Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 ذي القعدة 5 ذي الحجة 1419هـ - 17-23 مارس 1999
العدد 1369

من وحي الناس
البناء التنظيمي لوزارة التربية.. هل حقق أهدافه؟
خالد عبد العزيز السعد

تزايد أهمية التربية نظراً للظرف الحالي الذي تمر به التربية في غروب القرن العشرين وبزوغ القرن الحادي والعشرين عصر الثورة التقنية الثالثة، وقد حاولنا في مقالات سابقة أن نلقي الضوء على البناء التنظيمي لوزارة التربية، وقد قصد بهذا التنظيم لتحقيق أهداف التعليم، وأغراضه بما يتوافق والثورة العلمية المتقدمة·

وقد وردت في صفحة 9 من القرار الوزاري رقم 94/42 بتاريخ 1994/4/11 تحديد أهداف ومهام هذا التنظيم الهيكلي الذي شبهته مرات عدة بأنه أقرب ما يكون الى مصنع لتعليب المعلبات، وليس للنهوض بالعملية التربوية وتهيئة الفرد والمجتمع لحقائق وديناميات عصر جديد·· عصر التغيير المتسارع عصر الانفتاح الإعلامي الثقافي الحضاري·· عصر تغير الأهمية النسبية لقوى وعلاقات الإنتاج· لأنه يفتقد الى أبسط ما تحتاجه التنظيمات التربوية من البعد عن الروتين، والتعقيدات والتشابكات في العمل التربوي، وتضخيم القطاعات التي تجمد الحركة ويشلها ويقتلها تحت مطلب الأنانية المفرطة، والذات المحطمة والمتناثرة لجمع أكبر ما يمكن من الصلاحيات والإدارات والسيطرة والقوة المتوهمة· رغم أنها لا تعني إلا قاع خوفه العقيم·

لقد تحددت الأهداف بالاتي وسأورد بعضا منها:

1 - الترجمة العملية لطموحات بناء الإنسان الكويتي وفق المنهج العلمي في التفكير، وقدرات الطلاب في مختلف المراحل الدراسية·· الخ·

2 - فتح أبواب الثقافة العالمية للطالب الكويتي في إطار الثورة العلمية والتقنية القائمة في مختلف المجالات، والاهتمام بالتراث العربي والإسلامي وتوظيفه في خدمة السمو الروحي، وترسيخ القيم الأساسية، والانتماء للوطن·

3 - دعم وتطوير المدارس والمعاهد الدينية، ومراكز تعليم الكبار بصورة مستمرة ومتجددة بما يواكب التقدم العلمي والتقني، وتطوير نظم وسياسات التعامل مع العناصر المتميزة من الطلاب والمعلمين والإداريين لتنمية دوافع الإبداع وتطوير الأداء·· الخ·

4 - التوزيع المتكافئ للخدمات والأنشطة التربوية والتعليمية بين مختلف المناطق··الخ·

5 - توجيه المزيد من الاهتمام نحو إعداد الكوادر البشرية الوطنية العاملة في المجالات التربوية المختلفة، ورفع كفايتها، وتطوير قدراتها مع تقليص الاعتماد على العمالة الخارجية·· الخ الى غير ذلك من الأهداف· ولكن السؤال ما زال معلقا ومصروخا في وجهه· هل هذا البناء التنظيمي للوزارة الأخير لعام 1993 قام بتحقيق تلك الأهداف التي أشرنا إليها؟ أو في حتى جزء منها؟ لكن الإجابة الصريحة والدامغة تصدمنا بصخرة الواقع الأليم، وهي أن المحاذير التي كنا ننبه إليها أولئك السادة القائمين على تطبيق هذا البناء التنظيمي أن لا يستعجلوا لحظة التوهم الخطرة، ولا الآمال ولا الطموحات من هذا التنظيم لأن من أهدر التنظيمات السابقة وخصوصا الأخير منها ومنذ عام 1979 حتى تلقفه مكتب استشاري ووضع هذا التنظيم الذي لا يصلح إلا لمؤسسة للتعليب أو بعض الصناعات ولم يضع في اعتباره متطلبات العمل التربوي وخصوصيته وأخرج الى حيز التنفيذ بالقرار الوزاري رقم (57) وحدد جميع اختصاصات وزارة التربية التي تعتبر من أكبر وزارات الدولة بقطاعاتها المختلفة، وحددها بأربعة قطاعات:

أ - قطاع المعلومات والتخطيط· ب - قطاع التنمية التربوية· ج - قطاع الشؤون التعليمية· د - قطاع الشؤون الإدارية والمالية·

وبسبب الضغط غير المبرر والشديد في قطاعات الوزارة وتحديدها بأربعة قطاعات أدى ذلك الى التداخل في وحدات العمل، وازدواجية حلزونية شديدة التعقيد والارتباك في قنوات العمل، وبين المناطق التعليمية والإدارات في ديوان الوزارة "وربما كان الهدف هو تقليص الإدارات والمراقبات والأقسام، ولكن الذي حدث عكس ذلك تماما فبدلا من أن تكون ثلاثين إدارة في ديوان الوزارة تتبعها مراقبات وأقسام فقد تراكم العدد في المناطق التعليمية فكل منطقة تعليمية أصبحت وزارة تربية أخرى من مدير عام المنطقة التعليمية الى ما يتبعه من مدراء الشؤون التعليمية·· فالشؤون الإدارية فالشؤون القانونية·· والأنشطة المدرسية·· الخ ثم ما يتبع هؤلاء المدراء من مراقبين بعددهم وأكثر والى رؤساء أقسام·· بل الأمر الذي يتعدى هذه الحدود أن هناك وظائف ليس لها توصيفا وظيفيا، ومعرفة حدود صلاحياتهم وإنما يطلق عليها وحدة ·· وحدة ماذا وما حدودها، وما معناها إلا في الأجهزة والمؤسسات الصناعية حين تقول وحدة الكهرباء أو وحدة التبريد الى غير ذلك"·

ومن هنا نبع التداخل، وفقدان الآلية، وانسياب العمل، وانسداد القنوات وكثرت التواقيع على المعاملة الواحدة، وأصبحت الوزارة في حالة مقيتة من البيروقراطية، وضآلة الإنتاج، والبطالة المقنعة، حتى وكأن الوزارة ليست هي التي ترسم السياسات التعليمية والتخطيطية، والنشاطات المدرسية والتربية البدنية والتقويم والقياس من خلال القصور العام للمجلس الأعلى للتعليم (الذي أوقف نشاطه وقتا) ومجلس الوكلاء الذين يقع عليهم دراسة هذه المهام والتخطيط لها في ضوء سياسات الدولة إن كان للدولة سياسات تربوية محددة مبرمجة، وواضحة المعالم والأهداف تتلاقى وتنمية المجتمع ككل، وترفد سوق العمل بما يحتاج إليه، وتفتح مجالات جديدة من ظروف المجتمع، وتتجاوز مصالح الأفراد كحياة ذاتية زائلة، فالمجتمع قبل الفرد وبعده في المشكلة في هذا العصر أن يعيش الوطن في مقاييس العصر أو لا يعيش· والعيش بمقاييس العصر حياة مخططة، ومصنوعة تنهض بها مفاهيم وتصورات وكفاءات وقدرات، وقيم واتجاهات، وهذه كلها ثمرة علم وتعليم، واختلال ذلك كله هلاك، وعدم، ولم يعد على ظهر الأرض - كما كان في الماضي - مكان لأمة ترضى أن تعيش في فوضى ونقص لأن النقص يجر بعضه حتى تفقد الأمة مقومات وجودها ومن ثم لا تستحق الوجود·

لهذا أصبحت التربية تكمن اليوم وراء السياسة، وأصبحت المشكلات بصفاتها الدولية والقومية والإقليمية ذات طبيعة تربوية أكثر منها سياسية وأصبح مقياس التفاضل بين الأمم يرتبط بالتربية، وهي التي تميز بين أمم قوية وأمم ضعيفة·· متقدمة ومتخلفة·

من هنا يقفز القلب والعقل المدّمَي والآمال الكبيرة التي جاءت مع الأخ العزيز الدكتور أحمد الربعي وزير التربية تدفنها الرمال الصفر، وإذا بصوت هذا العصر حنجرة يجرحها الصدأ، وإذا الحزن يعتقل قلوب وعقول كل الناس الغيورين والشرفاء· وإذا بالأمل التربوي حاضنا لغة الخطر، وإذا بذلك الإنسان الذي حسبناه سيدخل التربية في القرن الحادي والعشرين ويعطيها من فكره وتفتحه وقدراته وإمكاناته المتعددة ما يجعلنا نواجه أنواع التحديات التي تفرض علينا، ويركز على الكيف قبل الكم·

ولكن التربية بوزيرها الأخ الدكتور أحمد الربعي فقدت الرؤية وقد صاحب هذا انفصام خطير بين النظرية والتطبيق بين الوجدان والبناء التنظيمي الأخير بين الفكر العلمي والمنهجية العلمية وقد زاد التصدع سوءا تلك الفوضى والجدار الذي أقيم بين الوزير، وبين كثير من التربويين المخلصين وأصحاب التجارب الكبيرة ولكن يصدق قول الشاعر في هذا المقام حين قال:

وقد أعرتك أذنا غير صاغية

ورب مستمع والقلب في صمم

المهم أن كارثة هذا التنظيم كرسي البيروقراطية· والروتين، وتعدد إجراءات المعاملة الواحدة، وضياع الاختصاصات، والصلاحيات، ولم يراع الأغراض والأهداف التربوية وانسياب العمل في مرفق من أهم مرافق الدولة، وهو بناء الإنسان وخلق بيئة مدرسية جاذبة، ومعلما مقتدرا، وتدريبا مكثفا وإدارة مدرسية متطورة، وتراكم تطورها·

أي أن هذا التنظيم الهيكلي للوزارة "بهرمها المقلوب" ما وضع إلا من أجل الطالب والمدرس وتصحيح مسار البيئة المدرسية، وبناء الشخصية التي تعيش بالعلم، وتفكر بالعلم، وتطوره·· أي المحتوى النظري لا يلغي المنهج المحوري والمنهجي·· أي أنه يتفاعل مع الأشياء في إطار منهجي علمي عقلي لا أن تتحول عقول أبنائنا الى قوالب لا شأن لها بالتفكير العلمي وتطوير الحياة والابتكار والإبداع حتى يزاد القالب مع الأيام تسطيحا، وضحالة·· ومما يؤكد أيضا أن واضعي هذا البناء التنظيمي قام به منظرون أكاديميون، وقد خلا تماما من الحس التربوي، وخلا أيضا من أية مساهمة فيه من القياديين التربويين ذوي التجربة والمعايشة لأوضاع التربية، والخبرة المتعمقة لقضاياه·

�����
   

مللنا مسائل الحيض و"المسواك" وتقصير "الدشاديش":
مسلم صريح
الدواء المر:
محمد مساعد الصالح
وعود أمريكية وإعدامات عراقية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الواردة:
د.مصطفى عباس معرفي
تهانينا للمرأة القطرية:
يحيى الربيعان
البناء التنظيمي لوزارة التربية.. هل حقق أهدافه؟:
خالد عبد العزيز السعد
البعد السكاني للتنمية:
عامر ذياب التميمي
النصف الأعذب:
إسحق الشيخ يعقوب
اللجنة الاستشارية ومشاريعها الانفصالية:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة التاسعة):
محمد سلمان غانم
التدمير الذاتي:
أنور الرشيد
التاريخ يعيد نفسه
...في ظل دكتاتور العراق..!:
د· بدر نادر الخضري
مشاهد من كردستان المحررّة!:
حميد المالكي
مجلس تشريعي أم شرعي؟:
فوزية أبل