوحة لشد الحبل بين ثقافتين رسميتين كلتاهما تعيش على حساب الأخرى· إن المبارزة تجرى يومياً في كل كتاب مدرسي·· فمثلاً في درس التفسير يقال للطالب العربي إن مبدأ النشوء والارتقاء ليس حقيقة علمية،  لكن الشيخ المفسر الحرفي يرويها من باب المعرفة بتفاصيل التاريخ أملاً أن يقوده منهج التفسير الحرفي إلى كنز العلم الالهي·

وفي درس العلوم يدرس الطالب حقائق علمية ولكنه في ذات الوقت يدرس أحداثاً غيبية لا سند لها من العلم·

ومثلاً في الدروس يعرف الطالب كثيراً من الحقائق العلمية التي تلغيها أحداث وممارسات غيبية وفي زحام هذه المعلومات المتناقضة يعايش الطالب العربي في كل مدرسة عربية على حدة تجربة مستحيلة للتوفيق  بين منهجين للمعرفة كلاهما يدعوه للشك في مبدأ الآخر·

الأول: منهج إنساني يلتزم بوسائل العقل·

الثاني: غيبي ينكر حاجة العلم إلى العقل·

وبين هذين المنهجين المتناقضين لا يملك الطالب العربي خياراً آخر سوى أن يدخل طائعاً في قلب الدوامة، بينما المدرسة الحديثة في الشرق والغرب لا تعتبر تفسير الكتب المقدسة مادة علمية ولا تضم درسا للتفسير أصلاً·· فمنذ عصر الثورة البروتستانتية في القرن السادس عشر كان الأوروبيون اكتشفوا أن العلم لا يستطيع أن يكون مقدساً من دون أن يخسر صفة العلم وكانوا قد نجحوا في فصل المدارس العامة عن الكنيسة وأعادوا صياغة المنهج التعليمي·

فعلم  التفسير لا يصدق "ان القرآن المقدس بيان للناس" بل يعتقد أنه يضم جميع أسرار العلم في التاريخ والفلك والجغرافيا والأحياء، وأن كل ما يحتاجه الشيخ المفسر لكي يفتح هذا الكنز المجاني من المعلومات وهو جالس في بيته الدافئ ويفسر نصوص القرآن علي هواه ومعارفه وهي فكرة لا تستند على القرآن نفسه·· إن الإنسان المقلوب على رأسه·· يخسر رأسه ورجليه معاً، والخطأ الذي ارتكبته الحكومات العربية منذ محمد علي أنها تعمدت أن تجعل المفسرين ينطقون لخدمة أغراضها الإعلامية في لعبة خطرة ما لبثت أن أعطت المفسرين صوتاً لا يملكونه·· إن حصيلة الجهل النهائية جهلها حاصل من دون نهاية، إنه دعوة للشرع الجماعي مهمته أن يبيد الإقطاع ويضع نهاية لسيطرة الخرافة على عقول العرب بالذات، وما دامت ثقافتنا العربية تتعمد تجاهل هذه الحقيقة فلا مفر من أن تصاب بالعقم وتنقسم بين رجلين عقيمين·· مثقفين من دون ثقافة وكلاهما أكذوبة من دون مستقبل·

سيدة الندى يا قمرا من الأشواق·· يا نشيداً يستدير على الزمان يصل الغصون بجذورها، يكسو في حبك عشباً وهواء·· يرفعني من أنقاضي·· أعلق لك كوكباً في أفق وأجلس في الحنين حاضناً صوتي·· يا سيدة القرنفل والبياض العذب يعبرني الحنين إلى الحنين آه لو تعلمين؟!

�����
   

سقوط الإعلام الرسمي:
محمد مساعد الصالح
معاناة الشعب العراقي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
التحرير مجدداً!:
د.مصطفى عباس معرفي
قمة الغباء يا صدام:
يحيى الربيعان
الأرقام الكاذبة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
معضلة السياسة السكانية:
عامر ذياب التميمي
غيوم في السماء البحرينية:
سعاد المعجل
زيارة باول:
أنور الرشيد
خوش.. أئمة وعلماء:
مطر سعيد المطر
من وحي الناس
الجهل نوع من العلم:
خالد عبد العزيز السعد
ملابسات اختيار عميد كلية التربية الأساسية:
د. عبدالله محمد الوتيد
علي صدام حسين على نهج أبيه ووالدته وأخيه..!:
حميد المالكي