رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20-26شوال 1410هـ - 26يناير-1فبراير2000
العدد 1412

من وحي الناس
من وحي الناس
زمن يذبح ذاكرة الكلمات
خالد عبد العزيز السعد

من يدق الباب في آخر هذا القرن·· ونحن الذين توارينا خلف الكلمات في الألفية الثالثة·· وتنازلنا عن الأشواق، وصرنا نبحر في الوهن·· نوزع الصدى·· فكان في الظمأ كتابة السؤال كيف نغسل وطنا عائدا لتوه من جنازة حرب؟؟ وجهة بحر هجرته مياهه فارتد الى الأعماق في الأعماق·· ارتطم بتضاريس صخر أخرق فانكسر، وتشظى دمه وانجرحت مرايا الأعماق البيض بلوراً، ودما··!! وتخلفا، وغيابا، وخوفا يكبر فينا·

ليس العيب أن يستخدم العاقل عقله في الاتجاهات كلها، ولكن من العيب أن يتم توظيف زبدة العقول في تضليل الناس، وترسيخ الظلم· وخدمة القضايا الجائرة خصوصا حين يتعلق الأمر بأزمان سياسية وحضارية أثرت على عدة أجيال، وتركت بصماتها على كل الأصعدة·· النكسة التي حدثت عام 1967 يطلع علينا المفكرون المخصصون بتحليلاتهم، وأسباب حدوثها، ونتائجها دون أن يجرؤوا على الإشارة الى السبب الرئيسي الذي قادنا الى كل الهزائم، والنكسات··· هؤلاء الذين يتجاهلون أبسط الفكر السياسي الحر الذي يقوم على إنصاف المحكوم من الحاكم·· والتحيز للحقيقة مهما كانت مرارتها·· إن ما يقوم به بعض مفكري الأنظمة لإنصاف القيادات السياسية على حساب الشعب لا يثير الشبهة والاحتقار فحسب بل يشعل معهما الغيظ والغضب على الحالة التي وصل إليها الفكر على أيدي فئة تستخف بالعقول وتمتهن كراهة المنبر والقلم· وتستبد بالرأي وتلغي حرية التعبير لدى الآخر·

كل الأمم خسرت وانتكست، وعرفت كيف تخرج من أنقاض الهزائم، وتعيد بناء نفسها·· باستثناء أمتنا العربية التي لا تخرج من ورطة إلا لتقع في أخرى أقبح منها وأقسى وجعا، وانسحاقا بسبب استمرار طلائعها في ممارسة الدجل وخداع الذات·

رغم أن ألمانيا خسرت حربيها الأولى والثانية، وخرجت منهما مدمرة مقسمة لكنها نجحت في أقل من عشرين عاما أن تصبح قوة عالمية وقوة اقتصادية يحسب حسابها·· فما هو ذلك السحر الألماني الذي لم نجرب أن نفهمه؟ ولم نحاول الاستفادة منه رغم سنين نكستنا الطويلة وفواجعنا العمياء من أكف الإرهاق والدوار·· وحالنا أكثر تمزقا وتخلفا من حالنا أيام النكسة والنكسات التي تلتها ونحن نهرول نحو السلام مع إسرائيل فالباحث عن السلام مع إسرائيل، كالباحث عن إبرة في رمال الصحراء·· فرضت عنفها المخيف في "أوسلو" وجاء دور وغد الأمة العربية صدام حسين، وغزا الكويت الذي أعطته من المزاد المستحيل·· فكسر الضوء في عين الوطن، ومزق أضلع الوطن العربي وتبارت بعض القيادات الخائنة لتكون مسّاحة وحذاءة ويحتضنونه بالقبل الحارقة شماتة بنهار الكويت المذبوح··

فالقطب المختل في المعادلة العربية هو في قياداتها، وليس شعوبها كما يحاول أن يوحي بذلك بعض الكتبه، والأبواق الدعائية الرسمية التي ما تزال تفترض أنها قوية الى الحد الكافي الذي تواصل معه عملية الاستغفال دون أن تجد من يتصدى لها ويكشف مراوغاتها وأباطيلها!!

إن رد إصبع الاتهامات الى صدر بعض البطانات الحاكمة ومفكريها ليس كلام مشبوهين، ولا مغرضين بقدر ما هو قناعة يدركها الأمي والمثقف، وكل من يمتلك القدرة للرجوع الي بوصلة الضمير·

مشكلة العرب في القمة وليس في القاعدة، وفي القيادات، ومراكز صنع القرار وليس في تركيبة الشعوب·· إن الشعوب مخلصة دائما للتراب·· حتى وإن رجّ دم الأرض بعض الخراب·· هي اللوثة العصبية·· والجواب يموت في بلاد الألف قهر وقهر·

لقد هرولوا الى السلام مع إسرائيل التي توسعت حدودها في الحروب المتتابعة حتى ضمت كل فلسطين وأراضي عربية في سوريا، ولبنان··· أما الفخ الحقيقي والمخيف فهو في أن منظمة التحرير وبعض الدول العربية أوصلتنا إلى طريق الذلة، والوجع السكيب·· يتسع ابتعادا في الأفول والتشرذم والتيه·· ننتعل الشقاء خلف غمر من ظلام·· فتحوا لها الحدود العربية وأقاموا السفارات، والقنصليات، وتقايضوا معها في التجارة، وكأنهم في سباق محموم لكسب ودها، وصداقتها، والدم، والجو أسود، واعتراف يترنى به الليل المدجج باليباس لتطوف بها نطفة الرؤيا العقيمة·· لقد عقد العرب ثلاثة وعشرين مؤتمرا من عام 1964 وحتى عام 1996 فماذا كانت نتائج هذه المؤتمرات إلا مؤتمرات للسراب، وتخدير للشعوب العربية، وماذا كانت تخرج به من توصيات سواء كانت خواتم من لهب أم تسفا من رمل الرماد فتكاثرت فيها السموم والخيانات وزيف تغادر من ممرات الصالات والقصور والفنادق المتهاوية والضحكات والنكات السمجة وأحيانا التقصبيات·· ماذا كانت تخرج به هذه المؤتمرات الثلاثة وعشرين مؤتمرا غير الميل جهة الظلام وخواء يسقط بعضه بعضا ورجمنا بتوصيات من العقم وزيف يقشر زيف الرؤى والرؤية، والمنام على أرائك من الذهول·

إن فساد أهل القمة، ومحاولاتهم الدائمة لإفساد ذاكرتنا، وإفساد أكبر عدد ممكن من القاعدة ينذر بنكسات لا تورث أجيالنا وأمتنا إلا العذاب والاحتراب لوحة ناطقة حتى الصراخ·· إن "نتنياهو" "وباراك" "وبيريز" وغيرهم من الليكود أو العمل ذئاب ظامئة للدم العربي وها هي دماء "قانا" في جنوب لبنان لم تجف وها هي لاءاتهم ومستوطناتهم تقهقه في سماء الأمة تحمل قلبا من الحقد والتعصب اليهودي وخلفه النار والموت والدماء العربية فالنظام الإسرائيلي يرأسه هؤلاء الذئاب والثعالب مثل حالة القوس المشدودة قوة وحيوية، وفيه الإنسان الصانع والمعارف والمنتج، ويتمتع باقتصاد حر متقدم بتقنية عالية وترفده أكبر دولة في العالم وقوانين تنظم أوجه الحياة وديمقراطية تمد لسانها لأنظمتها العربية ومتخمة بالسلاح والجامعات ومعاهد الدراسات والمعلومات الاستراتيجية وتخترق بصناعاتها حتى دولنا المتخلفة ولها الصروح العلمية·· شعارهم بالدم والنار سقطت يهوذا وبالنار والدم ستنهض يهوذا ثانية·

بينما الأمة العربية يسودها التفكك وضياع الاتجاه والتناحر، وتحكم معظمها أعراف القبيلة والعشيرة بلاد لا تعرف الحرية، وتحكم بالاستبداد والبيروقراطية والمخابرات والرشوة انحطاط من فسيفساء في تبرج مضحك ونصف سكانها على حافة الفقر والجوع والثمانين بالمئة أمي يعيشون ليومهم يجيئون مثل الطيور الأخيرة بقعة من دم ولا يعرفون غدهم، وهويتهم، ومستقبلهم معلق في الهواء··

إن الأمة العربية في خطر·· وشوارع الأيام مطفأة العيون·· وهذا الصمت يفزعنا ويلقينا على جثث الزمن المنهل كسفينة معطوبة أرست على الدموع، أرست بلا قلوع··!!

فلا بد من أن نتعدى هذا الوضع·· من تاريخ الغبار والغباوة·· ومصارحة الذات·· ومحاصرة بؤر الفساد، وتعميق الحرية والديمقراطية، وإعادة النظر في كثير من لهجة الزمن المتضائل·· واجترار الماضي والمجد الذي كان لا بد من تغيير النظرة الى واقعنا الاقتصادي وتبني سوق عربية، وإعادة النظر في استراتيجية التعليم الرثة، وبناء الجسور بين أبناء الأمة ومثقفيها·· لوضع تصور متكامل عن كيفية النهوض بهذه الأمة التي تواجه الآن أخطر مراحل تاريخها··!

إن مؤتمر القمة الأخير الثالث والعشرين الذي عقد في القاهرة في 21-23/6/1996 مؤشر جيد لوقف ذلك التداعي والانجراف والدمار والمدن القتيلة الملقية على أرصفة الحياة والهزائم·· لنرجع نزرع الصوت لا لمن يقول لا·· ونمد طبق المحبة لكل المخلصين ومن يشاركوننا رحلة الاجتياز، وصوتنا الجديد والعنيد· فإما أن نكون أو لا نكون!

ونعد أنفسنا لعدو شرس ليوم طغاة الجو والبر والبحر، وتنهض فينا عواصم الغضب!!

 

* * *

 

سيدة الندى خطوط كفيك بلا نهاية، وقلبك مفتوح بمصراعيه والغول في الحكاية يرميك بالليل والظلام، وأنت سمراء الخيل والبحر والسهرات في شرفات البيوت·· كل الغيوم تفر منك الى فمي·· إنها تمطر الآن حزنا تفكفك ازرار قمصانها عروة عروة·· تتعرى·· كدت أضيع مع الدمع·· والدمع يهطل حبرا، ونهرا من الشجن·· حدثتني إنها ستمطر فرحا·· وغناء·· وقد طيرت لعينيك عصافير الهوى الوردي·· لقد قضينا عمرنا نفتش عن بعضنا·· وها نحن نسقط فوق ربيع عمرنا·· فأنا قررت أن أسقط رأسي فوق وسادة صدرك واهتف: زيديني من هذا الحب فأنا عطشان··!

�����
   

رسوم في الحياة وفي الممات:
محمد مساعد الصالح
"أركان" ونهاية ظالم:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
حرب البسوس:
د.مصطفى عباس معرفي
علاء حسين.. صدام حسين:
يحيى الربيعان
أزمة إعلام!:
عامر ذياب التميمي
الزواج العرفي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
مجتمع بلا جريمة!!:
سعاد المعجل
من وحي الناس
زمن يذبح ذاكرة الكلمات:
خالد عبد العزيز السعد
مشاهد وتساؤلات حول واقع ومستقبل الخدمات الصحية:
برجس حمود البرجس
العراق بين يديك
الاغتيال الصامت يجتاح العاصمة بغداد:
حميد المالكي
سوق السياحة... الرائج:
فوزية أبل